إلى والدي جان ناصيف
أعتذر من كلّ من خسر والده باكراً لكن الشعور بفقدان الأب لا يعرف عمر أو سبب، الحزن نفسه…
ودق الحزن قلبي…
أبي يا حب لبعمره كلّ يوم بزيد
يا عطف ما عرفت غيره دفى وأمان
يا عزتي وثقتي وحبي للأبد
أبي يا رمقي الأخير هل تعلم؟ كنت أخشى من هذه اللحظة رغم ما رأيته من قساوة في الحياة لأبناء الشهداء،
هل تعلم بماذا شعرت؟ كان ما ليس في الحسبان…
كنت أعتقد أنني قوية، وجبارة، وأنّ الحياة دعكتني وأجبرتني على عبادة قساوتها، لكن وفاتك خيّبت ظنّي وكشفتني بضعفي، وبقوّة تعلّقي بك.
أبي سأخبرك ما كنت أخشاه:
كنت كلما حضرت مأتماً أخرج منه وأتوسّل ربي أن لا يقعدني في المقاعد الأولى في الكنيسة، كنت أكره هذا المشهد بمآتم الأصحاب والأعزاء والرفقاء. اليوم لا أستطيع أن أصف لك شعوري.
كان رضاك هو عشق حياتي وقوة شخصيتي وجبروت مواجهتي.
أبي كانت جميلة تلك اللحظات حين أصل إليك وأنت نائم ألمس جبينك أقبّله يعمّني الفرح، أطمئنّ أنك مرتاح في سريرك وحاضر بيننا .
ماذا سأفعل؟ من سيمنحني هذا الأمان الذي كنت أشعر بوجوده معك؟ أبي كنت كلما تراني تسألني؟ أنت مبسوطة؟ مرتاحة؟ أكلتي؟
آخ يا أبي لو تعلم كم أتعبتني وفاتك، حرقت قلبي، علماً أنني متأكدة أنّ الموت قدر لا مفرّ منه. ولكن لم أكن أعلم أنني سأشعر بهذا الإحساس كنت أقول: «أنا لن أبكي أنا عشت مع أبناء الشهدا ورأيت حرمانهم، كنت أقول يجب أن لا أبكي لا…»
ولكن الموت ما في قرار وما في كبير وصغير، ومهما حزننا وبكينا وتألّمنا بوفاة أعزاء يبقى فراق الأهل أصعب رغم العمر أو السبب…
أبي… يا روحي يا حبيبي… أشتاق أن أغمرك وأشمّ رائحتك، يا عمري مشتاقة إسمعك عم بتقلي وحياة ولادي شتقتلك وحياة ولادي بحبك كثير…
مين بدّو يقلي بس أوقف تإمشي يي ل وين؟ قلك بدي اطلع لعند عيلتي يا بيي… بتجاوبني إيه إذا هيك روحي ألله معك وشو حلوة كلمة الله معك منك .
كانوا يقولوا لي بدك تندمي عالأيام اللي كنت عم أركض فيها وأنا بعيدة عنك وحسّيت بالندم من أول لحظة وداع…
بابا شو كانت صعبة أول مرة قالوا لي «الله يرحمه»، كثير صعبة.
شو كانت صعبة إني نازلة من المتن ع أميون حتى شوفك ميت وأدفنك، أوف كثير هالقد.
كنت مبسوطة فيك تجاوزت الكورونا وعملت اللقاح وانه الكورونا ما قدرت عليك وانه صار عمرك هالقد كنت شوفك طفل والطفل عنده حياة طويلة، طلع ما حدا في يلغي الواقع مهما كانت محبته ولا في يلغيه بأنانيته…
بالنهاية بدي قول الله يرحمك يا حبيب العمر…