ما هو سرّ التصعيد السعودي الذي أوقف المحادثات مع إيران!
} مجتبى علي حيدري*
بعد أحاديث عن تقدّم ملموس في المفاوضات بين طهران والرياض، وإعلان وزير الخارجية العراقي استئناف الجولة الخامسة منها في العاصمة بغداد، تفاجأ الجميع بخبر إعدام السلطات السعودية واحداً وثمانين شخصاً بينهم واحد وأربعون من أبناء القطيف وسبعة سجناء يمنيين متهمين بقضايا تتعلق بـ «الإرهاب».
من المؤكد أنّ السعودية التي تُعدّ إحدى أكثر الدول تنفيذاً لعقوبة الإعدام في العالم، تدرك تماماً أنّ هذه الخطوة ستستفز الجمهورية الإسلامية في إيران، وأنها ستؤثر على سير المفاوضات التي جمعت بين وفديهما في بغداد خلال الأشهر الماضية، كان آخرها في الرابع والعشرين من سبتمبر/ أيلول الماضي حيث أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي ترحيبه الغامر واستعداده لدعم هذه الحوارات في حال طُلب منه ذلك.
المجتمع الدولي كان بانتظار نتيجة هذه المفاوضات التي تكتسب أهمية قصوى في استتباب أمن المنطقة ما زاد التكهّنات بتوقيع اتفاق وشيك بين البلدين لتهدئة التوترات وإعادة فتح القنصليات بينهما بعد ستة أعوام من القطيعة.
وكان الجانب الإيراني قد ركز في مفاوضات الجولات السابقة على العلاقات الثنائية، لكن الوفد السعودي أصرّ على إقحام ملف اليمن فيها، إذ قدّم للإيرانيين ورقة تتضمّن تصورات الحلّ في اليمن، بيد أنّ طهران اعتبرت مضمون هذه الورقة غير متطابق مع الحقائق الميدانية .
وكان الهدف من وضع ملف اليمن على الطاولة هو البحث عن خروج سعودي مشرّف من هذا المأزق، لكن يبدو أنّ السعودية وصلت الى قناعة بأنّ إيران لا تستطيع ان تساعدها لأنها طرف في هذا الصراع وليست وسيطاً!
هنا تكمن العقدة، فالرياض بحاجة الى طرف يضغط على الحوثيين لتحقق مآربها عبر انتصار مصطنع تخرج به من الحرب الدائرة بعد ان تعلن أنها قد حققت جميع أهدافها المرجوة، غير انّ قليلين هم الذين يستطيعون أداء هذا الدور، وانّ الرياض لن تقبل بغير الولايات المتحدة التي يريد رئيسها بايدن التخلص من الملف اليمني بأيّ نحو كان بعد تكدّس ملفات الأزمات العالمية على مكتبه الرئاسي…
وقد كشف عدم اكتراث البيت الأبيض باقتراب «أنصار الله» من مدينة مأرب الاستراتيجية عن انّ الرياض وواشنطن ليستا على قلب رجل واحد مما زاد الفجوة بينهما.
وبما انّ إيران لا تستطيع ان تؤمّن للسعودية خروجاً مشرّفاً من اليمن من جهة، وانّ أميركا لا تكترث بما يجري هناك من جهة أخرى، أرادت السعودية أن تضرب عصفورين بحجر واحد بهذه الإعدامات وهما توقف المفاوضات مع طهران وإبلاغ واشنطن بإراقة المزيد من الدماء في اليمن إذا لم تحقق لها الادارة الأميركية انسحاباً مشرّفاً من مستنقع اليمن الذي ركست به منذ سبع سنوات، وهذا ما يشير الى انّ اليمنيين سيشهدون أياما صعبة جراء العدوان السعودي على بلادهم.