لبنان والقرارات الأمميّة والورقة الخليجيّة
ناصر قنديل
– اختارت دول الخليج في الورقة التي قدمتها للحكومة اللبنانية ثلاثة قرارات أمميّة طالبت الدولة اللبنانية بتنفيذها وهي القرارات 1559 و1701 و1680، وهي تتناول شؤون لبنان في الصراع مع “إسرائيل”، أو تنظيم علاقة لبنان وسورية والعلاقة اللبنانية الفلسطينية، ففيها المطالبة بالانسحاب السوري وحل الميليشيات المسلحة، كما يقول القرار 1559، ودعم ترسيم الحدود اللبنانية السورية وتأكيد دعم سحب السلاح الفلسطيني خارج المخيمات كما يقول القرار 1680، الذي نبش عليه الوزراء العرب في الأرشيف الأمميّ، لأن قلة قد سمعوا بهذا القرار، وتنظيم الوضع في جنوب لبنان بعد الحرب الإسرائيلية في تموز 2006، وما يفهم منه من تقييد لسلاح المقاومة عادة.
– الشؤون التي تناولتها القرارات تتضمن بنوداً متداخلة رغم أن نسبة السوء في هذه القرارات ليست واحدة، رغم أن أسوأها وهو القرار 1559 ليس كله سيئاً، ولكن يبدو أن الجانب الخليجي لم ينتبه لدعوتها جميعاً للانطلاق من قرار نسيه وزراء الخارجية الخليجيون هو القرار 425، الذي لم تطوَ ورقته بعد في الأمم المتحدة بعدما فشلت الضغوط الأميركية عام 2000 في انتزاع الموافقة اللبنانية على اعتباره منفذاً، مع بقاء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا محتلة. وهذا من باب إنعاش الذاكرة، يوم وقف رئيس الجمهورية العماد اميل لحود بوجه وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت، رافضا تحذيراتها وإملاءاتها لاعتبار الانسحاب الإسرائيلي تاماً والقرار 425 منفذاً، وتم ابتكار الخط الأزرق القائم حتى الآن، لأن القرار 425 لم يُعتبر منفذاً بنصه على الانسحاب الإسرائيلي حتى الحدود الدولية، ولذلك جاء نص القرار 1559 بالدعوة لانسحاب جميع القوات الأجنبية، وبعد الانسحاب السوري لم يبق الا الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهو بالحد الأدنى يتقابل ويتوازن ويتعادل مع الدعوة لما يقصده الوزراء العرب بحل الميليشيات وسحب السلاح وهو سلاح المقاومة، لكن السؤال الأهم لماذا تجاهل الوزراء الخليجيّون من ورقتهم القرار 425 الذي تورده كل القرارات الأمميّة حول لبنان في مقدّمتها وتنطلق منه؟
– الأمر ليس سهواً بالتأكيد، لكن الدعوة لتطبيق القرارات تريد التصرف خليجياً بمظهر الدعوة لتطبيق القانون، وهي تتبنى المقاربة الإسرائيلية للقرارات الأممية، ولذلك فإن لبنان مضطر للرد بالقانون، فطالما أن الخيار الخليجي تناول ما يتصل بعلاقات لبنان بالاحتلال الإسرائيلي وبكل من سورية والوجود الفلسطيني، فمن واجب لبنان ومن حقه استعادة القرارات المتصلة بهذه العناوين، وهي على الأقل بما يعني لبنان، تبدأ بالقرار 194 الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين والمتضمن في أصل نص المبادرة العربية الصادرة عن قمة بيروت، مطالباً العرب بتطبيقه، لأنه الجواب على أصل المشكلة بضمان حق العودة للاجئين، ومثله القرارات 242 و338 و181 التي تتناول حلّ قضية الاحتلال الإسرائيلي وفقاً لمفهوم القانون الدولي. والأهم يبقى القرار 425، وتقارير الأمين العام للأمم المتحدة حول مزارع شبعا وربط “إسرائيل” للانسحاب منها بمصير الجولان المحتل المرتبط بالقرارين 242 و338، كحد أدنى. وعلى الوزراء العرب أن يجيبوا هل تراجعوا عن الدعوة لتطبيق هذه القرارات، أم لا يزالون يتمسكون بها؟ فإن تراجعوا فليتخذوا قراراً بإلغاء المبادرة العربية للسلام الصادرة عن قمة بيروت عام 2002 بصورة رسمية وعلنية.
– لعل أبسط جواب لبناني هو يا أصحاب المعالي طبقوا ما عليكم لنطبق ما علينا، ويا دار ما دخلك شر، وإن تخلّيتم عما عليكم تخلّينا عما علينا، وقد تضمّنت قراراتكم التزاماً باعتبار القرارات الدولية، اساس أي تعامل عربي مع كل ما يتصل بالاحتلال الاسرائيلي وتداعياته، وإن نجحتم نجحنا وان فشلتم وتراجعتم فشلنا وتراجعنا، أفيدونا يرعاكم الله!