هل تكون الانتخابات النيابية فرصة الشعب لنيل حقوقه؟
} علي بدر الدين
ليس صحيحاً على الإطلاق، أنّ الانتخابات النيابية الموعودة في أيار المقبل من العام الحالي (2022)، تختلف كثيراً عن انتخابات العام 2018، بل على العكس تماماً، فإنّ أوجه الشبه متقاربة بينهما، ويكفي انّ الجامع بينهما قانون الانتخاب «النسبي» الواحد، الذي يشكل القاسم المشترك للقوى السياسية، وقد تمّ تفصيله على مقاسها، وبما يخدم مصالحها، ويوفر لها عوامل الفوز في معظم دوائرها الانتخابية، ويعيد إنتاجها إلى حدّ أنها تعرف النتائج قبل انتهاء العملية الانتخابية، وإقفال صناديق الاقتراع وفرز «الأصوات»، بالأسماء والأرقام وتتوقّع حجم كتلها النيابية في مجلس النواب، وهذا لم يأت من عدم أو فراغ، بل لأنّ هذه القوى، تعلم مسبقاً بتفاصيل توجهات بيئاتها الحاضنة، وانغماسها معها في شعاراتها وعناوينها الطائفية والمذهبية، وقدرتها إلى حدّ كبير على تحفيزها لإثارة الغرائز والعصبيات، في مواجهة «الشركاء» في الوطن من الخصوم السياسيين والطائفيين الفعليين والمفتعلين، وتوظيفها في «أمّ المعارك» الانتخابية كلازمة ضرورية لحسم «المعركة» والفوز بحصتها كاملة.
الأهمّ بالنسبة لهذه القوى كان في مدى نجاحها في إقناع جمهورها، بأنها تخوض معاركها الانتخابية نيابة عنه، ومن أجل حمايته والدفاع عن حقوقه، وإيهامه بأنها تتعرّض لخطر وجودي على مستوى القرار والفعل والتأثير والسلطة والنفوذ والتحاصص في الدولة ومؤسساتها وإداراتها وسلطاتها، وحتى في كلّ تفصيل مهما كان صغيراً، وهذا يعني استهدافها لإخراجها من جنة السلطة ونعمها وتهميشها وإضعافها، وبالتالي ترك الطائفة او المذهب فريسة سهلة للآخرين لابتلاعها عند كلّ حدث أو أزمة أو استحقاق عام وخاص، وأنه لا بدّ للبيئة الشعبية والجمهور المؤيد والداعم، إذا ما أرادا إثبات الذات والحضور وتحصينهما من الآخر المتربص، من الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع من دون تلكّؤ واستهتار ولا مبالاة، لأنها بالنسبة إلى الجميع هي «معركة» حياة او موت٠
لا بدّ من الاعتراف بأنّ القوى السياسية والطائفية والمذهبية، الموزعة على خريطة لبنان، أو معظمها على الأقلّ، قد حققت أهدافها ومآربها وكلّ ما أرادته من هذا التجييش، و»لوت» أذرع مناصريها ودجّنتهم وطوّعت عقولهم، بمواقف وخطابات عالية السقف والنبرة وبوعود كاذبة بالأطنان، وقد نجحت في استدراجهم إلى مراكز الاقتراع بكلّ سلاسة، ومن دون أية إغراءات، بعد أن أغرقتهم في الأوهام والأحلام وسلبتهم قرارهم ورأيهم وحرية خياراتهم واختيارهم، «فرموا» بأصواتهم في صندوقة الاقتراع، «خبط عشواء» وعلى «العمياني» من دون أن يدركوا حجم ونتائج وتداعيات فعلتهم و»عفويتهم» المبالغ فيها.
وأوصلهم ارتهانهم وتبعيتهم وتحجّر عقولهم وعقم تفكيرهم، إلى منح أصواتهم مجاناً، لهذا الفريق السياسي الطائفي المذهبي او ذاك، الذي بادلهم «الوفاء» له بحثّهم على إخراج غرائزهم المكبوتة من قمقمها عند كلّ استحقاق انتخابي نيابي، وإلزامهم تجيير أصواتهم له ولشعاراته المرفوعة المغلفة بالكذب والرياء والنفاق… وصلوا إلى ما هم فيه اليوم، من كوارث ومآسٍ ومعاناة وفقر وجوع وغلاء وانعدام الخدمات، وانقطاع الكهرباء والماء والغذاء والدواء والطحين والمحروقات، وحبل الانهيارات والأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية والخدماتية يتفاقم ويطول، ليلتفّ على رقاب غالبية الشعب اللبناني، وعلى الوطن والدولة والمؤسسات.
الشعب على أبواب الانتخابات النيابية، إذا ما حصلت في موعدها المحدّد في أيار المقبل، يعاني فعلاً من الفقر والجوع والبطالة والذلّ والحرمان والإهمال، وهو محاصَر بين مكونات الطبقة السياسية ومصالحها ومواقعها واستشراسها للفوز بالانتخابات، لأنّ «الحياة»السياسية لبعض المتسلقين الجدد والقدامى، متوقفة على هذه الانتخابات، فإما أن يغور في سابع أرض، وإما ان «يطوش» ويُكتَب له عمر نيابي سياسي جديد، ورهانه هو على أصواتكم، التي يريد الحصول عليها بأيّ ثمن، فاحذروا من شعاراته وخطاباته «الثورية» ووعوده الموسمية، وادرسوا خياراتكم الانتخابية جيداً، لأنكم مؤتمنون على وجودكم ومستقبل أبنائكم وعلى وطنكم الذي بدأ يصدأ ويتآكل، وبات آيلاً للسقوط، ووحدكم ستكونون من أول وأكثر الخاسرين والمتضرّرين، بعدما سلب حكام السوء إراداتكم وقراركم وحقوقكم وأموالكم، وبنوا عليها قصورهم وأمجادهم ونفوذهم وراكموا أموالهم، ومن بعدهم لأبنائهم وأحفادهم وكلّ ذريتهم، فلا تركنوا لهم ولا تستسلموا لأطماعهم وجوعهم ووعودهم. صوّتوا إن شئتم للأفضل والأكفأ والأنزه والأنظف، ولمن وقف معكم ولو بذرة من خدمة أو معروف او تحمّل بعضاً من المسؤولية تجاهكم.