خليل ممثلاً سلام: كيف نتجاوز الفساد ولم ننجز موازنة منذ 10 أعوام؟ سلامة: القطاع المصرفي بات مجهزاً بوسائل تأمين الإدارة الرشيدة والشفافية
برعاية رئيس الحكومة تمام سلام، ممثلاً بوزير المالية علي حسن خليل، نظمت شركة «كونفكس إنترناشونال ش.م.ل» بالتعاون مع مصرف لبنان، منتدى المال والأعمال «مكافحة الفساد: بين القول والعمل»، في فندق «فينيسيا» بيروت.
وشارك في جلسة الافتتاح إلى جانب خليل، كلّ من حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، ورئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزيف طربيه، ومدير إدارة الشرق الأوسط في البنك الدولي فريد بلحاج، ورئيس الجمعية اللبنانية للجودة LSQ فادي صعب، ورئيس مجلس إدارة شركة «كونفكس إنترناشونال ش.م.ل» ورئيس الندوة الاقتصادية رفيق زنتوت.
بداية، تحدث زنتوت، مؤكداً «أنّ المطلوب اليوم هو خطة واضحة لزيادة الإنتاجية ووضع برنامج اقتصادي متكامل بين القطاعين العام والخاص، ناهيك عن موضوع إقرار الموازنة العامة والتي دونها عقبات وخلافات».
ثم تحدث صعب، فقال: «إنّ مخالفة الأصول القانونية والقواعد المالية في تسيير الأعمال الخاصة ليست شطارة، وإنّ هدر قدرات الدولة وعرقلة النمو الاقتصادي للاستفادة الفئوية والمصالح المناطقية ليست ريادة، كما أنّ تشويه التمثيل الديمقراطي الصحيح واعتماد المحسوبية بدل الكفاءة، ليست زعامة، كذلك فإنّ استخدام السلطة والنفوذ لتحقيق مكاسب فردية، ليست قيادة. بل، هذا هو الفساد بأبسط أشكاله والذي يعتبر العقبة الأكبر أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية بتكلفة أكثر من مليارين و600 مليون دولار في العام 2014، أي 5 في المئة من الناتج المحلي العالمي، ما يضيف أكثر من 10 في المئة أعباء غير مباشرة على تكلفة الإنتاج في قطاع الأعمال».
ولفت بلحاج، بدوره، إلى أنّ «دور البنك الدولي يكمن بالعمل من أجل الشفافية ومكافحة الإساءة للمال العام، من خلال مشاريعه، وهذا لضمان تنمية عادلة ومستدامة».
ودعا طربيه، من جهته، إلى «ورشة وطنية جامعة للقطاعين وشاملة للمجتمع المدني ومؤسساته الناشطة تستهدف استعادة الهوية المؤسسية للبلد وإعادة تفعيلها ضمن نظم المعلوماتية والحداثة». وقال: «من الممكن جمع هذه الجهود ضمن هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد تأخذ على عاتقها وضع خريطة طريق، ونقترح أن يكون من أبرز إحداثياتها: إعادة الاعتبار إلى الإدارات المعنية بتصويب مهمّات وأعمال ومصروفات القطاع العام، وفي مقدمها: مجلس الخدمة المدنية، التفتيش المركزي، ديوان المحاسبة، أجهزة الرقابة وحماية المستهلك في الوزارات والإدارات، وذلك عن طريق ملء الفراغات في ملاكات هذه الإدارات ورفع الأيدي السياسية عنها وتمكينها من ممارسة مهمّاتها بحرية ومسؤولية».
أما حاكم مصرف لبنان، فقد لفت إلى «أنّ الأزمة المالية التي عصفت بالعالم سنة 2008، زادت الضغوط على المصارف والمؤسسات المالية حتى تقوم بتعزيز مفهوم الإدارة الرشيدة والشفافية»، مشيراً إلى «أنّ القطاع المصرفي والمالي في لبنان بات مجهزاً، بفضل التعاميم التي صدرت عن مصرف لبنان، بالأدوات والوسائل الكفيلة بتأمين الإدارة الرشيدة والشفافية».
وقال وزير المالية علي حسن خليل: «لا يمكن أن أتحدث عن انتظام للعمل وعن تجاوز لواقع الفساد، والدولة عاجزة ولا تستطع بمؤسساتها أن تنجز موازنة عامة منذ 10 سنوات وحتى اليوم، وهو سؤال لن أستطع خلال سنة من تولي المسؤولية أن أصيب إجابة منطقية معقولة عليه أمام أي من الجهات الدولية المعنية والمهتمة بالشأن اللبناني. حيث لا يمكن تفسير أو تبرير كيف يستطيع بلد أن يدير مؤسساته وإداراته في ظلّ غياب موازنة عامة ترسم سياسة الدولة الإنمائية والخدماتية، تطلق عملية الإنفاق وقواعد تأمين الواردات ومدى توازن هذه الواردات مع النفقات وغيرها من الأمور التي تحفظ الدولة وتطلق بالتالي عمل المؤسسات على اختلافها».
وتخلل المنتدى جلستان حواريتان: الأولى بعنوان الخطط الإصلاحية وفرص النجاح، تحدث فيها كلّ من صعب الذي أدار الحلقة، إلى جانب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دي فريج، ورئيس لجنة الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط النائب جان أوغاسبيان، ووزير الداخلية السابق زياد بارود، ووزيرة المالية السابقة ريا الحسن، ونائب رئيس جمعية المصارف رئيس مجلس الإدارة المدير العام لبنك «لبنان والمهجر» سعد الأزهري.
الجلسة الثانية
أما الجلسة الثانية، فحملت عنوان «القطاعات الإنتاجية أمام التحديات»، وشارك فيها كلّ من وزير الصناعة حسين الحاج حسن، وزير السياحة السابق فادي عبود، ورئيس مجلس إدارة شركة InfoPro رمزي الحافظ، ونقيب أصحاب الصناعات الغذائية اللبنانية منير البساط.
وتحدث الحاج حسن عن «كلفة الفساد والرشاوى على القطاع الصناعي»، فأكد أنها «أقلّ بكثير من كلفة السياسات الاقتصادية التي اعتمدت في السنوات الماضية، وخصوصاً أنها لم تكن متناسقة لتتلاءم مع دعم وتطوير القطاعات الإنتاجية»، معدّداً بعض الأمثلة على ذلك منها «السياسات العقارية التي رفعت سعر الأرض من دون فرض ضرائب على التحسين العقاري، وفي قطاع الطاقة حيث لم تنجح الدولة في تصحيح قطاع الكهرباء منذ 25 سنة ومن دون التمكن أيضاً من استخراج النفط، وكذلك في عدم النجاح في إصلاح وانعكاس ذلك على كلفة العمالة». وسأل: «ألا يعتبر ذلك فساداً».
وأضاف: «لا أنكر وجود فساد ورشاوى في الإدارة، وأشدّد على استئصالها، لكنّ الفساد أكبر وهو ناجم عن السياسات الاقتصادية الخاطئة». وسأل: «عندما يخسر الصناعيون والمزارعون وتندثر قطاعات صناعية في لبنان نتيجة لهذه السياسات ولا يحاسب أحد، ألا يعتبر ذلك فساداً».
وعرض عبود عدداً من الأرقام التي قال إنها «تعكس بوضوح فشلنا الواضح في ترشيق نظامنا الاقتصادي وإبعاد براثن الفساد عنه، فشلنا في تنمية قطاعاتنا الإنتاجية وفي استثمار مشاريع جديدة».
ولفت إلى «أنّ نتيجة الابتزازات والتنفيعات عدم القدرة على تحقيق أي نمو أو جذب استثمارات، فالصناعي والتاجر والزراعي يعانون كلّ يوم لتسيير أعمالهم، في رحلة عذاب يومية».
وشدّد على «ضرورة إنشاء المجلس الأعلى للتنافسية وإقرار قانون حرية الوصول إلى المعلومات، لكونهما يشكلان العدة الضرورية لمحاربة الفساد».
وحمّل المسؤولية «لكلّ الكتل السياسية في محاربة الفساد»، داعياً إلى «تفعيل الرقابة المسبقة والرقابة اللاحقة وإصلاح بعض النصوص القانونية وتعليم تطبيقها في شكل سليم، بالإضافة إلى تحديث بعض التشريعات بما يتلاءم والواقع القائم».
وحمّل الحافظ، من جهته، الشعب مسؤولية محاربة الفساد، «لأنه يعيد انتخاب الطبقة السياسية نفسها، والشعب لا يحاسب وإن وجد أحد الأفراد ليحاسب، يكون فقط نكاية بفريق سياسي أو لمدح فريق سياسي آخر».
وختاماً، تحدث البساط، فقال: «كنا نتمنى أن يسمى ملف سلامة الغذاء وليس الفساد الغذائي»، لافتاً إلى «أنّ سمعة المنتجات اللبنانية قد تضرّرت بسبب هذه الحملة».
وأضاف: «نحاول أن نعيد تصويب هذا الملف من خلال معالجة فحص العينات، فقدرة تحمل أي مختبر لا تتعدى الـ 50 عينة، وضمن الحملة هناك 300 عينة، ما يؤثر سلباً على العينات المطلوب فحصها أساساً».