NGOS فرع «الموساد» في لبنان
} شوقي عواضة
لبنان منارة الشّرق وموطن الحرّيات بعاصمته الأبيّة التي قاومت الاحتلال «الإسرائيلي» وجنوبه العتي على الجبابرة وبقاعه معقل الشّهداء وشماله العصيّ على الإرهاب… وطن الحرّيات التي كفلها الدّستور اللّبنانيّ وتميّز بها لبنان الدّيموقراطي عن أنظمةٍ قمعيّةٍ لا يحكمها دستور وتريد أن تعلّم اللّبنانيين الدّيموقراطيّة، ديكتاتوريون وقتلة ما زالوا يحكمون بأعرافٍ ممزوجة من أعراف العصر الجاهلي والتّضليل الأميركي أكثر النّاس عبوديّة للأميركي والسّعودي يرفعون الحرّية عنواناً لتحرير لبنان من (الاحتلال الإيراني) إنّهم مرتزقة لصوص النّفط وخيرات الشّعوب وعبيد السّفارات وبلطجيّة ما يُسمّى ngos من المستعربين لاستعادة هويّة بيروت العربية! وبيروت البريئة منهم لم تتخلَّ عن عروبتها يوماً ولم تتخلّف عن الرّكب العربيّ في مواجهة العدوّ ولا عن سورية قلعة المجد العربي، تلك العروبة التي عمّدت بدماء شهداء المقاومة وأثمرت تحريراً وانتصاراتٍ على جيش الاحتلال «الإسرائيلي»، حينها لم ترتفع أصوات أولئك الموتورين والمرتزقة مطالبة بمقاومة الاحتلال «الإسرائيلي» بل كانوا يروّجون لثقافة الهزيمة على قاعدة «أنّ العين لا تقاوم المخرز»! حينها لم نرَ (مقاومة) أبطال الأفلام الكرتونيّة في زمن الرّجال ضدّ الاحتلال «الإسرائيلي» في شوارع بيروت، وأزقتها التي كانت تفوح برائحة البارود والدّم، لم يعلُ صريخ أولئك الرعاديد بوجه دبابات العدوّ في عاصمة المقاومة…
اليوم انبروا في مشهدٍ استعراضي يدلّ على مدى حقدهم وهزيمتهم أمام الكلمة من خلال تهجّمهم على جناح «دار المودّة» الثّقافي في معرض بيروت للكتاب بطريقةٍ «داعشيّةٍ بيضاء» وبأسلوبٍ إلغائيٍّ يعبّر عن ديموقراطيّتهم، المعتدون قاموا بالتهجّم على صور الشّهيد القائد اللّواء الحاج قاسم سليماني القائد الوفي لفلسطين وللمقاومات العربيّة أكثر منهم، والمحبّ لبيروت كحبّه لطهران.
تلك العمليّة التي قام بها بعض المشبوهين تحمل الكثير من الدّلالات الخطيرة والكبيرة ولا يمكن إدراجها تحت عناوينَ حقوقيّةٍ أو إنسانيّةٍ بل لا يمكن إدراجها إلّا ضمن إطار تنفيذ أجندةٍ أميركيّةٍ «إسرائيليّةٍ» سعوديّةٍ ضمن الهجوم على المقاومة وإثارة النّعرات الطّائفيّة وأخذ لبنان إلى حربٍ فتنويّةٍ وأهليّةٍ لا تخدم إلّا تحالف الشّرّ الأميركي وحلفائه وفقاً لما يلي:
1 ـ إنّ الهجوم على جناح مودّة الإيرانيّ جاء بتوجيه وتحريض من أدوات السّفارات الـ ngos وبعض المشبوهين من الإعلاميين وبإدارةٍ سياسيّةٍ وقرارٍ مسبقٍ.
2 ـ وضوح عمليّة التّنسيق بين الهجوم وتأمين التّغطية الإعلاميّة اللازمة لتحقيق هدف العمليّة التّخريبي والإرهابيّ.
3 ـ آليّة العمل للفريق المرتزق وإدارته من غرفة عمليّات السّفارة الأميركيّة المشتركة.
4 ـ تزامن الهجوم التّخريبي مع تفاعل منسّقي المواقع الإلكترونيّة لدواعش 14 آذار وإعلامهم.
5 ـ استثمار الهجوم التّخريبي انتخابيّاً وسياسيّاً من قبل بعض المفلسين تحت عنوان الدّفاع عن بيروت ومنهم بعض المعروفين بولائهم الأميركي.
كلّ تلك المعطيات تؤكّد أنّ ما جرى ليس عمليّة تعبير عن حرّيّة بطريقةٍ حضاريّةٍ بل عن عملٍ إرهابيٍّ مدروسٍ أرادوا به إشعال لبنان في مشهدٍ فشل في مجزرة الطّيونة بحكمة الحريصين على لبنان والعيش المشترك والشّرفاء من أبنائه.
وثبت بالدّليل القانوني القاطع الذي لا اشتباه فيه ووفقاً لتحقيقات الأجهزة الأمنيّة اللّبنانيّة فإنّ أكثر من يقودون هذا العمل التّخريبي والتّحريضي يعملون بإدارة مخابرات العدوّ «الاسرائيليّ» وينفّذون توجيهاته وفقاً لاعترافاتهم في التّحقيق، ومنهم العميلة كيندا الخطيب التي كانت تتبع نفس الأسلوب التّحريضي وتمّ توقيفها والتّحقيق معها في الأمن العام اللّبناني وأحيلت للقضاء العسكريّ بعدما ادّعى عليها مفوّض الحكومة بالإنابة لدى المحكمة العسكريّة فادي عقيقي بجرم دخول الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة والتّعامل مع جواسيس العدوّ، وبالتّحقيق معها اعترفت الخطيب بوجود صلةٍ بينها وبين الصّحافي «الإسرائيلي» روعي قيس، مراسل الشّؤون العربيّة في قناة «كان» «الإسرائيلية»، وتوصّلت التّحقيقات إلى وجود محادثاتٍ بين كندة و»إسرائيليين» زوّدتهم بمعلوماتٍ عن شخصيّاتٍ في حزب الله، بينهم نائبٌ في البرلمان ومسؤولٌ في الحزب.
أنموذج آخر من نماذج الـ ngos الذين يعملون تحت عناوينَ مختلفةٍ أغلبها إعلاميّة أو من ناشطين أو سياسيين، وهو العميل محمد شعيب الذي تمّ توقيفه أواخر الشّهر الماضي بناء على معلومات وبالتحقيق معه اعترف بأنّه كان على تواصلٍ مع مشغّله «الاسرائيليّ» المدعو TOM، الذي كان يوجّهه لكتابة وإعداد تقارير عن قضايا سياسيّةٍ هي محلّ خلافٍ وانقسامٍ داخليين وأن يكتب هذه الموضوعات بما يصبّ في مصلحة دول الخليج وبلغةٍ معاديةٍ لإيران وحزب الله وحماس وبمصطلحاتٍ تشير إلى أنّ لبنان محتلٌ من قبل إيران، وطلب منه نشرها على مواقع «الكلمة أون لاين» و»لبنان 24» وموقع إذاعة «صوت كلّ لبنان»، وكان يتقاضى عن كلّ مقالٍ بين 50 و75 دولاراً وكان أحيانا يرسل له المقالات جاهزةً للنّشر، كلّ ذلك كان يجري علناً وتحت عنوان حرّية الرّأي والتّعبير ومقاومة (الاحتلال الإيراني) وهي نفس العناوين التي لا زالت تروّج وتعمل جهاتٌ سياسيّةٌ وإعلاميّةٌ على تبنيها وهذا يعني أنّ هناك جيشاً من العملاء تديره مخابرات العدوّ وهذا يستدعي توسيع التّحقيق من قبل الأجهزة الأمنيّة اللّبنانيّة التي سجّلت إنجازاً في الفترة الأخيرة باعتقال شبكات تجسّسٍ للعدو «الإسرائيلي» يعملون في كافّة المجالات الاجتماعيّة.
وفي ظلّ إصرار العدوّ وأدواته على إشعال الفتنة وإحراق لبنان لا بدّ للأجهزة الأمنيّة والقضائيّة من قول كلمتها من خلال استدعاء أيّة وسيلةٍ إعلاميّةٍ أو جهةٍ سياسيّةٍ أو أيّ فردٍ يعمل وفقاً لآليّة ومنهجيّة العمل الذي أدين به العميلان كيندا الخطيب ومحمد شعيب، لأنّ العمل وفقاً لآلية العميلين أصبحت واضحةً بأدواتها وعناصرها وفقاً للتّحقيقات الأمنيّة.
أمّا بيروت فقد قالت كلمتها الأبيّة حين خرج أبناؤها لمقاومة الاحتلال عام 1982 وإخراجه مذلولاً مدحوراً فبيروت لا يمثّلها إلّا الشّرفاء لا بضعة فتية مرتزقين…