أخيرة

أكراد…

الحياة خيارات، أنت وما تختار، لست من أولئك الذين يؤمنون بالإجمال، أيّ تلبيس أمة بكاملها خطيئة ارتكبها جزء من هذه الأمة، فليس هنالك على وجه البسيطة شعب نقي لا يعتريه الخاطئون، وليس هنالك شعب على وجه هذه البسيطة مطلق في تحيّزه نحو الخير أو الشر، فعلى ضفاف الكلّ، يقبع الاستثناء، والأكراد هم شعب آخر، فيه الغث وفيه السمين، فيه الطالح وفيه الصالح، ولكن مأزقه يبتدعه أولئك الذين يتولّون زمام أموره، فالطموح الكردي هو طموح سلبي، لا يحتفظ في ذاته مقوّمات استمراره، أمل الدولة الكردية الخالصة هو أمل غير قابل للتحقيق، على الأقلّ في الظروف الحالية، والسعي نحو إنشاء دولة كردية مستقلة بالمطلق هو سعي عبثي، لا تمتلك أية دولة كردية في بحر من العداء، مغلفة تماماً، لا منافذ لها على البحر، ومحاصرة بصورة مطلقة، مقوّمات البقاء.

الأكراد هم نسخة طبق الأصل من الأغلبية الساحقة لشعوب المنطقة، يرون شيئاً، وترى قيادتهم شيئاً آخر، ولذلك نرى هذا الكيان الشاذ في العراق وسورية يتأرجح بين محاولة الانسجام مع النسيج الكلي للمنطقة بكلّ تناقضاتها، وبين البحث عن رديف خارجي بغضّ النظر عن الانتماء الديني او الانتماء الإقليمي، فالغاية تبرّر الوسيلة، وفي خضمّ هذا التوجه القميء نحو خيارات بائسة، ينبعث علينا كيان طارئ لا يحمل مقوّمات الوجود، فيتأرجح بين الانتماء الجغرافي، وبين الرغبة في الاستقلال، فيقع في خطيئة التناقض الكلي مع المحيط واستعدائه، وهذا بحدّ ذاته خيار لا يشكل رافعة بأيّ حال من الأحوال لأحلام الدولة.

وفي النهاية لا يُحكم على شعب بشريحة واحدة قد تكون ألحقت به كلّ أصناف الإساءة، صحيح انّ الأكراد أنجبوا عائلة البارازاني، التي حافظت على علاقات وطيدة مع المشروع الصهيوني حتى قبل إنشاء الكيان، ولكنهم أنجبوا أيضاً، صلاح الدين الأيوبي، وشكري القوتلي، وعبد الباسط عبد الصمد، وسعاد حسني.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى