محاضرة حول تراجع اللغة العربيّة كحاضنة للهويّة والتراث

يرى الدكتور منيف حميدوش، أستاذ مادة الأدب العباسي في كلية الآداب في جامعة تشرين، أن الحفاظ على الهوية والذاكرة والمستقبل لدى العرب يتطلب منهم الحفاظ على لغتهم العربية، علماً أن ضياع اللغة يهدد الأمم ويفقدها خصوصيتها الثقافية التي تغدو تابعة لثقافة اللغة الطاغية عليها.

في محاضرة ألقاها في دار الأسد للثقافة في اللاذقية حول تراجع اللغة العربية كحاضنة للهوية والتراث، عرض الدكتور حميدوش لأسباب تراجع اللغة العربية الفصحى على مستوى الممارسة، ومظاهر ضعفها، وآليات العلاج، وضرورات الحفاظ عليها، لما لها من حضور ديني ووجداني وثقافي وحضاري تاريخي لدى العرب كافة. وأكد أن العرب أنفسهم يتسببون بتراجع اللغة العربية وضعفها فهم في بحث دائم عن لغة أخرى يتحدثون بها، ويترافق ذلك مع ضعف المناهج التعليمية والكتابة باللهجات العامية وتغاضي الجهات الحكومية عن الأخطاء اللغوية في المراسلات، لتضاف إليها هجمة القنوات الفضائية ضد اللغة والتي تشكل بحسب حميدوش «أعظم الأخطار على اللغة»، لافتاً إلى أن تراجع اللغة العربية يساهم في إضعاف قدرتها على تحقيق التواصل والتفاهم بين المتعاملين بها وذوبان الشخصية وفقدان الهوية والفراغ الفكري والثقافي في الأمة. ودعا إلى الإسراع في إنشاء مكتبة عريقة على مستوى الدول العربية، وإعادة إحياء مشاريع التعريب من اللغات الأجنبية إلى العربية وبالعكس، وتشجيع دور النشر والترجمة في هذا المجال لأهميته في تأكيد الذات الوطنية والقومية للعلم واللغة على حد سواء، فضلاً عن التدريس باللغة العربية، معتبراً أن اهتمام سورية باللغة العربية والفصحى وتجربتها في التعريب يمثّلان الضوء المستمر لحضور الأمة الفاعل في الحفاظ على لغتها.

بحسب الدكتور حميدوش، يحتاج الارتقاء باللغة إلى وضع المكتبات العربية في متناول الجميع وتفعيل دور المؤسسات الإعلامية ورفع مستوى أداء العاملين في المؤسسات الفكرية ومراعاة ساعات العمل فالوقت الطويل يُبدّد على حساب القراءة والكتابة وسواهما من الجوانب الفكرية والثقافية. ويرى أن العلاج الأساسي ينطلق من المدارس عبر تخليص الدرس النحوي من القوالب الجامدة ونبذ طريقة الحفظ والتلقين بالتعليم، ورفع سوية الكتاب التعليمي، والزام المدرسين بشرح الدروس والتحدث باللغة الفصحى، والاستعانة بالوسائل السمعية والبصرية في تعليم اللغة العربية لتتبعها جوانب أخرى مكملة في العلاج، من خلال نشر قرارات المجامع اللغوية العربية والمؤسسات المختصة، وتعيين مراجع لغوي مختص أو أكثر في دور النشر ووسائل الإعلام والعمل على إلغاء ظاهرة تفشي الأسماء الأجنبية للمحال التجارية.

أسباب تراجع اللغة العربية الفصحى وضعفها ووسائل علاجها متداخلة ومتكاملة ومتفاوتة، وبحسب الدكتور حميدوش ستبقى وسائل العلاج بلا قيمة ما لم تتضافر الجهود كافة على نحو ينسجم مع التحديات التي تعترض اللغة العربية الفصحى والتي ترقى إلى مستويات خطرة للعمل بمسؤولية كبيرة بغية الحفاظ على لغتنا وإنقاذها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى