بروح رياضية
ابراهيم موسى وزنه
الكلّ يتمنّون الجلوس فوق الكرسي… كثيرون وضعوا نصب أعينهم الوصول إليها… من يجلس، سيحارب للبقاء جالساً عليها. نتكلم عن «الكرسي» الدالّة إلى المنصب أو الموقع أو السلطة، أما الكرسي الأخرى، التي لا يتمنّاها أحد، فهي الخاصة بالمعوّقين والمقعدين الذين صاروا يشكّلون نسبة كبيرة في مجتمعنا، وما بين كرسي السلطة وكرسي الإعاقة، فارق كبير في المصير. فتعالوا لنستمع إلى صرخة شابين من ضحايا الحرب الأهلية اللبنانية، ممّن وقفوا متحاملين على الألم ليمارسوا هواياتهم الرياضية غير آبهين بمصابهم الجلل.
ناجي يزبك 47 سنة وفادي أبو حطب 46 سنة ، على رغم إعاقتهما، فهما اقتحما ميادين الرياضة وملاعبها وألعابها. لكن، وعلى ضوء ما لقياه من إهمال وعدم اكتراث ووعود واهية خلال مسيرتهما مع بعض الفرق المعنية برياضة المعوّقين منذ منتصف التسعينات ولغاية عام 2003، قرّرا إلى جانب مجموعة ممن يعيشون المعاناة ذاتها، تشكيل نادٍ يجمعهم تحت سقف قناعة راسخة وإرادة صلبة لتحويل الإعاقة إلى طاقة، فكانت النتيجة… «نادي شبيبة الصداقة» المسجّل في وزارة الشباب والرياضة في خانة الأندية الرياضية الشعبية، والذي يرأسه حالياً ناجي يزبك، ويضمّ 30 لاعباً يشاركون في ثلاث ألعاب هي: كرة السلة وكرة الطاولة والبادمنتون.
كثيرة هي المطبّات التي واجهت فادي وناجي في مسيرتهما الرياضية، فمن إهمال المسؤولين إلى الوعود «الأباطيل» وتهرّب المقرّبين وندرة الداعمين وتهميش حركتهما عن سابق تصوّر وتصميم، وكأنه لا يكفي هؤلاء ما يعانونه من مصير! مقعدون في حركة مستمرة والهدف المرحلي لهم قوننة ناديهم وتفعيل رياضة المعوّقين عبر المزيد من استقطاب نظرائهم. «الإعاقة لا ترحم»، قالها يزبك ثم أردف شاكياً ومفصّلاً: «كثيرون يقولون لنا نحن معكم وإلى جانبكم… وعندما نلتفت لا نجد أحداً!». ويحزّ في قلبه أنه في عام 2002، وعندما حلّ في المركز الثاني لبطولة المعوّقين في كرة الطاولة بعد خسارته أمام زميله في النادي رئيف زلزلي، أن القيّمين على تشكيل بعثة لبنان إلى مصر اختاروا لاعبين آخرين لم يشاركا أصلاً في البطولة!
وبالانتقال إلى النشاطات التي يقوم بها «نادي شبيبة الصداقة» لجهة المباريات والألعاب، فهم يشاركون بفعالية في ماراثون بيروت، إضافة إلى خوض المباريات في لعبة كرة السلة وكرة الطاولة. وهنا يتوجّه يزبك بالشكر إلى رئيس نادي «هوبس» جاسم قانصوه لوضعه ملعب «هوبس» في تصرّفهم، وتعيينه المدرّب علي كزما لتدريب المعوّقين على البادمنتون، كما وجّه الشكر إلى المدرب طوني خليل الذي يهتم بتدريب الفريق من دون مقابل، والشكر الأول ـ من منظار أبو حطب ويزبك ـ إلى بلدية الغبيري التي خصّصت ناديهما بدعم مادي سنوي منذ انطلاقته عام 2003. وفي الحديث عن الكراسي المتحرّكة ـ أساس حركتهم ومصدر سعادتهم ـ فقد تكفّل أحد لاعبي الفريق بصيانتها لتبقى صالحة على أرض الملعب، علماً أن الكراسي ما زالت في حوزتهم منذ ما يزيد عن عشر سنوات، في حين أنه لو توفّرت لهم الكراسي الحديثة لقدّموا مستوى أفضل في كل الألعاب التي يخوضونها، وهنا يعلّق أبو حطب بأنه يشارك مع أربعة من زملائه في ماراثون بيروت من دون أي التفاتة إيجابية من القيّمين عليه، وكأنه لا معوّق في لبنان إلا إدوار معلوف!
ثم يؤكّد: «لو توفّرت لنا الكرسي التي يملكها معلوف لحققنا أفضل النتائج». ويختم أبو حطب ويزبك: «منذ 18 سنة، ما زلنا مع بعضنا، تنقلنا بين عدّة فرق… وعندما لمسنا الإهمال المتعمّد عمدنا إلى تأسيس نادينا، ولكن أين الدولة ووزارة الشباب والرياضة مما نقوم به؟ سنبقى منتظرين… ولكن إلى متى؟».
صحافي وناقد رياضي