غيّاث محمود يتألّق في رسم البورتريه عربيّاً وعالميّاً
كتب محمد سمير طحّان من دمشق سانا : يسجّل الفنان غياث محمود نجاحاً وتألقاً كبيرين يوماً فآخر في الوسط الفني، العربي والعالمي، بموهبته الفطرية الجميلة والمميزة في رسم البورتريه بسرعة لافتة، وترافق إنتاجه في هذا المجال مع حفلات أهم المطربين العرب والأجانب فنال إعجاباً كبيراً وأضفى بعداً فنياً جديداً على حفلات الغناء بطريقة جذابة.
إذ لم يتعلم الرسم في كلية الفنون ولم يتابع أي دورة في هذا المجال، إلاّ أنه يعتمد على فطريته وعشقه لرسم البورتريه، رغم صعوبته، محاولاً تقديم لوحة كبيرة تبرز شخصية الفنان الذي يرسمه من خلال ملامح الوجه، وفي وقت قياسي لا يتعدى عشر دقائق، ما يثير الدهشة والإعجاب لدى الحضور.
حول عمله في مجال البورتريه يقول الفنان محمود: «لم أتعمّد التوجّه نحو رسم البورتريه إراديّاً، إنما شدتني ملامح الأشخاص الذين أثروا في حياتي اليومية منذ طفولتي، مثل السيدة فيروز ومحمود درويش ونزار قباني، فحاولت فطريّاً رسم تفاصيل الوجوه بكل ما تحمله، وكانت أولى محاولاتي التي لاقت استحسان الذين شاهدوها. إن فن البورتريه ليس في إجادة رسم ملامح الوجه مثلما هو واقعاً، بل القدرة على نقل ملامح الشخصية وطبائعها وتجسيدها على الورق.
حاول محمود تسويق موهبته من خلال عرض رسم المغنين على المسرح قبل ظهورهم أمام الجمهور، وكانت هذه الفكرة الجديدة تتطلب مجازفة من شركات الإنتاج متعهدة تلك الحفلات، حتى جاءت الفرصة مع حفل ملحم بركات الذي تابع العرض من وراء الكواليس وأعجب بالنتيجة، وكانت التجربة ناجحة وفتحت له أبواب التعاون مع فنانين عرب وأجانب. ويوضح محمود أن شهرته اتسعت بعدما نشرت ميريام فارس بعض أعماله على صفحاتها الرسمية في شبكات التواصل الاجتماعي وأضحى اسمه متداولاً في الوسط الفني العربي. ويشير إلى أن مشاركته في حفل الجوائز العالمي للممثلة الأميركية إيفا لانغوريا كانت نقطة تحول في مسيرته، وبدأت شهرته العالمية تزداد، فذاك الحفل كان يعتمد على بيع مقتنيات الفنانين في مزاد خيري لدعم قضايا إنسانية وجمعيات خيرية، إذ تمكن من أداء عرضه الفني أمام شخصيات فنية عالمية وعربية مثل المغنيين ريكي مارتن وففتي سنت والإعلامي جورج قرداحي وبيعت لوحته بأربعين ألف دولار .
في شأن القيمة الفنية للوحات، يؤكد محمود أن العديد من أعماله لا تزال معروضة ومحفوظة في أماكن مميزة، ويلمس تقدير الناس لها من خلال طلب العديد من الأشخاص اقتناء لوحاته بعد الحفل. ويشير إلى أن بعض محبي هذا النوع من الفن يدفعون مبالغ طائلة للحصول على اللوحة، كما أن اشتراط بعض الشركات المنظمة للحفلات للاحتفاظ باللوحة بعد الانتهاء من العرض يدل على اهتمامهم بنوع كهذا من الفنون، لافتا إلى أن إحدى اللوحات بيعت في مزاد بـ160 ألف دولار قبل إتمامها.
شارك ابن مدينة حمص قبل أقل من سنة بالتعاون مع «نادي حمص الثقافي الاجتماعي» وفرقة «صدى سورية» في تصوير أغنية «مشتقلك يا حمص» وتم التصوير في المدينة القديمة بعد إعادة الأمن والأمان إليها ورسم مباشرة جدارية على جدار منزل مهدم خلال تصوير الأغنية. ويعبر عن رضاه عمّا وصل إليه، مؤكداً أنه يسير بخطى ثابتة وينتقي الحفلات التي يشارك فيها كي يحافظ على مستوى ما يقدمه مع طموحه إلى عروض حول العالم.
يمتلك محمود تجارب وتقنيات فنية عديدة في رسم البورتريه السريع، إذ أنجز لوحات بأساليب غريبة، في عروض مباشرة على المسرح، أبرزها طريقة الرسم بالليزر التي ابتكرها وطوّرها مستخدماً الأضواء الليزرية في رسم الاشخاص، بالإضافة إلى الرسم بالصمغ والبودرة البراقة والرسم بالظلال بالألوان المشعة، مستخدماً في رسم الجداريات أو اللوحات الأرضية الرسم بالكتب والعشب وموزاييك الرسم بالصور .
يدعو محمود إلى الاهتمام بالمواهب الإبداعية السورية وتسليط الضوء عليها إعلامياً من خلال البحث عنها وتقديم الفرص غليها كي تطلّ على الجمهور، وعدم انتظار المعارض الفردية والنشاطات الضخمة لاكتشاف المواهب وعدم محاربة التجارب الإبداعية الجديدة وغير المألوفة، وثمة تجارب إعلامية عربية وعالمية في هذا الصدد لإلقاء الضوء على المواهب ودعمها.
لكن هل يخاف على الهوية الثقافية الفنية العربية وخصوصيتها لدى مناقشة مثل هذه التجارب وانتمائها لحركة فنية تجارية؟ يجيب محمود: «إن كانت هذه الاتهامات صحيحة لِمَ تنهال علي الطلبات لأقدّم عروضي في دول مثل إيطاليا وإسبانيا والسويد وسنغافورة؟ هل هذه الدول عقيمة فنيّاً ولا تملك رسامين؟ لو كان هذا النمط الفني تجارياً لرأينا العديد من الموهوبين يقومون بمحاولات في هذا النوع الفني. إن نوم الرسم هذا صعب جداً، ولا يسع أي رسام دخوله فهو في حاجة إلى موهبة وملكات خاصة والعرض بحد ذاته حساس جداً، فهو يتطلب التحضير جيداً للعرض من الناحية الفنية، كما أن الرسم يتم أمام حشد كبير دوماً وخلال مدة زمنية قصيرة، ويستلزم رسم صورة بطريقة احترافية تعتمد الإثارة والدهشة ولا تسمح للمشاهد بالتعرف إلى موضوع اللوحة حتى الثواني الأخيرة.
غياث محمود من مواليد حمص عام 1978، يعمل ويقيم في الإمارات. قدم أول عرض له في رسم البورتريه المباشر أمام الجمهور في حفل الموسيقار ملحم بركات عام 2012، ثم قدم عروضاً مع فنانين سوريين وعرب وأجانب بينهم جورج وسوف وعلي الديك ومعين شريف ومحمد اسكندر وملحم زين والممثلة الأميركية ايفا لونغوريا كما قدم للفنانة ميريام فارس مؤخراً لوحة بتقنية الفسيفساء جمعها من 1750 صورة مختلفة لها مستخدما الألوان الحقيقية للصور في تكوين اللوحة دون تعديل.