لبنان في قلب جغرافيا «الشرق الأوسط»
} عمر عبد القادر غندور*
«الشرق الأوسط» هو قلب العالم لاحتوائه على معظم النفط العالمي، وفيه الممرات البحرية بالإضافة الى احتضانه للرسالات السماوية الكبرى، والإرث الحضاري الضارب في عمق التاريخ، وقد شاء الغرب ان يزرع «إسرائيل» في قلب هذا الشرق لغايات اقتصادية وايدلوجية لحرف شعوبه عن قيمها ومعتقداتها، وتغيير عاداتها وقيمها وحلالها وحرامها وسلب هويتها وشخصيتها التي فطرها الله عليها، ما يجعله عرضة للاضطرابات والتمزقات والتطبيعات والاختراقات وسلب ثرواته خدمة لدولة الاحتلال الصهيوني…
وقبل الحديث عن صراعات «الشرق الأوسط»، نتوقف عند ما يحدث في الولايات المتحدة «زعيمة العالم الحر» الوصية على الديمقراطية، من تطورات في الذكرى السنوية الأولى لاقتحام مبنى الكونغرس في السادس من كانون الثاني الماضي يوم تفلتت المشاعر من عقالها حتى نالت من «الرمز الديمقراطي» وهو الكونغرس.
في جامعة كاليفورنيا (سان دييغو) من يقول انّ الأميركيين يشعرون او بعضهم لا يثقون بمؤسسات الولايات المتحدة، وتقول خبيرة في الامن الدولي باربرا وولتر: نشعر بالإثارة لفكرة الحرب الأهلية ونحن بحاجة الى بعض الإعدامات والبلاد بحاجة الى التغيير، لكن معظم الأميركيين بعد اقتحام مبنى الكونغرس اعتقدوا انّ ما يفعلونه كان صحيحاً او مبرّراً من الناحية الأخلاقية ولم يخطر ببالهم انه عمل غير قانوني لاعتقادهم انّ الواجب الوطني كان يفرض عليهم استعادة بلادهم.
وفي أميركا اليوم من يعتقد انّ الولايات المتحدة ما بين الديمقراطية المتلعثمة والدولة الاستبدادية، ويقول المؤلف بارتون جيلمان انّ الانقلاب المقبل للرئيس السابق ترامب قد بدأ بالفعل وكتب يقول: هناك خطر قائم وواضح من انّ الديمقراطية الأميركية لن تصمد أمام القوى المدمّرة التي تجتمع عليها الآن وقد اقترب دونالد ترامب من الإطاحة بانتخابات حرة قبل عام وهو يستعدّ على مرأى من الجميع للقيام بذلك مرة أخرى.
وتعي «إسرائيل» دقة الأوضاع الداخلية في الولايات المتحدة، وتقول صحيفة «هآرتس الإسرائيلية» انّ دولة الاحتلال تضغط لإرباك حليفها الأميركي لتشديد العقوبات على إيران وإقناعه بعدم العودة الى الاتفاق النووي الأصلي الذي تعتبره سلطات الاحتلال مسألة حياة او موت.
وفي تقرير صادر عن معهد السياسة والاستراتيجيا في «إسرائيل» يقول انّ دولة الاحتلال ستواجه تحديات متعاظمة في العام الحالي على أمنها القومي وفي مقدمها التهديد الإيراني النووي، وقابلية انفجار القضية الفلسطينية في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، وضرورة زعزعة الاستقرار في «الشرق الأوسط».
وفي موازاة ذلك فإنّ الاستراتيجية «الإسرائيلية» عالقة بين خيارين سيّئين… اتفاق نووي جديد يمنح إيران «شرعية دولية» ويعزز اقتصادها بنحو يسمح لها بزيادة أنشطته في «الشرق الأوسط» وتضييق الخناق على «إسرائيل» عبر إقامة قواعد إقليمية وتعزيز القوات الإيرانية في سورية ولبنان وغزة. وفي حال فشلت مفاوضات فيينا ستتوجه إيران الى اتخاذ قرار تسريع البرنامج النووي وتخصيب اليورانيوم بمستوى عسكري من أجل صناعة قنبلة في غضون ثلاثة أسابيع.
الولايات المتحدة تسعى الى إعادة التوقيع على الاتفاق النووي لكي تستطيع التركيز على المواجهة الاستراتيجية مع الصين وروسيا والامتناع عن الانجرار الى أزمة إقليمية اخرى في «الشرق الأوسط»، وعلى مقربة من أزمة أوكرانيا وتداعياتها على النظام العالمي وعلى انعكاس قوة الولايات المتحدة في «الشرق الأوسط» والاعتماد على الديبلوماسية والعقوبات الاقتصادية.
ومع ذلك فقابلية الانفجار لا تزال موجودة كما انّ الاستعدادات للتصعيد المحتمل بوجود حسابات خاطئة لا يزال على الطاولة.
وفي لبنان تتصاعد الحملات على سلاح المقاومة وهي ليست أكثر من قرقعة، الى أن يفهم البعض انّ لبنان في قلب جغرافيا «الشرق الأوسط» ولا يقع في جزيرة نائية.