«شرم شيخ سوري» لسلام سورية الآتي؟
بلال شرارة
عاش الشرق ويعيش منذ ألف سنة وربما أكثر على وقع الصراع على سورية. قبل ذلك كان الصراع على ممالك الشاطئ: صور، صيدون، جبيل… ومنذ معركة اليرموك يحتدم الصراع على دمشق، وما يحصل بمحاذاتها يقصدها بلا أدنى شك، فالأباطرة الذين يريدون حكم العالم أو تقاسمه يعرفون أنّ دمشق هي مفتاح الشرق.
في هذه الأيام، وبعد أربع سنين من حرب أكلت نيرانها الأخضر واليابس في سورية، ولم يبق أحدٌ إلا أدخل إصبعه في جروحها، ولم تبقَ دولة صناعية كبرى غربية أو شرقية أو إقليمية إسلامية أو عدوة إسرائيل أو صديقة أو شقيقة إلاّ جعلت حدود سورية مفتوحة على الأزمة، وموقعاً لتثبيت خطها أو لإمرار السلاح والمسلحين والمال الى سورية… اليوم إذن، وبعد أربع سنين، يصعّدُ البعض كلامياً ويوقع اتفاقيات لـ«تدريب تمديد المسألة السورية» ثم يهدأ «يكنّ» ويطلق سياسة جديدة .
ـ وفد برلماني فرنسي يزور سورية والحكومة تتبرّأ منه.
ـ وفد من البرلمان الأوروبي يزور سورية في نيسان المقبل على وقع أخبار تفيد أنّ سفارة الاتحاد الأوروبي ستبدأ هذا الصيف باستعادة دوام نصف شهري.
ـ وفد برلماني شعبي تركي معارض يزور سورية.
ـ رئيس مجلس الشيوخ البلجيكي سيزور سورية هذا الشهر.
ـ وزيرالخارجية الأميركي يعلن: سنضطر إلى التفاوض مع الأسد ويستدرك «بعد تشديد الضغوط».
ـ الاستدراك كلام سياسي لإرضاء غرور الخصوم.
ـ المعارضة السورية تجتمع في القاهرة 17/9 وفي برلين يوم 19/3 بحضور كبار موظفي «النواة الصلبة» في 11 دولة ممّا يوصف بـ «أصدقاء سورية»؟
الأساسيّ هو انعقاد منتدى موسكو الثاني بين السابع والتاسع من نيسان المقبل بين الحكومة السورية والمعارضة، وهنا سيجد جميع الذين غرزوا سكاكينهم في سورية أنفسهم يسعون إلى جمع لجان المعارضة لإيجاد مخرج للمسألة السورية.
لم يتنبّه أحد إلينا نحن أصدقاء سورية الحقيقيين يوم حذرنا من أنّ تعريض سورية للخطر سيؤدّي، مثلما قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، الى تقسيم المقسّم سورية. ولم يتنبّه أحد الى التحذيرات المماثلة التي أطلقها أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية الروسي لافروف.
اليوم، تقف سورية على أبواب فلسطين، والحرب الحقيقية تدور أمام أعين الجولان العربي السوري، وهي حرب التقاطع الأخطر بين سورية وكيان العدو «الإسرائيلي» على محاور القنيطرة وأرياف دمشق ودرعا.
اليوم، تقف الحرب على سورية على أبواب الأردن، وعلى أبواب تركيا، وهي فتحت أبواب لبنان في جروده الشرقية والشمالية. وتقف الحرب على سورية في العراق وقد دخلت من أبوابه الواسعة الى الأنبار والى مختلف محافظاته، واحتلت نينوى وعاصمتها الموصل، واليوم يستعيد الجيش العراقي والحشد الشعبي والبيشمركة المبادرة من تكريت نحو العراق كلّه لتحريره من «داعش».
تقف الحرب السورية في سقف حلوقنا وفي قجة قلوبنا وعلى رأس لسان أرواحنا.
اليوم، يجب ان يُقال للجميع: كفى. ويجب أن يؤمن الجميع بأنّ حلّ المسألة السورية هو حلّ سياسي، وبأنّ أحداً في الدنيا لا يستطيع أن يفرض التغيير بالقوة، وبأنّ النظام لا يريد ولا يمكنه منع معارضته بالقوة، وبأنّه يريد إصلاحاً وجعل سورية نموذجاً يشعّ على المنطقة العربية، وهذا ما لا يريده الأشقاء.
مصر وسورية مجدّداً؟
30 حزيران يونيو سوري يعيد كلّ شيء كما في مصر الى المربع الأول؟
والدماء التي سالت والمليارات التي صرفت؟
الله يعوّض…
في الصيف لن يضيّع أحد اللبن!
في الصيف سيعقد «شرم شيخ سوري». وأصدقاء سورية الذين موّلوا انتحارها وانتحارهم سيدفّعهم أتاوة السلام السوري وإعادة إعمار سورية.
وهكذا فإنّ المؤتمر الذي يُعقد في 31 آذار في الكويت تحت عنوان «المؤتمر الدولي الثالث للمانحين» سيكون آخر المؤتمرات باسم «الحرارة» و«الحنين» و«الشفقة» على الشعب السوري.