لبنان بين احتلال إيراني مزعوم وإملاءات محور مأزوم…
} خضر رسلان
يسعى أصحاب ما يسمّى «المشروع التغييري» لتحقيق استفادة قصوى من الحصار المفتوح على الاقتصاد اللبناني وقانون قيصر الى الإملاءات المتكرّرة من قبل دول التطبيع في الخليج، ويعزز من طموحاتهم كون العملية الانتخابية ستجري تحت وطأة الضغوط الاجتماعية التي يرزح تحتها الناخبون والتي لن تألو جهداً هذه القوى في استغلال ذلك في إطار ما درجوا عليه من تقديم رشى بعناوين مختلفة متسلحين بشعارات جوفاء تكرّر نفسها في كلّ استحقاق انتخابي ولو بأشكال متجدّدة ومن شعارات الاستحقاق العتيد تكرار نغمة الاحتلال الإيراني والمُراد منه التصويب على السلاح المقاوم واعتباره أداة خارجية غير منسجمة مع المصالح الوطنية، وضمن هذ السياق زار لبنان منذ أيام موفداً خليجياً مؤازراً لأصحاب ما يسمّى المشروع التغييري وبصحبته منشوراً يتضمّن إملاءات أقلّ ما يُقال فيها إنها تمسّ بالكرامة الوطنية وتطرح مفردات تمّ تسويقها في السابق مراراً وتكراراً وقد شنّ حربين من أجل تنفيذها دون جدوى، وكان ذلك أولاً من خلال عدوان تموز على لبنان في العام 2006 وثانياً الحرب الكونية التي لم تنته بعد ولا تزال مستمرة على سورية.
وتحت هذه العناوين نضع في الميزان الواقع اللبناني بين:
1 ـ الاحتلال الإيراني المزعوم
إحدى تجليات سيادة الدولة ممارسة سلطتها على أجهزتها الاقتصادية والقضائية والثقافية وفي السيطرة على مواردها الطبيعية داخل حدودها الإقليمية في البرّ والبحر والجو، أما السيادة الخارجية فلها مظاهر متعدّدة كالدخول في علاقات أو قطعها مع من تريد من الدول، واستناداً إلى ذلك لنبحث عن الاحتلال الإيراني المزعوم عبر حزب الله في مؤسسات الدولة المدونة أدناه:
أ ـ الاقتصاد اللبناني: بقراءة مختصرة لكلّ مفردات الاقتصاد الوطني والنظام الضريبي وجمعية المصارف والوكالات الحصرية ولو فنّدنا كلّ منها على حدة فلن نجد أيّ أثر وتأثير فيهم لحزب الله وإيران، بل انّ هذه الجهات بالتكافل والتضامن مع الأميركيين (بالعقوبات وقوانين الحصار وقيصر) يتحمّلون كامل المسؤولية في الانهيار الاقتصادي للدولة اللبنانية، هذا من جهة ومن جهة أخرى لم يستطع حزب الله (والاحنلال الإيراني) إلزام الحكومة تنفيذ رغبته في التوجّه شرقاً، هذا فضلاً عن رفض قبول العروض الإيرانية في استجرار النفط وبناء معامل لإنتاج الكهرباء.
ب ـ السلطة القصائية: مارس القاضي محمد مازح صلاحياته حينما طلب من السفيرة الأميركية التزام حدودها ضمن القوانين الدولية المرعية وكانت النتيجة أن أجبر على التنحّي من موقعه، ولم تستطع دولة ما يسمّى الاحتلال الإيراني المزعوم من حمايته، فضلاً عن عدم قدرة حزب الله على إجبار المحقق العدلي طارق البيطار تغيير سلوكه الاستنسابي في قضية انفجار مرفأ بيروت.
ج ـ السياسة الخارجية: بحثنا عن احتلال مزعوم في شاهدين اثنين أولهما قرارات الحكومة اللبنانية بإدانة ردود حركة أنصار الله واللجان الشعبية اليمنية على مجازر قوى العدوان، والأمر الآخر عدم تجيير فائض قوة حزب الله ومزاعم الهيمنة والتسلط في تنفيذ رغبته بإجبار الحكومة اللبنانية على إعادة العلاقات الطبيعية مع الجار والحليف السوري.
وفي المقلب الآخر وفي قراءة موضوعية لسلوك المحور الأميركي مع الدولة اللبنانية لا سيما الخليجي منها حيث نجد الإملاءات والاستضعاف والتدخل في شؤونه الداخلية كما جرى من خلال إجبار وزيرين على ترك منصبيهما الوزاري بالتهديد والوعيد وابتزاز لقمة عيش اللبنانيين العاملين في الخليج، ويبقى أبرز تجليات هذه الاستباحة للسيادة اللبنانية اختطاف رئيس الحكومة اللبنانية الرئيس سعد الحريري وهو يمارس مهامه، ومن ثم إجباره على الاستقالة، الى الذي جرى بالأمس وعزوفه وتياره عن الترشح الى الانتخابات العتيدة وبطلب سعودي سافر وحاسم، ويبقى الحدث الأبرز الغير مألوف تلك الإملاءات التي جاء بها الموفد الكويتي بالأمس، والذي برز فيها التشديد على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها كما يحصل عادة وبشكل دوري في بلادهم حيث العمليات الانتخابية تجري بشكل روتيني وتداول السلطة لا يتمّ عندهم إلا عبر صناديق الاقتراع! والأمر الآخر المطلوب هو ضرورة تطبيق القرارات الدولية والمُراد هنا نزع سلاح المقاومة دون الحديث عن تنفيذ القرارات الدولية التي أقلّ ما فيها الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس الشريف والجولان السوري وعودة اللاجئين ومنهم الموجودون في لبنان، إضافة الى الانسحاب من بقية الأراضي اللبنانية المحتلة كمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، هذا فضلاً عن كيفية مواجهة التهديد التكفيري.
كلام كثير يمكن ان يُقال مقابل هذا الهذيان والانصياع للأميركي الذي جلّ ما يريده من لبنان ضمان أمن الكيان الصهيوني والاستفادة من ثرواته النفطية والغازية حيث لا يوجد أدنى مانع لدى الأميركي من تسليم لبنان بكله من بحره الى برهّ الى حزب الله ولو أدّى ذلك الى التبرّؤ من كلّ أدواته والشرط الحصري هو المرونة في ملفي أمن الكيان الصهيوني وترسيم الحدود معه…