الأزمة الأوكرانية كتلة من المخططات تحت الرماد
} رنا العفيف
العمليات العسكرية الروسية بأسبوعها الأول في أوكرانيا تتقدّم في الشمال والجنوب ونحو كييف، وتسابق أطلسي على تقديم الأسلحة لسلطات كييف، فيما مسلسل العقوبات الغربية مستمرّ على روسيا. هل نحن أمام مرحلة جديدة قد تعيد إلى أذهاننا صورة الانقسام أيام الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي سابقاً؟ وما هو المطلوب أميركياً؟
طبعاً المواجهة بين روسيا والأطلسي على أرض أوكرانيا مستمرة، وهذا قد يؤسّس لمرحلة جديدة رفضا للأحادية، لا سيما وبنظرة خاطفة نشهد اصطفافات سياسية واقتصادية تشير إلى توازنات دولية جديدة، وذلك من خلال الدول الأطلسية وهي بقيادة الولايات المتحدة ومنها دول في حلف وارسو التي تتسابق إلى تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا ومنها هجومية إذ قالت بريطانيا انّ الهدف من ذلك هو إفشال روسيا في أوكرانيا. في المقابل أكثر من نصف دول العالم رفضت المشاركة في العقوبات مثل الصين والهند وايران والبرازيل والمسكيك، إضافة لدول تقدمية في أميركا اللاتينية مثل فنزويلا وكوبا نيكاراكوا، هذا الفرز يجعلنا نتصوّر مشهد الحرب الباردة، ومدى خطورتها على العالم بما أنّ أوكرانيا ضحية حرب الصراع العالمي، إذ انّ هناك دراسة غربية تشير إلى انّ العالم يتجه إلى تعدّدية الأقطاب بدخول الصين إلى مرحلة الدول العظمى، وطبعاً هذا نتيجة حتمية للمواجهة الحالية بين الأطلسي والروسي، وهذا كفيل بأن يكون هناك مرحلة الرأس الواحد بعد انتهاء الحرب الباردة، والغرب بطبيعته يخشى من عملية الحسم الروسي السريع في أوكرانيا، وهذا ما اعترف به بايدن لذا تسعى لقطع التعددية على القطبية وهذا ربما يستدعي ضرب روسيا من الداخل…
هذا ما كشفته الأيام، خشية ان تعود ساحة المواجهة الكبرى إلى أوروبا، ولكن السؤال الجدير بالذكر والكبير هو كيف ظهرت الأسلحة المتطورة في كييف، وهل نحن أمام مخطط كبير؟ فمن أين ظهرت فجأة تلك الاسلحة وضدّ من ستكون؟
وفي الحرب الأوكرانية يوماً بعد يوم تتوضح رؤية المؤامرة الشرسة على روسيا لتتكشف معالمها في اليوم السابع للعملية العسكرية الروسية، التي كشفت شظايا العنصرية تطاير من الأزمة الأوكرانية، وأنّ حجم المخططات الرمادية كبيرة وكان أولها ظهور أسلحة حديثة ومتطورة في أوكرانيا والتي تبيّنت أنها موجودة في كييف منذ وقت طويل، وكلام سيرغي لافروف كان واضحاً من ناحية أن بلاده لم تقبل باستمرار وجود أسلحة نووية أميركية في أوروبا، وأنّ على الغرب الامتناع عن إقامة منشآت عسكرية في جمهورية الاتحاد السوفياتي السابق.
طبعاً هذا الكلام لا يأتي من فراغ لو لم تكن روسيا على يقين بأنّ الحرب الحقيقية وأهدافها هي مع واشنطن وليست مع أوكرانيا التي هي أداة مفخخة سياسياً وعسكرياً، ووسيلة درع استراتيجي تختبئ خلفه واشنطن، لمنع كشف ملابسات الحرب الحقيقية التي تعتليها على ظهر أوكرانيا وشعبها، ناهيك عن كشف روسيا لنوايا واشنطن المبيّتة من خلال المختبرات الجرثومية والكيمائية العديدة في أوروبا وتحديداً في دول محيطة لروسيا مثل جورجيا، بالإضافة إلى وثيقة سرّبت من موقع السفارة الأميركية في أوكرانيا، تكشف تعاون البنتاغون مع كييف في بناء مختبرات بيولوجية تحت عنوان «الحدّ من التهديدات البيولوجية» ومواجهة أخطار أمراض المعدية في العالم، وقامت بتحديث غرفة إدارة المخاطر البيولوجية، لماذا في هذا التوقيت؟ ولمن كلّ هذه المصانع الكيمائية وضدّ من ستستخدمها؟ وكان قد أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن بأنّ روسيا ستدفع الثمن باهظاً؟ أيّ أنّ هناك مخططاً غربياً خطيراً وكبيراً يهدف إلى انتشار المختبرات الأميركية البيولوجية في أوكرانيا وعلى نحو واضح لأهداف وغايات تخصّ كلّ الدول التي فرضت العقوبات على روسيا.
وإذا أردنا قراءة الميدان اليوم علينا مراجعة الأحداث التي بدأت منذ عام ٢٠١٤ في حين خصّصت وزارة الدفاع الخارجية الأميركية أكثر من مليارين وسبعمئة مليون دولار للمعدات العسكرية لمساعدة أوكرانيا، وعلى خلفية هذا الدعم تطرح أسئلة صعبة في الواقع الميداني الحالي ووصولاً إلى الإمداد العسكري الغربي وعلى رأسهم واشنطن، لتبقى خلفية الأحداث الأمنية التي دفعت روسيا إلى العمليات العسكرية لها مخلفات أكبر ودقيقة ترسم معالمها بشكل أوضح لأسباب عديدة منها العقيدة الاستراتيجية الروسية ويكفي هذا السبب لتتوخى الحذر الدول الأوروبية، في بعض الأحيان يجب ان ننظر إلى أكثر من زاوية لنقرأ المشهد بوضوح، وهذا ما سيتبيّن لاحقاً من خلال خطوات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اللاحقة والمتلاحق عليها.