الحركة الثقافية ـ انطلياس تنعى الدكتور ميشال جحا حمل في وجدانه قضيّة النهضة العربيّة ودعا للحداثة وعلمنة الدولة والمجتمع والتربية والثقافة
نعت الحركة الثقافية – انطلياس في بيان الدكتور الراحل ميشال جحا، وجاء في بيان النعي الآتي: “مع غياب الصديق ميشال جحا تخسر الثقافة والوسط الأكاديمي شخصية استثنائية جسدت مجموعة من القيم التي نحن بحاجة قصوى إليها في هذه الأيام الحالكة السواد. إنه الأكاديمي المميّز: من جامعة مونستر في ألمانيا نال شهادة دكتوراه دولة في الآداب والحضارة. علّم في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية، في قسم اللغة العربية وآدابها. كان دمث الأخلاق متعاوناً مع زملائه. كان مرجعاً في تاريخ الآداب العربية، بخاصة في مرحلة عصر النهضة. كان يتفانى في تدريب طلابه على التعمّق في المواضيع التي يدرسها. اتصف بالجدية، وفرض احترامه على الطلاب وعلى الإدارة. بالمقابل، حمل له طلابه كل التقدير والمودة. كان شجاعاً في نقد الخلل الذي تعاني منه الجامعة، وطالما نشر في الصحف المقالات المدوية في جرأتها حول خطر التدخلات التي تعاني ولا تزال منها هذه المؤسسة”.
أضاف البيان: “انه الباحث، كان يحمل في وجدانه قضية النهضة العربية ولذلك تعمق في السير الأدبية للأعلام الذين حملوا لواء هذه النهضة. أصدر الكتب عن اليازجيين والبساتنة، وخليل مطران، وفرح أنطون، وأمين الريحاني، وأمين نخله، وماري عجمي، وجوليا طعمة، وغيرهم. ألف الكتب الموثقة عن الشعر العربي الحديث، وأعلام الشعر العامي، والقصة القصيرة، وعن شعراء وأعلام من المشرق، وعن الوجوه النيرة التي تخرجت من الجامعة الأميركية. وفي النقد كتب المؤلفات والمقالات العديدة. كما تطرّق إلى الدراسات العربية الإسلامية في أوروبا. انه الإنسان الملتزم: كان الدكتور ميشال، ابن الكورة الخضراء، وساكن رأس بيروت، صاحب ثقافة نيرة، وصاحب مواقف مناقضة للتعصب. وكان داعية للحداثة وعلمنة الدولة والمجتمع والتربية والثقافة. كان يجمع بين الولاء العميق للبنان والانتماء إلى العالم العربي. يعرف بعمق خطر “إسرائيل” على شعوبنا وكذلك خطر الأفكار التي تعمل على تمزيق مجتمعاتنا من خلال طروحاتها الدينية المناقضة لمفهوم الحداثة. في هذا السياق، شارك في ندوة العمل الوطنيّ، وفي لقاءات دورية مع مجموعة من الشخصيات المتنورة أمثال الرئيس الحص، والأستاذ منح الصلح، وكانت له آراء حكيمة وإسهامات قيمة في مواجهة الصراعات العنفية التي عانى منها شعبنا منذ منتصف السبعينيات”.
وتابع: “انه صديق الحركة الثقافية: كان الأكاديمي الكوراني، ابن بشمزين محط احترام ومحبة كل من عرفه من أعضاء الحركة الثقافية – أنطلياس. كان يشارك في مؤتمراتها وندواتها. لا يغيب عن مهرجانات الكتاب. وكان يتعاون مع الحركة في انتقاء أعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي الذين كانت تكرمهم الحركة سنوياً. وكان يحرص في كل عام على أن يوقع كتبه الجديدة في معرض الكتاب السنوي. كان بلطفه ودماثته يوصل آراءه إلى بعض المسؤولين عن الأنشطة. وكان الجميع يقدر لهجته الكورانية ومضمون الأفكار التي يعرضها بكل محبة واحترام. وعلى الرغم من أنه ألف أكثر من 32 كتاباً ومئات الأبحاث والمقالات فقد اعتذر عن قبول التكريم، مرات عدة، في المهرجان اللبناني للكتاب، وفي الحركة التي شجّعها وقدرها وأسهم في إنجاح نشاطاتها باستمرار”.
وختم البيان: «ستبقى الحركة الثقافية وفية لصداقتك، وستتذكرك في كل مهرجان تنظمه احتفالاً بالكتاب. وستبقى صورتك البهية ماثلة في كل ندوة تعالج شؤون الوطن وشجونه. ومن صلابتك في الإيمان بقيم الحداثة والحرية والاستقلال ستستمر حركتنا في مواجهة أخطار التعصب والتخلف. وفي ظلال الزيتون الكوراني المبارك، في بشمزين، ستستمر شعلة العقل والوطنية التي حملت عنوانها طوال 92 عاماً. ستبقى بوصلة شعبنا نحو آفاق التقدم والنهضة».