طرابلس والعزف على موسيقى الإرهاب!
} ابراهيم نشابة
الأمن المتفلت في طرابلس والعزف على موسيقى الإرهاب والقتل المتعمّد بات يشكل حالة استفزازية لكلّ المواطنين الطرابلسيين الذين آمنوا بهذه المدينة العريقة واتخذوا قرار البقاء فيها رغم كلّ الأزمات المتراكمة التي هزت عرشها العلمي والثقافي والمعيشي والاقتصادي…
نحن أمام إشكالية خطيرة نكاد لا نجد لها مخرجاً أخلاقياً أو قانونياً أو حتى سياسياً… حيث لم تعد المشكلة تقتصر على فوضى التهميش والانهيارات الاجتماعية البنيوية ولا حتى على الهوية المفقودة في شوارع المدينة وأزقتها وأسواقها، بل نحن أمام مشكلة مفتوحة على كلّ الاحتمالات، حيث تحوّلت طرابلس الى ساحة مشرّعة أبوابها للسرقة والفساد والقتل وكلّ الأعمال الجرمية والمخلة بالأمن، في الوقت الذي تعيش فيه العائلات الطرابلسية الحقيقية على ركام الحروب الطائفية والتدخلات السياسية النفعية والزبائنية التي خلقت أجواء غير مريحة اجتماعياً وعلائقياً وأحدثت خرقاً في جدار النهضة الطرابلسية الممتدّة في التاريخ…
في هذا السياق، بات بالإمكان الحديث عن الغايات والأهداف من تشويه صورة طرابلس الحضارة والثقافة، وتحويلها بفعل فاعل الى مدينة مخيفة يتغلغل فيها الفكر الإرهابي والإلغائي ويتنفس فيها المجرمون بكلّ حرية وبلا أية قيود…
وهنا نطرح مسألة العلاقة الخطيرة بين القتلة ورجال السياسة وبين قادة المحاور العنفية والإجرامية والجمعيات المحلية والدولية الراعية لوجودهم وقوّتهم ودورهم الفاعل في كلّ منطقة وكلّ شارع وحيّ. فهل بات بالإمكان طرح السؤال عن علاقة كلّ هذه القوى السياسية التي حكمت المدينة برفع وتيرة العنف والتطرف وارتفاع نسبة الجرائم والأعمال المخلة بالأمن بكلّ تسمياتها؟ ألا يستطيع من يتولى إدارة شؤون البلاد أن يضبط أمنياً واقع هذه المدينة المتفلتة المتحوّلة الى غابة لا قانون فيها؟ هل تستحق طرابلس وأهلها كلّ هذا الخراب والإرهاب؟
هذه المدينة التاريخية لم تكن يوماً حاضنة للإرهاب والإرهابيين… وانْ تحوّلت الى مدينة منسية من قاموس الدولة اللبنانية، وقاموس السياسيين وأجنداتهم وأهدافهم وخططهم الاستراتيجية للبقاء في السلطة، إلا أنها تشهد منذ فترة زمنية طويلة اختراقاً ايديولوجياً إرهابياً زرع بذوره في أحياء مهمّشة فاقدة للحياة، وها هي طرابلس تحصد يوماً بعد يوم ما زرعته أيادي المجرمين…
في النتيجة، الإرهاب لا دين له ولا طائفة ولا وطن، هو مجرد ورم خبيث وجب اقتلاعه ومن ثم علاج آثاره وتداعياته…