ما أشبه اليوم بالأمس
الياس عشّي
دخل الصراع مع سورية عامه الخامس، ودخل العالم كلّه حرباً مع الإرهاب يدفع ثمنها مدنيّون أبرياء، لا فرق إن كانوا عرباً أو أجانب، مسلمين أو مسيحيين، أطفالاً أو شيوخاً، عمّالاً أو طلاّب علم.
حرب إرهابية قذرة تتنقل من مكان إلى آخر، فيمتلئ المكان برائحة الجثث، ويتسمّم الهواء بأفكار كنّا نعتقد أنها على وشك الزوال بعد انتصار ابن رشد على المتشدّدين في عصره.
عام 1993 كتبتُ الآتي:
«كلّ الأشياء من حولنا تبدو وكأنها خارجة عن الزمان وعن المكان، ويكاد الكلّ أن يسقط في الفراغ :
فلا الحجّة مقنعة، ولا النظريات، ولا المعاهدات… الكلّ في متاهة…
إنه النظام العالمي الجديد!
تابعوا معي هذا الشريط:
1 ــ الصوماليون أسقطوا طائرات أميركية.
2 ــ الولايات المتحدة الأميركية تعيد النظر في سياستها الصومالية، وتتراجع عن اعتقال «عيديد» بل هي تدعو الآن إلى فتح حوار معه»
المصدر: كتاب: وطن للبيع… فمن يشتري ؟ ـ تأليف : الياس عشي ـ صفحة: 45 .
ما أشبه اليوم بالأمس! فقبل أيام أشعل السوريون شمعة في سمائهم عندما شبّت النار في طائرة تجسسّ أميركية، وقبل ذلك أصبح الحوار مع الرئيس بشار الأسد ضرورة، رغم الهستيريا التي ضربت المعسكر المناوئ في لبنان… وفي غير لينان.
مع بداية الأزمة السورية، أي قبل أربع سنوات، طالب المعسكر الغربي، وفي مقدّمه أميركا، ومعه المعارضون على إلغاء حالة الطوارئ، وإلغاء المادة الثامنة من الدستور، وعندما تمّ لهم ذلك بدأوا الرهان على تدمير البنى التحتية للدولة السورية، كشرط لا بدّ منه لتفكيكها، وتأسيس دويلات مذهبية وعرقية توضع في خدمة «إسرائيل».
الخسائر البشرية والماديّة التي أصابت سورية والسوريين لا تقدّر، لكنّ السوريين يقرأون التاريخ جيداً، ويعرفون أن الأمم الحيّة لا تموت. قد تكبو، لكنها لا تموت.
خلال أربع سنوات تعرّف المعارضون على أفضل السماسرة، ونزلوا في فنادق الدرجة الأولى، ورفعوا في المؤتمرات علمهم «الخاص»، ودخلوا جامعة الدول العربية مثل الطاووس… فما هي خططهم للسنة الخامسة؟
المعارضة لا تريد الأسد، وأكثريّة السوريين لا تريد إلاّ الأسد.
فتعالوا إلى جنيف وضعوا أوراقكم على الطاولة، هذا إذا بقيت لديكم أوراق.