عقيدة يهوذا الإسخريوطي حقيقة وليست «تجليطة»
} خضر رسلان
خيانة يهوذا الإسخريوطي للسيد المسيح كانت أول خطوة اتخذها اليهود لتقديم يسوع للمحاكمة؛ سواء اكانت أمام المحاكم الدينية (اليهودية) أو المحاكم المدنية (الرومانية). كما أنّ التاريخ لا ينسى هذه الخيانة التي حكمت بالموت عن طريق الصلب، وأيضاً كانت الخيانة مؤلمة للإنسانية حيث وصلت إلى أن يسلّم التلميذ معلمه ظلماً من أجل ثلاثين من الفضة،
علماً بأنّ هذا الخائن، لم ينتفع شيئاً من خيانته، بل أصابه ضرر بالفعل، إذ قيل عنه «ويل لذلك الرجل الذي به يُسلَّم ابن الإنسان، كان خيراً لذلك الرجل لو لم يولد» (مت 24:26 مر21:14 ؛ لو22:22.
ومن الجدير بالملاحظة أنّ مصطلح «قبـــلة يهــــوذا» أصبح يستخدم للإشارة إلى كلّ من يخون، أيّ نوع الخيانة سواء كان شخصاً يخون وطنه أو شعبه أو صديقه… ومن هنا أصبح يهوذا الإسخريوطي مثلاً في الخيانة، كما اتصف بأنه كان شكاكاً، وطماعاً، وخائناً ومحباً للمال (يوحنا 12-6) وكانت نهايته الانتحار.
عقيدة يهوذا اعتنقها كثيرون منذ خيانة الإسخريوطي وتآمره من زمن هيرودوس وبيلاطس الى يومنا هذا؛ وشواهد ذلك كثيرة فكما تآمر على معلمه ومرشده من أجل ثلاثين من الفضة وانسجاماً مع كينونته المجبولة بالطمع والجشع والخيانة التي أدّت إلى أن يحاكم السيد المسيح بالصلب. وهذا الصليب المنسوب الى عقيدة يهوذا الذي رفع شعاره البعض بعبارات «احمل صليبك واتبعني»، وهو الصليب المتناقض مع الذي أراده السيد المسيح ان يكون حاملاً لآلام الرعية، بل هو صليب يرفع لتأكيد عقيدة يهوذا الاسخريوطي المشبع بالخيانة والطمع وحب المال والتشكيك بكلّ الآخرين ويبرز ذلك في محطات أبرزها:
1 ـ أتباع عقيدة يهوذا الخائن برعوا في خيانة وطنهم بالتواطؤ مع العدو الصهيوني إبان اجتياحه لبنان عام 1982، ومن ثم قاموا كما يهوذا الذي سلّم اليهود السيد المسيح بتسليم رقاب المئات من اللبنانيين والآلاف من الفلسطينيين الى الصهاينة وقاموا بالتكافل والتضامن معهم بأبشع مجزرة يندى لها الجبين بحق أناس عزل وهذا يعكس عقيدة هذه الجماعة الإسخريوطية.
2 ـ احمل صليبك صليب يهوذا واتبعني نحو تهجير المسيحيين من شرق صيدا وجبل لبنان واتبعني نحو حالات حتماً، ولو ادّى ذلك لصلب رئيس وزراء لبنان الشهيد رشيد كرامي، فالعقيدة الإسخريوطية تحتم على معتنقيها التمادي في خيانة أبناء جلدتهم بالتهجير وبالقتل والاغتيال للشركاء في الوطن.
3 ـ 15 كانون ثاني 1985 وانسجاماً مع عقيدة يهوذا الممزوجة بالحقد والخيانة والكراهية جرى إسقاط الاتفاق الثلاثي وتحت عنوان «المجتمع المسيحي فوق كلّ اعتبار»، وبعد خروج إيلي حبيقة من مبنى جهاز الأمن المحاصَر سُفكت دماء مئات الشباب بالرمي بالرصاص او الرمي بالبحر، وللمفارقة فإنّ فوائد ومكتسبات «المجتمع المسيحي» من الاتفاق الثلاثي تفوق بدرجات ما تحقق من خلال اتفاق الطائف الذي وافق عليه المنقلبون على الاتفاق الثلاثي.
4 ـ وفق العقيدة نفسها وانسجاماً مع مندرجاتها تمّ التنصّل بعد الموافقة والمجاهرة بذلك من التزامه بالتصويت على القانون الأرثوذكسي للانتخابات ولم يكن التنصّل لمصلحة وطنية او خاصة بل بالانصياع للارادة الخارجية.
ـ لقد عاش يهوذا مع تلامذة السيد المسيح ردحاً من الزمن وأصبح أحد حوارييه ولكن النفس المجبولة على الحقد المكنون وغير المعلن والنفس الأمّارة بالخيانة جنحت به نحو الوشاية بمعلمه، وتلك خصال من أردأ ما يمكن ان يحملها آدمي، وكذلك الحال ما شعر به الرئيس سعد الحريري بعدما أصابه من عميد العقيدة اليهوذية الاسخريوطية من فعل خيانة وطعن ووشاية بالرغم من كلّ ما قام به اتجاهه سابقاً سواء كان من تجيير الأصوات لحزبه في الانتخابات النيابية او من خلال المشاركة بقوة لإصدار عفو عن حكم مبرم صادر بحقه عن أعلى سلطة قضائية في لبنان.
في الخلاصة فإنّ عقيدة يهوذا الاسخريوطي المبنية على الخيانة والطمع والقتل والتشكيك بالشركاء في الوطن هي حقيقة بل انها مؤسسة ضمن إطار منظم تطبق هذه النظرية بأمانة وبالتالي فإنها عقيدة حقيقية وليست «تجليطة».