الخطر «الإسرائيلي» في العراق بين السرّ والعلن…
} رنا العفيف
لم يكن مكان الردّ الإيراني وطبيعته في حسبان «الإسرائيلي»، ولا حتى خليته الموسادية التي تتغلغل في كردستان العراق، إذ انّ لضربة إيران مدلولات عسكرية وأمنية وأيضاً استخبارية لاستيقاظ البعض من سباته، خاصة بعدما ضربت مركز الموساد في أربيل، إذ تؤكد طهران انها لا تستهدف سيادة العراق، لكنها لن تسمح بتحوّل الإقليم إلى قاعدة «إسرائيلية» في المنطقة. وهنا السؤال: ماذا تريد «إسرائيل» من كردستان العراق؟ وماذا عن توقيت استهداف إيران لهذه المراكز؟
في محط أنظار الشواهد التي تحسم الجدل بشأن الوجود «الإسرائيلي» في إقليم كردستان العراق، يُقرّ «الإسرائيليون» أنفسهم بذلك حيث لهم شركات وحضور أمني واستخباري لا سيما بعد احتلال العراق، إذ جاء استهداف الضربة الإيرانية على شكل رسائل متعدّدة الأوجه، وبالنظر لها يلفت الانتباه إلى مراحل تطوّر تغلغل الوجود «الإسرائيلي» في السر منها والعلن. وبحسب مراقبين فإنّ التحركات «الإسرائيلية» في المنطقة تعزز أكثر بغطاء أميركي حيث تعدّدت أشكاله وتوسع نطاق أهدافه، مستغلاً أزمات العراق الداخلية مما جعل للموساد موطئ قدم لينفذ مشروعه في العراق وربما بدول الجوار، كما يشدّد على ذلك الرافضون للمشروعين معاً…
كذلك تحدثت مصادر عن اتصالات بين «الإسرائيليين» وبعض أكراد العراق، والتي لها جذور تاريخية، وقد أوردها الإعلام «الإسرائيلي»، وذلك ليسهب في الحديث عن تطوّر تلك العلاقات عملياً بما في ذلك دعم انفصال الإقليم ضمن سياسة إضعاف الدول لتفتيتها وإقامة علاقات وطيدة تمكّنها من مدّ الأذرع العسكرية والأمنية حتى يتسنّى لها ترسيخ وجودها في المنطقة عمداً عن طريق تغلغل أدواتها.
وربما لو لم يأت هذا الاستهداف الإيراني الدقيق لما كشف وجود أكثر من عشرين موقع لـ «إسرائيل» في كردستان العراق، وهذا ما كشفه أحد فصائل المقاومة، وطبعاً لهذه المواقع سرية وتعتبر قواعد منظمة الجرائم في العالم لاستهداف البنى التحتية، والقصد منها استهداف إيران وقوى المقاومة، وأيضاً تحقيق بأرباح مالية وعوائد واستثمارات وصفقات بالتبليغ والتسويق والاستعلام والتنفيذ، وهذا ما أكده الإيرانيون في خلاصة تحقيقاتهم بشأن الاغتيالات التي جرت في العراق وكان استهداف الفريق قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس قرب مطار بغداد، أو تلك التي جرت في إيران باستهداف العالم فخري زادة، أليست كلها انتهاكات دولية وقانونية وإنسانية وسياسية قسرية، لذا كان الهدف من هذه المواقع إثارة البلبلة السياسية، ليقع البعض في فخ السياسة الأميركية و»الإسرائيلية» لبث الفتن وتسهيل ممر موسادي استخباري إلى دول الجوار ليس فقط في العراق الذي لا يعترف أصلاً بـ «إسرائيل» ويرفض رسمياً وشعبياً مجرد فكرة التطبيع معه.
وفي ما يخصّ اختيار إيران للهدف الدقيق في أربيل فهي أصابت الوجع بالمقتل عندما تبنّت هذه العملية لتكرّس معادلة جديدة في قواعد الاشتباك في حال تمادت «إسرائيل» في ظلّ صمتها المغلق رسمياً إزاء الضربة، فإنّ إيران لا تمزح وإذا قالت ستفعل، وستواجه بردّ أقوى وأشدّ مرارة، وعلى خلفية ذلك تحذر وسائل الإعلام «الإسرائيلي» من سعي طهران إلى رسالة ردع جديدة، إذ كرّرت طهران أنها لا تستهدف سيادة العراق وهذا الكلام يترجم بشقيه السياسي والعسكري إلى أنّ إيران تسعى لحماية أمنها القومي وأيّ اعتداء متكرر لـ «إسرائيل» على مواقعها فسيقابَل بالردّ المباشر، وعلى دول الجوار أن تتوخى الحذر من خطر هذا التغلغل «الإسرائيلي» الذي يهدف إلى ضرب استقرار وأمن المنطقة وزعزعة الفوضى لتعيد اعتبار المربع الأمني الذي خرقته طهران وأذلت جبروتهم وسحق تحت أقدام المقاومة ليكون هناك حالة من التشنّج السياسي يربك العراق والمنطقة بعد أن كشفت الصواريخ البالستية مواقع للموساد «الإسرائيلي»، فكيف ستكون المواجهة على المستويين بين «إسرائيل» وإيران وهما أساساً في حالة حرب. وما الدور الذي سيلعبه العراق في كشف ملابسات التحقيق في ظلّ سياسة «إسرائيل» التي تسعى إلى نبش جذور التاريخ التناقضي.