أخيرة

مشهدان

مشهد دولة من المفترض أنها ذات سيادة، ومن المفترض أنها تعي ما تعنيه الكرامة الوطنية… مشهد دولة تصدّى بعضٌ من طيفها السياسي، البارحة فقط… بكلّ ما أوتي من قدرة على الجعجعة، وأدان استقدام حزب الله شيئاً من المازوت والبنزين لتشغيل المستشفيات والأفران ليمنع سقوطًا كاد ان يكون كليّاً، بحجّة أنّ ذلك هو تجاوز للسيادة… ثم نجده يلتزم صمتاً شيطانياً مطبقاً حينما يضطر وزيرٌ لم يفعل أيّ شيء سوى النطق بقليلٍ من الحقيقة على استحياء… فنعت حرب الإبادة الإجرامية التي تشنها «مملكة الخير» على أشرف وأنبل وأسمى شعب في هذه الأمة البائسة… فيصف بأدبٍ ودماثة ما يجري بأنه شيءٌ عبثي… فيضطر الى الاستقالة.

لم يجد الأوغاد في ذلك مساسًا للسيادة… طالما انّ «مملكة الخير» لا تزال تشتري ذممهم الرخيصة في الليل وفي النهار، وتقذف ببقايا الشرف والكرامة ـ إنٍ وجدت ـ في أقرب مزبلةٍ دون ان يرفّ لها جفنٌ وهم ينظرون .

ومشهد شاب فلسطيني طعن مستوطناً غاصباً يحتلّ أرضه ويعيث فيها فساداً وانتهاكًا واغتصاباً… فيصيبه رصاص الاحتلال، فيسقط على الأرض جريحاً لا حول له ولا قوة… فيقوم جنود الاحتلال بقتله بدمٍ باردٍ مع سبق الإصرار والترصّد، وعلى مسمعٍ ومرأىً من كلّ العالم… رغم أنّ كلّ قوانين الأرض تقول بالفم الملآن وبصريح العبارة إنه لا يجوز قتل ايّ شخص مهما كانت جريمته في نظر القانون، طالما أنه في وضعٍ لا يسمح له بالمقاومة أو بإيذاء أيّ من أفراد السلطة التنفيذية… وفي حال حدوث ذلك فإنّ ذلك يرقى إلى مصاف جريمة القتل المتعمّدة.

لم يتكلم أحد… ويبدو أنّ الأمر سيمرّ كما مرّت آلاف الجرائم تحت سمع وبصر ما يُدعى بالمجتمع الدولي… لكن الأدهى والأمرّ أنه سيمرّ أيضاً من أمام سلطة أوسلو، التي أتحفتنا لعقودٍ طويلة بأنها عازمة على الذهاب الى محكمة الجنايات الدولية… وفي واقع الأمر هي لم ولن تذهب الى هناك لأنّ الأمر مرتبطٌ بالمخصصات… وسلطة ديدنها المال وتوزيع المال على الأزلام وعلى قوى أمن تأتمر بأمر المحتلّ، لا يمكن ان يكون في أجندتها إلّا ما يرضي المحتلّ…

لا يلام الذئب في عدوانه            إن يكُ الراعي عدوّ الغنم

سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى