الشمال السوريّ الى الحصاد
خلال شهور ماضية كانت التهدئة النسبية على جبهات الشمال السوري، لجهة غياب خطط هجوميّة كالتي عرفناها في محطات سابقة، نتيجة لترقب روسيّ لمسارات المواقف الأميركية والتركية، في ضوء المشهد الذي كان قيد التشكل حول منطقة القرم، لتحديد أولوية جبهة الاشتباك من جهة، والسقف السياسي لهذا الاشتباك بين إطار المواجهة الاستنزافية أو المواجهة المفتوحة، وفقاً لتقدير حدود التطرّف والعناد في مواقف الجهة المقابلة.
سورية التي تنظر لتحالفها مع روسيا بصفته ركناً رئيسياً في صناعة موازين القوى التي حققت الانتصارات، لها قراءتها الخاصة، لجهة أن الثنائي الأميركي التركي لا يختلف في التركيبة والتكوين والنظرة عن بعضه البعض، وأن الاحتلالين لا يقيمان حساباً للقانون الدولي ولا للسياسة، ولن يفهما إلا لغة القوة، ووفقاً لتجربة سورية في معركة حلب فإن ضبط توقيت المعارك على الساعة الروسية يحقق الأهداف ولو أجل مواعيد الاستحقاقات.
ما جرى حول الأزمة المتفجرة بين روسيا والغرب من بوابة أوكرانيا، تحمل معها مؤشرات جديدة في الموقف الروسي تجاه الاحتلال الأميركي، لجهة الاعتقاد بأن توقيت ترحيل الأميركيين من سورية قد يكون قريباً، وهذا ما كانت تتوقعه روسيا في حال تيقنها من خطة التصعيد الأميركية في أوكرانيا، وهذا ما حصل، لكن موسكو كانت تترقب لتعرف كيف ستتصرف تركيا؟
جاء الإعلان التركي المتماهي مع موقف دول حلف الناتو، وتصريح الرئيس التركي رجب أردوغان بأن القرارات الروسية غير مقبولة، ليؤكد القراءة السورية بالنسبة لموسكو، حول الخداع والتلاعب كسمة من سمات السياسة التركية.
جبهات شمال سورية على موعد مع حصاد إيجابي لما يجري في أوكرانيا لجهة حسم موسكو للتردّد في تلقين الاحتلالين الأميركي والتركي ما يجب أن يتعلّماه.