في ذكرى قامتين ثوريّتين
} معن بشور
الحكيم – الضمير
إلى جورج حبش في ذكرى رحيله.
يوم انتفض أهل اللدّ في وجه الاحتلال الصهيوني إبّان «هبّة فلسطين» و»سيف القدس» ظهرت للتوّ أمامي صورة «حكيم الثورة» وابن اللدّ جورج حبش الذي كان من أوائل الذين أدركوا أن طريق العودة والتحرير هو طريق المقاومة.
وفي كل مرّة كان يجمعني به لقاء أو فعالية قومية كنت أرى في نبرة القائد الكبير صورة فلسطين كجرح أصاب كل شرفاء الأمّة وأحرار العالم، وكقضيّة يتقرّر في ضوئها مصير الوطن العربي وحركة التحرّر في الكون.
لم يكن جورج حبش مجرّد قائد استثنائيّ مؤسّس لحركة عربيّة هامّة، هي حركة القوميّين العرب، ومؤسس للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ذات الثقل النضالي والسياسي الكبير في ساحة العمل الوطني الفلسطيني فقط، بل كان قائداً متميّزاً في ترفّعه وتواضعه وانفتاحه وتجرّده واحترامه لنفسه ورفاقه وشعبه.
ولا زلت أذكر في أحد لقاءاتي معه، في حلقة نقاشيّة نظّمها مركز دراسات الوحدة العربية وعلى رأسه الرمز الوحدوي الكبير الراحل د.خيرالدين حسيب، على هامش حفل منح جائزة جمال عبد الناصر للكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل في 23 يوليو 1999 في بيروت، وكنّا نعيش أجواء عدوان صهيونيّ على لبنان، وقصف جويّ لمنشآت الكهرباء في ضواحي العاصمة، كيف أن الحكيم كان شديد التفاؤل بقرب الاندحار الصهيونيّ عن لبنان (وقد تمّ بالفعل بعد 10 أشهر في أيار/ مايو 2000)، ساعياً الى طرد أجواء التشاؤم التي سادت المناقشات يومها، متأثرة «بلحظة « العدوان الصهيوني.
لقد كُتب الكثير عن جورج حبش ورفاقه البررة في عمله الفلسطيني والقومي، ولكن أفضل ما يمكن قوله في الراحل الكبير هو ما قاله نفسه «الثوريون لا يموتون..».
فالكبار أمثال «حكيم الثورة وضميرها» لا يموتون، لأنهم ثوريّون طيلة عقود من نضالهم وتضحياتهم.
2 – الصلابة الوطنية
حين تتجسّد برجل.
اسم ما ذكرته مرة إلاّ وذكرت معه الصلابة الوطنية بكل تجليّاتها..
واسم ما خطر ببال إلاّ وظهرت أمامه القدس بمقدساتها وشوارعها وذكريات نضالها قبل الاحتلال وبعده..
واسم جسّد بالعقود الثمانية التي عاشها نضالاً وطنياً فلسطينياً وقومياً عربياً إلاّ وتصدّر بهجت أبو غربية المشهد رمزاً لنضال لم يعرف الوهن ولمبدئيّة لم تعرف المساومة…
حين نتذكّر أبا سامي في ذكرى رحيله، قبل عشر سنوات، نتذكّر تاريخاً من النضال نعتزّ به، وسلسلة من المواقف نسترشد بها، وجملة من القيم لا تقوم أمم بدونها..
رحم الله بهجت أبو غربية وكافة أبناء جيله من المناضلين والمقاومين والمدافعين عن القدس وفلسطين والأمة.