مدارات كيف سيواجه اليمنيون المشروع السعودي في بلادهم؟
ناديا شحادة ولمى خير الله
تخطو الولايات المتحدة الأميركية خطوات استراتيجية وفق ترتيب أولوياتها في أجندتها السياسية ولعل أبرز وأحدث التطورات هو إجلاء الولايات المتحدة الأميركية المئة جندي الباقين من قواتها الخاصة في اليمن وسط تدهور الوضع الأمني في البلاد.
واشنطن سبق أن أغلقت سفارتها في صنعاء في 10 شباط 2015 بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية، وقامت حديثاً بإجلاء مئة جندي من الباقين من قواتها الخاصة في اليمن بعد تصريحات من وزارة الدفاع الأميركية في وقت سابق بأن الاضطرابات السياسية في اليمن تؤثر في قدارت الجيش الأميركي في مكافحة الارهاب، وحذر المقدم المتقاعد في الجيش الأميركي ريك فرانكونا في 22 آذار 2015 من فقدان الولايات المتحدة كل قدرتها على التحرك الميداني في اليمن على ضوء سحبها قواتها الخاصة من ذلك البلد مرجحاً انزلاق البلاد نحو حرب أهلية شاملة مع تصاعد خطير لدوري القاعدة وداعش، هذان التنظيمان الإرهابيان اللذان تعمل السعودية على دعمهما وتمويلهما، بحسب وثيقة سربها موقع ويكيلكس في 1 ـيار 2012 اعترفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بأن السعودية هي المصدر الأول لتمويل تنظيم القاعدة والعديد من المجموعات الإرهابية في العالم.
والمتتبع لتدخل الدبلوماسية السعودية بشأن التطورات التي يشهدها اليمن هذه الأيام، يلاحظ وجود إدارة سياسية قوية مصرة على تعكير صفو اليمنيين والتحريض على دفع الأمور إلى مزيد من الاشتعال كما اشتعلت سورية، فالسعودية التي راهنت على إسقاط النظام السوري وأعطت الدعم الكامل لحلفائها للتحرك في سورية ولكنها فشلت في إسقاط الدولة السورية، فبعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري وحزب الله على الأرض أعلن وزير الخارجية السعودية سعود الفيصل في 26 حزيران 2013 أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي حيال ما يجري في سورية، ويعد هذا أقوى تصريح يصدر من أعلى المستويات في المملكة ضد سورية وحليفها حزب الله، وأضاف أن المملكة تعتبر أن تدخل إيران وحزب الله في الصراع الدائر في سورية خطير وأنه ينبغي تقديم مساعدات عسكرية لمقاتلي المعارضة للدفاع عن أنفسهم ولتغيير ميزان القوى على الأرض.
ويؤكد المتابعون أن السعودية التي خسرت رهاناتها حاولت تعويض خسارتها في اليمن فسعت في الآونة الأخيرة لإشعاله، فبعد سيطرة جماعة أنصار الله على صنعاء في 21 أيلول 2014 حيث تم رفض الهيمنة السعودية ونبذ الارتهان للأجنبي الذي كان يعيشه الشعب اليمني، تحولت القاعدة وتحول التكفيريون والسلفيون إلى نبض الشارع اليمني بحسب تعبير الدبلوماسية السعودية، ليدخل شعب اليمن في دوامة من القتل والدمار، فالسعودية لا تخوض حرباً مباشرة على الحوثيين في هذه المرحلة لكنها لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام رؤية حليف لإيران يصل إلى حكم اليمن، فرفض الشعب اليمني سياسة التخريب التي يتبعها النظام السعودي في بلاده دفع هذا النظام إلى زيادة عمليات ضخ الأموال والسلاح إلى الداخل اليمني وتجنيد خلايا إرهابية إضافية متعاوناً في ذلك مع تنظيم القاعدة للقيام بعمليات تفجيرية في محافظات اليمن، فالتفجيرات الأخيرة التي وقعت في مسجد في العاصمة صنعاء ومسجد في صعدة في تاريخ 20 آذار 2015 وأدت إلى استشهاد وجرح المئات من اليمنين تحمل بصمات الجماعات الإرهابية التي تمولها السعودية، وقد أكد المجلس السياسي لأنصار الله في بيان تعليقاً على التفجيرات أن هذه الجرائم تحركها أجندات خارجية أميركية وإقليمية لديها مواقف معادية للثورة والشعب اليمني، وكان المتحدث باسم الحركة عبد السلام أكد في حديث إعلامي أن المملكة السعودية تدعم القاعدة في جنوب اليمن، وتصريحات الملك السعودي الذي دان التفجير لم يضعها المتحدث باسم أنصار الله سوى في موقف إنساني لا يرقى إلى الموقف السياسي للمملكة المتورط في دعم الإرهاب وأعداء الشعب اليمني.
ومع تسارع الأحداث الأخيرة التي شهدناها على الساحة اليمنية ووسط تدهور الوضع الأمني في البلاد، يبقى السؤال هل القوى السياسية اليمنية ستكون قادرة على الوقوف بوجه المشروع السعودي الهادف إلى تفكيك اليمن وجر البلاد إلى مزيد من الفوضى والدمار وقطع يد عملاء السعودية من سلفيين وتكفيريين؟