29 تشرين الثاني 82 عاماً على سلخ لواء الإسكندرون و74 عاماً على قرار تقسيم فلسطين
سماح مهدي*
مع بداية متابعتنا للحلقات الإذاعية بصورة رسمية في منفذية الطلبة الجامعيين في بيروت، كان من الطبيعي أن تبدأ الطريق الطويلة بشرح مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي: الأساسية التي تختص بالعقيدة القومية الاجتماعية، والإصلاحية التي تختص برفع مستوى الأمة، فتؤلف تلك المبادئ كلها قضية واحدة هي قضية الأمة السورية وسيادتها واستقلالها وارتقائها.
في المبدأ الأساسي الأول «سورية للسوريين والسوريون أمة تامة» تستوقفك في شرحه من قبل مؤسّس الحزب الشهيد أنطون سعاده مجموعة نقاط.
فسعاده أراد من هذا المبدأ أن يرسّخ في نفوس المقبلين على الانتماء إلى صفوف الحزب سلامة وحدة الأمة السورية، وسلامة وحدة وطنها، وانتفاء كلّ إبهام من الوجهة الحقوقية في أنّ السوريين أمة هي وحدها صاحبة الحقّ في ملكية كلّ شبر من سورية والتصرف به والبتّ بشأنه.
كما حرص سعاده من خلال المبدأ ذاته على تكريس قاعدة أنّ الوطن ملك عام لا يجوز، حتى ولا لأفراد سوريين، التصرف بشبر من أرضه تصرفاً يلغي، أو يمكن أن يلغي، فكرة الوطن الواحد وسلامة وحدة هذا الوطن الضرورية لسلامة وحدة الأمة السورية.
وجزم سعاده الأمر في شرح هذا المبدأ عندما ثبت المدماك الرئيس بقوله «كلّ سوري يرغب في أن يرى أمته حرة، سائدة، مرتقية يجب أن يحفر هذا المبدأ على لوح قلبه حفراً عميقاً».
بالفعل حفرناه، لذلك يرانا أبناء أمتنا وأبناء الأمم الأخرى نعطي تاريخ التاسع والعشرين من تشرين الثاني اهتماماً خاصاً. ففي ذلك التاريخ من العام 1939 تمّ سلخ لواء الإسكندرون عن أمتنا السورية بمؤامرة جمعت سلطة الاحتلال الفرنسي بالحلم الطوراني التركي التوسعي مدعومين ـ للأسف الشديد ـ بتخاذل من بعض أصحاب القرار ممن يحملون الجنسية السورية لكنهم لم ينالوا شرف الانتماء إلى هذه الأرض المقدسة.
وفي التاريخ ذاته من العام 1947 صدر عن الأمم المتحدة القرار رقم 181 الذي قسم سورية الجنوبية ـ فلسطين إلى دولتين: أعطيت إحداهن ذات المساحة الأعظم إلى عصابات الاحتلال ليقيم عليها كيانه الغاصب.
لا يختلف اثنان على أنّ الاحتلال الفرنسي أراد تحقيق مصالحه مع تركيا، فكان الثمن تآمراً مع الحكومة التركية «بإهدائها» لواء الإسكندرون السوري. فيما تحققت المصلحة البريطانية «بتنفيذ» بوعد بلفور المشؤوم عبر تقديم أرض فلسطين على طبق من ذهب إلى العصابات اليهودية.
في هذه اللحظة الدقيقة من تاريخ أمتنا السورية، هناك من يطرح علينا سؤالاً يراه محرجاً: هل تعتقدون بأنكم قادرون على تحرير تلك الأرض المحتلة واستعادتها إلى سيادة الأمة السورية؟
فنجيب نحن: إننا مؤمنون بأننا لو أردنا أن نفرّ من النصر، لما وجدنا إلى ذلك سبيلاً. فالقوة الصغيرة ـ لكنها المؤيدة بصحة العقيدة ـ تمكنت من خلال مسدس الشهيد خالد علوان أن تحرر بيروت من دنس الاحتلال. وإيمان عال من أهلنا المقاومين في فلسطين المحتلة مكّنهم خلال معركة سيف القدس من تحرير مدينة اللدّ خلال 24 ساعة، فلم يبقَ فيها مغتصب واحد.
وقتال بطولي جمع رفقاءنا الأبطال في نسور الزوبعة مع فصائل وأحزاب مقاومة أخرى كتفاً إلى كتف مع جيشنا القومي ـ جيش تشرين، قتال كان كفيلاً بتحرير مساحات واسعة من الأرض التي احتلها التركي هو والعصابات الإرهابية التي تأتمر بأوامره وأوامر سواه.
تحرير فلسطين ليس مستحيلاً، واسترداد الإسكندرون ليس بعيداً، إنهما أقرب مما يظنّ محتلهما. فما ضاع حقّ وراءه مطالب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ