صمود المقدسيين في الشيخ جراح ومعادلة سيف القدس: مأزق الاحتلال يتفاقم
} حسن حردان
مرة جديدة اشتعلت المواجهة في القدس المحتلة بين العرب الفلسطينيين المقدسيين، والمستوطنين الصهاينة مدعومين من قوات الاحتلال، بعد اقدام إحدى المحاكم الصهيونية على إصدار حكم بإخلاء عائلة فلسطينية من منزلها في حي الشيخ جراح لصالح أحد المستوطنين.. في حين قاد عضو الكنيست المتطرف ايتمار بن غفير مجموعة من المتطرفين لإجبار العائلة الفلسطينية على إخلاء منزلها بالقوة.. الأمر الذي أدى إلى استنفار أهالي الشيخ جراح مدعومين للتصدي لاعتداء المستوطنين، وحماية صمود العائلة المقدسية في منزلها الذي تسكنه منذ عشرات السنين…
يبدو من الواضح أنّ قرار المحكمة الصهيونية وتحرك المستوطنين بدعم من قوات الاحتلال، إنما جاء في محاولة لتحقيق عدة أهداف:
أولاً، إحياء المخطط الصهيوني لتهويد مدينة القدس من خلال استئناف عمليات إخلاء العائلات الفلسطينية من منازلها في أحياء المدينة القديمة بدعوة أنّ ملكيتها انما تعود لعائلات يهودية، وذلك في سياق خطة القضم التدريجي للأحياء العربية في المدينة…
ثانياً، محاولة استعادة زمام المبادرة الصهيونية، التي فقدتها سلطات الاحتلال في القدس المحتلة، من خلال العمل على كسر معادلة سيف القدس التي كبّلت أيدي الاحتلال وحمت المقدسيين وأجبرت حكومة العدو على وقف قرار المحكمة الصهيونية العليا بإخلاء عشرات العائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح…
ثالثاً، إسقاط الإنجاز الذي حققه الشعب الفلسطيني ومقاومته، وادّى الى رفع معنويات وصمود المقدسيين في مواجهة هجوم قوات الاحتلال والمستوطنين الصهاينة…
لكن هذه الأهداف الصهيونية من وراء استئناف عمليات طرد المقدسيين من منازلهم وهدمها، ستواجه مجدداً الفشل وتفاقم من مأزق الاحتلال في سعيه لمحاولة العودة لفرض مخططاته الاستيطانية في القدس المحتلة، وذلك لعدة أسباب:
السبب الاول، صمود المقدسيين وتمسكهم بالبقاء في بيوتهم وأرضهم ومقاومتهم هجمات المستوطنين وإرهاب قوات الاحتلال، حيث عبّر عن هذا الصمود والمقاومة بسرعة تحرك أهالي حي الشيخ جراح وتحرك المقدسيين من أحياء المدينة لنصرتهم وإحباط أهداف المستوطنين ومنع استفرادهم بأهالي الحي..
السبب الثاني، مسارعة فصائل المقاومة الفلسطينية إلى تذكير حكومة العدو بمعادلة سيف القدس التي فرضتها فصائل المقاومة في المواجهة الأخيرة من العام الماضي، والتي ادّت إلى إجبار سلطات الاحتلال على التراجع عن قرار إخلاء عشرات العائلات الفلسطينية من الشيخ جراح.. والتأكيد أنّ فصائل المقاومة لن تسمح المسّ بهذه المعادلة وهي حاضرة وجاهزة لنصرة أهالي القدس اذا ما تعرّضوا لأيّ تهديد حقيقي..
السبب الثالث، ظهور استعدادات قوية بأن تأجج المواجهات في القدس المحتلة سيقود إلى اشتعال انتفاضة شعبية جديدة تشمل الأراضي المحتلة عامي 48 و 67. السبب الرابع، تحذير الصحافة «الإسرائيلية» من أنّ استمرار ما اسمته «أزمة الشيخ جراح» سيؤدي إلى إلحاق الأذى بـ «إسرائيل» انطلاقاً من هذه الأزمة تحوّلت إلى ملحمة جراح ووقود لما أسمته «الدعاية المناهضة لاسرائيل»..
انطلاقاً مما تقدّم يتضح أنّ محاولات الاحتلال استئناف مخططه الاستيطاني التهويدي في القدس المحتلة سيقود إلى إدخال سلطات العدو مجدداً في مواجهة شاملة مع المقاومة والشعب الفلسطيني في كلّ أماكن تواجده في فلسطين المحتلة إلى جانب عودة صورة التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني مما سيجبر حكومة العدو على الرضوخ مجدداً لمعادلة سيف القدس، وهو الأمر الذي يقلق الحكومة «الإسرائيلية».. ويجعلها في حالة تردّد من الذهاب بعيداً في المواجهة.. لكن في كلا الحالتين، ان ذهبت إلى المواجهة أو تراجعت عن ذلك، فإنّ مأزق الكيان سوف يزداد تفاقماً على أرض فلسطين المحتلة، بفعل المعادلات الجديدة التي يفرضها نضال وصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، وهو ما يؤكد حقيقة أنّ الاحتلال الصهيوني ليس كلي الجبروت لا يمكن قهره ومنعه من تنفيذ مخططاته الاستيطانية، خاصة عندما تتوافر إرادة المقاومة والصمود وتتوحد قوى المقاومة مع انتفاضة الشعب في مواجهة المحتل ومستوطنيه…