ترامب: أميركا من شرطة إلى شركة تبيع وتشتري
} عمر عبد القادر غندور*
هستيريا العقوبات على روسيا تتواصل على كلّ صعيد، وأهمّها الإضرار باقتصاد الدولة ومواردها المالية وحرمانها من نظام «سويفت» الشريان المالي العالمي الذي يسمح بانتقال سلس وسريع للمال. وقد أنشئ هذا النظام عام 1973 ومركزه بلجيكا، وهو يربط 11 ألف بنك ومؤسسة بأكثر من 200 دولة، بالإضافة الى خطر السفر لعدد غير قليل من القادة. وأيضاً استهداف ٧٠ بالمئة من الأسواق المالية الروسية والشركات الكبرى المملوكة للدولة، وقطاع الطاقة الذي يمنع الصادرات التي يحتاجها قطاع إنتاج الطاقة.
ورغم الاعتقاد انّ القادة الروس درسوا أقصى العقوبات التي يمكن للولايات المتحدة والغرب اتخاذها جراء «تأديب» أوكرانيا، لا نعتقد انّ روسيا توقعت مثل هذا الردّ العنيف، وامتداده الى الألعاب الرياضية التي بدأها الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» واللجنة الأولمبية الدولية ورابطة الدوري الانكليزي الممتاز والاتحاد الأوروبي لكرة القدم الذي يمنع الحكام الروس من المشاركة في النشاطات التي ينظمها واستبعاد روسيا من المشاركة بدورة الألعاب البارالمبية الشتوية التي أقيمت في العاصمة الصينية.
وقد بلغت هستيريا العقوبات ان قرّر الاتحاد الدولي للقطط fife رفض مشاركة القطط الروسية في المعارض الدولية للقطط !!
ولا يبدو في الافق انّ الحرب في أوكرانيا الى انحسار، بل مرشحة الى وقت لا يعلمه الا الله، بدليل الانخراط الأوروبي في هذه الحرب عبر إمدادها بالمال والسلاح والمقاتلين حتى السويد والنروج وهولندا، وحتى سويسرا لم تلتزم بالحياد، وبالأمس أعلنت وزارة الدفاع الألمانية انه تمّ تجهيز دفعات جديدة من الأسلحة لتسليمها الى أوكرانيا، وقال المتحدث باسم الوزارة لا يمكنني أن أؤكد انه يجري إعداد شحنات اخرى للشحن الى المستودعات ولا أستطيع إعطاء المزيد من التفاصيل.
فيما يتواصل إرسال المتطوّعين والمرتزقة الى أوكرانيا، وفيهم فصيل من تنظيم داعش، وقد جرى القضاء على معظم أعضاء هذا الفصيل في اليومين الماضيين.
بدورها تؤكد موسكو انّ الحرب لن تتوقف قبل نزع الأسلحة الأوكرانية، وقبل التأكد من «زوال الخطر النازي الجديد على حدودنا»، وإذ ذاك يمكن ان نتفهّم القلق الذي يساور الروس من النظام الأوكراني الذي تتعاطف معه أوروبا والولايات المتحدة وعلى نحو صريح وواضح وتجنّد له المساعدات العسكرية وأحدث الوسائل الإعلامية ووباضطراد لم يسبق له مثيل، وبات من حق الروس ان يتهموا «الناتو» بمحاصرة روسيا، وتجنيد النازيين الجدد، بدليل ما أعلنته أوكرانيا انّ آلاف المتطوعين عادوا الى أوكرانيا للدفاع عنها !!
ولا يخفى أبدا الدور الأميركي الذي يقود الحرب في أوكرانيا، ولعل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قال في كلمة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ما يفيد بحقيقة النوايا الأميركية ويقول:
«لم تعد المقاييس الأخلاقية هي التي تحكم العالم بدليل أننا لم نعد نملك المشاعر والأحاسيس! وفي المستقبل قد نقتل الكثير من العرب والمسلمين ونأخذ أموالهم ونحتلّ أرضهم، وهذا أقلّ مما يفعله المسلمون بأنفسهم! ومن حقنا ان لا نأمن لهم لأنهم أغبياء وخونة، والعرب يتقاتلون طائفياً مع انّ لغتهم واحدة ويدينون بدين واحد، والمنطق يبرّر عدم بقائهم! أما صراعنا مع إيران ليس لأنّ إيران هي التي اعتدت علينا بل نحن الذين نحاول ان ندمّرها ونقلب نظامها، وهو ما فعلناه مع كثير من الدول والأنظمة، وحتى نبقى الأقوى يجب ان نضعف الجميع، ولم نكن مخطئين عندما كنا نقتل الشعوب تحت مسمّيات الديمقراطية. اما اليوم لم يعد من داع للاختباء وراء إصبعنا، وأنا أقول أمامكم: لقد تحوّلت أميركا من شرطة الى شركة والشركات تبيع وتشتري ولا شيء يهمّها أكثر من الوطن العربي. ومثلاً ما صرفته أميركا في حرب عاصفة الصحراء أقلّ مما تصرفه السعودية في حربها على اليمن وهي تطلب حمايتنا وتدفع مليون دولار ثمن صاروخ ليدمّر موقعاً او سيارة لا يتجاوز ثمنها بضعة آلاف من الدولارات، ومصانع السلاح عندنا تعمل ولا يعنيني من يموت ومن يبقى حيا !
بمثل هذه «المبادئ» تنتصر الولايات المتحدة لاوكرانيا، ويقول رئيسها السابق ترامب: هذه السيطرة تساعدنا لبسط إرادتنا على أوروبا والصين واليابان…
ولا نضيف شيئاً الى بذاءة ما قاله ترامب.