الاحتلال الإيراني… العاطفي
} عمر عبد القادر غندور*
في زمن الضياع وغياب الحلول لأزمات لبنان المتوالدة مع شروق كلّ شمس، والشعور باليأس والإحباط من استمرار المكائد السياسية والتراشق بالاتهامات والخيانات، وانهيار العملة الوطنية وجرائم الفساد المالي للمصرف المركزي وشركائه في السياسة والقضاء، كان لافتاً قيام جبهة سياسية من عملاء السفارات، وخاصة السفارة الأميركية النشطة، قيام «جبهة مقاومة الاحتلال الإيراني للبنان»، وترفع ثلاثة عناوين:
1 ـ الدفاع عن وثيقة الوفاق الوطني التي تم التوصّل إليها في المملكة العربية السعودية في ما عُرف باتفاق الطائف.
2 ـ احترام العلاقات بين لبنان والدول الخليجية خاصة.
3 ـ احترام الشرعية الدولية.
وقد بلغ حدّ الخيال، ان تقوم جماعات بإضافة لوحة جديدة عن الاحتلال الايراني إلى جانب لوحات الجلاء وعددها يفوق الـ ٢٣ لوحة، وكلها تشير الى جلاء الجيوش الأجنبية عن لبنان!!
وقد استعجلت هذه الجماعة تعليق هذه اللوحة قبل خروج «الاحتلال الإيراني» بمحاكاة لوحات جلاء رعمسيس (فرعون) والإله آمون والاحتلال الآشوري وجلاء السلطان المملوكي والحكم العثماني، وآخرها خروج جيش الجنرال غورو الفرنسي وغيرهم كثير! وقد وُضع نصب لكلب مجهول على أعلى صخرة في مصبّ نهر الكلب، وتقول الأسطورة انّ تمثال الكلب المجهول كان ينبح عند خروج المحتلّ، وانّ العثمانيين رموا تمثال هذا الكلب في البحر، إيذاناً بانتهاء النباح.
وإلى جانب هذه الجماعات الغيورة شهد لبنان منذ العام ٢٠١٩ طفرة من قيام منظمات وجمعيات وهيئات مدنية بتمويل أميركي وأوروبي وأفراد من القطاع السياسي ومنظمات المجتمع المدني وصناديق غير حكومية مموّلة من القوى التي تتحدث عن «الاحتلال الإيراني» على مشارف الانتخابات البرلمانية المقبلة.
كذبة «الاحتلال الإيراني» لا تنطلي إلا على الأغبياء! وإذا كان هذا «الاحتلال» متمثلاً بسلاح المقاومة، فهو ادّعاء كاذب لانّ سلاح المقاومة شكل ويشكل الضمانة للسيادة اللبنانية على أرضها وبحرها، وهو السلاح الذي أخرج الصهاينة عام ٢٠٠٠ ودحر جيش الصهاينة عام ٢٠٠٦ وهو الذي حمى لبنان إلى جانب الجيش اللبناني من الغزو التكفيري، ولا يزال المدافع عن ثروة لبنان النفطية والغازية، والتماهي العاطفي مع الجمهورية الإسلامية الايرانية، إنما هو تعبير عن مساندة هذه الجمهورية التي تحمل الهمّ الفلسطيني بكلّ إبعاده وتكاليفه وتداعياته…