الكرة اللبنانية تخسر «حجها»محمود حمود في ذمّة الله
} ابراهيم وزنه
«معركة سأنتصر بها» عبارة كتبتها بيمينك وأنت تصارع المرض في مستشفى الساحل. لم تكن تعلم بأنها مباراتك الأخيرة في ملعب الحياة، ومع ذلك خضتها بروحية الفوز متسلّحاً بارادة صلبة عهدناها في شخصكم الرائع خلال مسيرتك الكروية والانسانية عند مواجهة الصعاب.
منذ أكثر من شهر … بدأت المعركة، وصارت صورك المرفقة بدعاء المحبّين حديث الوسط الكروي وترافقنا يومياً على صفحات التواصل الاجتماعي، مع كل صورة وتعليق كان طيف رحيلك يخيّم على النفوس والعقول، فيقضّ مضاجعنا ويزيد في اتصالاتنا لحبيب قلبك ورفيق دربك حسين فاضل للاطمئنان والوقوف على آخر المستجدات، وكلما ارتفعت وتيرة الأدعية كان منسوب القلق يتضاعف فيتعبنا، ويؤلمنا تخيّلنا ليوم وداعك … ولسان حالنا يردد بتفاؤل «حتماً سيربح الحاج الطاهر المعركة» ، كم تمنينا أن يعطيك الموت أنذاراً قبل أن يطردك من ملعب الحياة، ليتركنا بلا مهاجم صريح إعتاد هزّ الشباك والسجود بعد كل توفيق ربّاني.
إلى أن جاء الخبر الأليم، خطّاف الآجال لم يكترث لأدعية أو صلوات، ونحن نعلم أن الموت حق ولا اعتراض على حكم الله … إنه فجر السبت في الرابع من كانون الأول، فجر حالك توقف فيه القلب الطيّب عن النبض، لفظ الحاج حمود أنفاسه الأخيرة . لقد حان وقت الرحيل، ما أصعبه من فراق على ولديك حسن وحسين، وعلى رفيقيك المخلصين حسن وحسين فاضل، برحيلك كسرت قلب الريّس سمير دبوق، وأدخلت من معك في الجهاز الفني (محمود علامة وعلي فقيه وعباس شيت وعلي عمار عمار) في حزن طويل، وماذا بعد؟ فحارة حريك ومدرسة المصطفى وملعب النادي وأكاديمية الساحل وبلدة كفرملكي، جميعها اتشحت بالسواد وساد الحزن والدمع في وجوه المحبّين. باختصار، خسرت كرة القدم اللبنانية «حجها»، رحمك الله أيّها الشاكر الساجد، وأسكنك الفسيح من جناته وألهم عائلتك ومحبّيك وعارفيك الصبر والسلوان، وإنا لله وانا اليه راجعون.
ـ بدأ الحاج حمود (مواليد 1964) مسيرته الكروية مع فريق نجمة المصيطبة، وفي العام 1983 التحق بصفوف فريق النجمة، وفرض نفسه مهاجماً ثابتاً ضمن التشكيلة الأساسية في العام 1984، لعب إلى جانب محمد حاطوم وجمال الخطيب وحسن شاتيلا وخالد بهلوان وزياد شهاب ومصطفى زبيب وعماد مرتضى وغيرهم من نجوم النادي الجماهيري في تلك الفترة، وعند اعتزاله اللعب في العام 1996 توجّه إلى ساحة التدريب، فعمل مع ناديه لفترة صغيرة قبل أن ينضم إلى الجهاز الفني لمنتخب الشباب ثمّ الأولمبي وبعد ذلك مع نادي العهد ثم الاخاء الأهلي عاليه وصولاً إلى شباب الساحل حيث وجد الراحة والطمأنينة والرغبة في الارتقاء، أكثر من خمس سنوات أمضاها مع «الأزرق» كالسمن على العسل، حصل خلالها على شهادة مدرب محترف من الاتحاد الآسيوي، وأوّل ألقابه مع الساحل «كأس النخبة». شيّع جثمانه عصر السبت إنطلاقاً من أمام منزله في الحدت باتجاه بلدته كفرملكي، وقد نعته جميع الأندية اللبنانية، وشارك في مراسم التشييع غالبية العائلة «الساحلية» وعدد كبير من نجوم الملاعب اللبنانية وفعاليات كروية وإجتماعية وتربوية.