مآخذ على «الفسابكة» و«فايسبوك»
أحمد طيّ
عادت زاوية «دبابيس» بعد غياب اضطراريّ لأسبوعين. عادت لتسجّل الملاحظات على أمورٍ تهم المجتمع، الشباب، والبلاد عموماً.
ملاحظات اليوم سمحت لنفسي أن أسمّيها مآخذ، هي مآخذ على روّاد موقع «فايسبوك» للتواصل الاجتماعي، وعلى إدارة الموقع ذاتها، علّ الصوت يصل، وعلّ الملاحظات المآخذ يؤخَذ بها.
بدايةً، يلفتني منذ مدّة طويلة، قيام «الفسابكة» بوضع علامة «إعجاب» أو «أعجبني» أو بالإنكليزية «Like»، على أمور لا تحتمل الإعجاب أو عدمه. على سبيل المثال، يكتب أحدهم: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون، توفي جدّي أمس». فنرى علامات الإعجاب تهطل على ما كُتب كالمطر. وهنا نسأل «المعجبين»: ما الذي أعجبكم في موت جدّ صديقكم؟ ما الذي يعجبكم في كون صديقتكم مريضة عندما تصرّح بذلك مرفِقةً تصريحها بوجه حزين؟ ما الذي يعجبكم في خبر عن حادث سير أدّى إلى وقوع ضحايا؟ ما الذي يعجبكم في حلول كارثة طبيعية في بلدة ما؟
لماذا الإعجاب؟ علامَ يدلّ؟ هل تقصدون من خلال نقركم على علامة «أعجبني» أنّكم تشاركون أصدقاءكم مصابهم؟ ألا يجدر بكم ألّا تضعوا علامة الإعجاب وأن تكتفوا بتعليق صغير؟
ونبقى في الإعجاب وعلامته، إذ يكتب أحدهم جملةً ما، تصريحاً ما، خبراً سيئاً أو يعلن عن أمرٍ مشين. فلماذا لا تضع إدارة «فايسبوك» علامة «اللاإعجاب» أو بالإنكليزية «Dislike»؟ لماذا حصر هذه الخاصية بالإعجاب فقط؟
وما يشهد رواجاً كبيراً مؤخراً، أن يطلب منك صديقك «الفايسبوكي» وضع علامة «أعجبني» أسفل ما كتبه أو أسفل صورةٍ نشرها. وهنا يدور الحوار التالي:
ـ لكن كلامك لم يعجبني!
ـ لا يهم يا صديقي، المهم أن تضع «أعجبني».
ـ لكنني قلت لك إنّ ما نشرته لم يعجبني حقّاً.
ـ يا صديقي رأيك لا يهم، المهم عدد علامات «الإعجاب».
… عجبي!
وإذا كانت الملاحظات حول هذه الخاصيّات لا تنتهي، سننتقل إلى اللغة. لن نتحدّث عن «لتننة» اللغة العربية، أي كتابة اللغة بأحرف لاتينية، وهذا أبشع ما يمكن أن تتعرّض له لغتنا الأم. إذ لم نرَ فرنسياً «يضطر» لأن يكتب كلاماً فرنسياً بأحرف عربية. لم نرَ فرنسياً يكتب على سبيل المثال: «بونجور، لا فرانس إي تري جولي أوجوردوي».
هنا، كم نتمنّى أن تكتبوا أيها «الفسابكة» الجهابذة، الكلام العربي بأحرف عربية. ولكن، إن أردتم فعل ذلك، فاتركوا ما للفصحى للفصحى، وما للّهجات المحكية ما لها، ولا تخلطوا بينها. والكلام هنا ليس موجّهاً لمن اضطرّ لترك الدراسة باكراً. هؤلاء معذورون. الكلام موجّهٌ هنا إلى الطلاب الجامعيين، إلى الشعراء أو من يدّعون أنهم شعراء، إلى الإعلاميين وأشباه الإعلاميين، إلى الأساتذة و«فروخ» الأساتذة. يا سادة يا كرام لا تخلطوا بين اللغة العربية الفصيحة الصحيحة وبين اللهجات المحكية العامية، ولا تستخدموا الاثنتين في مزيج مشوّه يشبه المسخ.
فإننا نقبل معكم، «وحياة عيونكم»، أن تكتبوا «إنتو» بدلاً من «أنتم»، ولكننا لا يمكننا أن نقبل إضافتكم الألف في نهاية الكلمة لتصبح «إنتوا». نقبل معكم أن تكتبوا «تعجبني ضحكتو» بدلاً من «تعجبني ضحكته»، لكن إياكم إضافة الألف أيضاً فتصبح الجملة «تعجبني ضحكتوا».
وإذا الكلام عن هذه الأخطاء الشنيعة لا ينتهي، يبقى أن نلفت نظر بعضٍ من «المثقفين»، رجاءً، رجاءً ومن بعده رجاء، أن تبقوا على الياء والنون في الجمع المذكر السالم المجرور أو المنصوب، ولا تقولوا: «بتوجّه لأصدقائي الصحافيي»، أو «الحق على اللبنانيي»… صدّقوني، لا يمكنني أن أضع على كلامٍ كهذا ـ مهما كان صادقاً أو خطيراً أو جديداً ـ علامة «أعجبني»!