حردان: المشروع المعادي بدأ بالانكسار والإجهاز الكامل عليه يتطلب تحصين السّلْم الأهلي بالأمن والاستقرار والوحدة والإنماء
أقامت صحيفة «البناء» حفل استقبال مساء أمس في فندق «غولدن توليب» في الجناح، في الذكرى الخامسة لانطلاقتها كجريدة يومية، برعاية رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان.
حضر الحفل ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري مسؤول الإعلام في حركة أمل طلال حاطوم، وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، ممثل وزير الإعلام رمزي جريج المدير العام للوزارة الدكتور حسان فلحة، محمد قدوح ممثلاً وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، رمزي دسّوم ممثلاً رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، ميرنا زخريا ممثلة رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية، ممثل رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس، عاصم أبي علي ممثلاً رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان.
وحضر النواب: عبد اللطيف الزين، علي فياض ومروان فارس، النائب الأسبق لرئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي، الوزراء والنواب السابقون: رئيس حزب الاتحاد عبد الرحيم مراد، عدنان منصور، فادي عبّود، أمين عام رابطة الشغيلة زاهر الخطيب، فوزي صلوخ، رئيس المجلس المركزي للحركة الوطنية للتغيير الديمقراطي د. عصام نعمان، ناجي البستاني، أمين شري، جهاد الصمد، نادر سكر، أنطوان حداد، إميل إميل لحّود، نائب رئيس جمعية المشاريع د. عدنان طرابلسي، أمين عام حركة النضال فيصل الداود، وفاء حيدر ممثلة الوزير السابق فايز غصن.
كما حضر مهنئاً الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني ـ السوري نصري خوري، رئيس الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم أحمد ناصر، رئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان.
وحضر نقيب الصحافة محمد البعلبكي، نقيب المحررين الياس عون، مديرة «الوكالة الوطنية للإعلام» لور سليمان صعب على رأس ضمّ رمزي منصور ورفيقة طرابلسي واتحاد درويش، رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن والأمين العام للاتحاد سعد الدين حميدي صقر، عضو المجلس الوطني للإعلام غالب قنديل، المسؤول الإعلامي في «حزب الله» د. ابراهيم الموسوي، مدير عام قناة «المنار» ابراهيم فرحات، رئيس مجلس ادارة تلفزيون «ان بي ان» قاسم سويد، رئيس مجلس إدارة صحيفة «الأخبار» ابراهيم الأمين، مدير العلاقات العامة في تلفزيون «الجديد» ابراهيم الحلبي، رئيس مصلحة الإعلام في مجلس النواب محمد بلوط، مديرة مكتب بيروت في وكالة الأنباء السورية «سانا» نهلا كامل، ممثلة اتحاد الكتاب اللبنانيين الشاعرة أميرة المولى.
كما حضر المحامي وائل العريضي ممثلاً نقيب المحامين في بيروت جورج جريج، نقيب المحامين السابق عصام كرم، رئيسة تجمّع النهضة النسائي منى فارس، رئيسة مؤسسة رعاية أسر الشهداء نهلا رياشي، المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج، العميد صلاح عيد، وفد لجنة الأسير يحيى سكاف برئاسة جمال السكاف، العميد د. أمين حطيط، المستشار الإعلامي السابق في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا، رئيس جمعية متخرّجي كلية الإعلام د. عامر مشموشي، عماد مرمل، مدير عام إذاعة «صوت الحرية» ريشار رياشي، مديرة موقع «المدى» ريما فرح، د. نسيب حطيط، العميد الياس فرحات، ريما فرح، رندلى حبّور، شوقي عواضة، الفنان منير كسرواني، واصف شرارة، د. جمال محسن، حسين زلغوط، أحمد زين الدين، نعمة بدر الدين، ربى حمية، ربى اليوسفي، وفد إذاعة الرسالة علي عيسى، ومجلة العواصف، الدكتور وفيق ابراهيم، الدكتور جواد شاهين، روزانا رمّال،
وحضر السفير السوري الدكتور علي عبد الكريم علي، السفير الكوبي رينيه سيبايو براتس، سفيرة فنزويلا سعاد كرم الدويهي، ممثل السفارة الإيرانية سعيد أسدي، ممثل سفير فلسطين الدكتور أشرف دبور، القنصل السوداني الدكتور التيجاني محمد ابراهيم، وفد من السفارة الصينية، ممثل عن السفارة الماليزية، نائب وزير خارجية البرلمان الدولي للأمن والسلام السفير هيثم أبو سعيد، قنصل ساحل العاج رضا خليفة، ممثل الصليب الأحمر الدولي.
كما شارك المهندس مروان الزهيري ممثلاً شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، الدكتور باسم سنان ممثلاً العلاّمة الشيخ عفيف النابلسي وفد من تجمّع العلماء المسلمين برئاسة الشيخ حسين غبريس، المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية معن بشور على رأس وفد، رئيس الاتحاد البيروتي د. سمير صباغ، رئيس تحرير جريدة الثبات ممثلاً الشيخ عبد الناصر جبري، عضو قيادة المؤتمر الشعبي اللبناني د. عدنان البرجي، عضو قيادة الحزب العربي الديمقراطي مهدي مصطفى، فؤاد شرف ممثلاً جبهة العمل الإسلامي، رئيس التنظيم القومي الناصري سمير شركس، رئيس الحزب الديمقراطي الشعبي نزيه حمزة، وفد المرابطون د. قليلات وفؤاد حسن، أحمد قبيسي ممثل حركة الشعب، رئيس حزب الوفاق الوطني بلال تقي الدين، عضو قيادة جمعية المشاريع عبد القادر فاكهاني، مسؤول لبنان في الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة أبو عماد رامز مصطفى، الشاعر حمزة البشتاوي، مدير مركز «باحث» د. وليد محمد علي، د. عبد الملك سكرية.
وكان في استقبال المهنّئين رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، رئيس المجلس الأعلى محمود عبد الخالق، نائب رئيس الحزب توفيق مهنا، رئيس المكتب السياسي الوزير السابق علي قانصو، وعدد من المسؤولين.
بداية ألقت مسؤولة قسم المحليات في «البناء» الزميلة إنعام خرّوبي كلمة تعريف وتقديم، ودعت الحاضرين إلى الوقوف دقيقة صمت عن أرواح شهداء الصحافة.
قنديل
وألقى رئيس تحرير «البناء» النائب السابق ناصر قنديل كلمة استهلها سائلاً: من نحن وماذا جئنا نفعل؟ لماذا البناء؟ كيف تكون جريدة قومية اجتماعية وتدعي تكامل الحق والحقيقة؟ صحيفة حزبية عقائدية أم صحيفة حزب عقائدي؟
ما الذي جاء بي إلى هنا؟ أنا أحمل تاريخي على كتفي مناضلاً منذ قرابة الأربعة عقود يوم كنت في الرابعة عشرة من عمري أشارك في أول تظاهرة في 23 نيسان 1972، إحياء لذكرى شهداء تظاهرة ذلك اليوم عام 1969.
خضت غماراً كثيرة في ساحات النضال والفكر والسياسة وخصوصاً في الإعلام.
المهم أنّ المال والسلطة والشهرة والنفوذ، ساحات فشلت بإغوائي، وبقيت الباحث عن مساحات النضال أطمح لأكون البحصة التي تسند الخابية، والمتطلع لتقديم قيمة مضافة في هذه الساحات التي تجسد المقاومة أنبل ما فيها.
كيساري وقومي عربي ومقاوم جمعني تاريخ مشترك مع السوريين القوميين الاجتماعيين، وصداقة ورفقة نضال وحب واحترام مع الرفيق أسعد حردان، وقد تغير الكثير من حولنا، وتغير الكثير في نظراتنا ورؤانا فصرنا في الفكر أقرب، وأشد اهتماماً بالبحث عن حجم مساحة المجدي من الاتفاق، بعدما كاد يضيع العمر والمناضلون تائهون في ترف التمعن في قضايا الخلاف.
فماذا جمعنا في البناء وما هي الرسالة اليوم؟
لقد عشنا زمن الخلافات الفكرية والعقائدية حول هوية الأمة وحول هوية الدولة وهوية المجتمع وهوية الاقتصاد، وتبارينا في ساحات النظريات حتى ذهبت ريحنا وتبدد جمعنا وها نحن في زمن القحط والجدب في ساحات الفكر والثقافة.
لأننا لسنا في زمن الترف الفكري وفائض القوة المتراكم كي نحار كيف ننفقه، وليس الوقت لنختلف على هوية الأمة، سورية، وسورية تواجه خطر الشطب عن الخريطة؟ أم عربية، والعرب يقودهم مال النفط ويرسم ثوراتهم مشايخ وأمراء لم يقرأوا يوماً قراءة صحيحة لآية من القرآن، فكيف يقرأون الدساتير والقوانين؟ أم إسلامية، والمسلمون يقود فكرهم اليوم ابن العوراء والأبي الشومري وأبي مصعب الشيشاني في مسيرة الذبح الحلال وماراتون السباق إلى الجنة وغداء موعود مع الرسول؟
ولا نحن في زمن ثورة الفلسفة وعصور التنوير، لنناقش أي نوع من العلمنة تحتاج بلادنا، علمنة الحياد تجاه الدين، والحياد السلبي أم الإيجابي أم العلمانية الأصولية المتطرفة حد الإلحاد، بعدما صار حلم دولة دينية تعترف بالآخر وتكتفي بألا تقيم عليه الحد بحد السيف كابوساً مقبولاً، ودفع الجزية من مسلم لمسلم وأهل كتاب لأهل كتاب، قبل الحديث عن اللادينيين شيئاً من أحلام اليقظة.
ولا نحن في زمن ثورات البروليتاريا والفلاحين وسقوط الإقطاع واختفاء حيتان المال، هرباً من دولة تقيم عدالة الفقراء والمساكين وتنصف المعذبين وتبني صروح الطبابة والتعليم، لنغرق في متاهات التنظير الاقتصادي حول الاشتراكية الواقعية أم الرومانسية الطامحة أو النظام الرأسمالي الموجه، أو نتفقه في حدود الحمايات الجمركية، فنحن في زمن انفلات المال من كل ضوابط القوننة وصولاً لاجتياح كل ضوابط الأخلاق، نحن في زمن تبييض السياسة وقد تخطينا بأشواط تبييض الأموال، وفي زمن ينام ربع الشعب بين المقابر وفي الطرقات، وتتفشى الأمية لتطاول ثلث شعوبنا، ويرفع الغطاء الصحي والتعليمي عن أغلب فقرائنا، ويهمش الإنتاج لحساب ريع السندات والعقارات والتهرب الضريبي يسابق التسرب المدرسي في النسب المئوية.
في هذا الزمن من اللاثقافة واللاسياسة واللاحضارة واللاانتماء واللاأخلاق، ثمة بارقة أمل مضيئة اسمها المقاومة، وقلعة تقاوم لتبقى واقفة على قدميها اسمها سورية، ومشروع دولة إقليمية ترفع راية الاستقلال وتكابر بعناد، لإثبات أن هناك مساحة لإرادة الشعوب في ممارسة الهوية والسيادة بالعزم والمثابرة هي إيران، وثمة من يقف في العالم ليقول كفى من موسكو إلى بكين وثمة بوصلة لا نتوه عنها اسمها فلسطين.
في هذا الزمن ثمة بقية من الحلم بقيت صامدة على قيد الحياة.
في زمن التفتت والتقسيم وسقوط أحلام الوحدة، ويوم صار كثير من القوميين العرب يرفعون بحق شعار الحفاظ على الكيانات كسقف لطموحاتهم، بقي السوريون القوميون الاجتماعيون يهتفون تحيا سوريا، وفي زمن التشظي الطائفي والمذهبي وزمن تطيف العقائد العلمانية وتباهي كثير من اليساريين بعودة ميمونة للفكر الديني لكن بحلته المذهبية المتعصبة، وزمن التعصب الديني الأعمى بقي القوميون الاجتماعيون حزباً عابراً للطوائف، وبقوا يتمسكون بقول وممارسة علمانيتهم وتكريس لاطائفيتهم حزباً وتياراً وأفراداً، ويتنوعون في حقهم بالتدين على أنواعه واللاتدين بتلاوينه، وفي زمن تحول كثير من أهل اليسار إلى مستشارين لدى البنك الدولي ورجال المال، وزمن سيطرة حيتان المال وسطوة التوحش على الاقتصاد، بقي القوميون الاجتماعيون مصرّون على دولة تمسك بدفة الاقتصاد لعقلنته وإدارة ثرواته العامة، وتطبيق سياسة ضريبية تردم الهوة بين الطبقات وتشجع على الإنتاج، وفي زمن تفشي نظرية الشطارة في السياسة هي الطعن في الظهر واللاأخلاق وسرعة التبدل بالألوان، بقي القوميون الاجتماعيون يتمسكون بمعادلة الوفاء والثبات وأن السياسة ألف بائها الأخلاق.
ببساطة بقي القوميون الاجتماعيون في البرية، لم يدخلوا إلى المطبخ ولا إلى الصالون ولا بالتأكيد إلى غرف النوم، التي فتحت رياحها العولمة من كل الشبابيك والأبواب، ولم يبقوا بالبرية لأنهم لا يقرأون بل لأنهم قرأوا أكثر من اللازم، وليس لأنهم لا يتابعون بل لأنهم يتابعون زيادة عن العيار اللازم للإصابة بالعدوى، فصاروا الصخرة التي لا تتشقف ولا تتدحرج، والتي يمكن للقوميين العرب والعلمانيين واليساريين أن يتمسكوا بها لحفظ ما تبقى من أحلامهم، وحماية الحد الأدنى من طموحاتهم، وليختلفوا معهم ما شاؤوا بعدها حول إلى أين نواصل المسير.
لنبن وحدة بلاد الشام ولنختلف بعدها على الوحدة العربية، ومن قال إننا سنختلف وأنا أزعم أن سعاده كان ورفاقه باقين من مؤيدي أي وحدة عربية؟
لننجح ببناء دولة الرعاية الاجتماعية والإنتاج والعدالة الضريبية ولنختلف بعدها على التقدم نحو عدالة أعلى اسمها الاشتراكية، ومن قال إننا سنختلف وأنا أزعم أن الاشتراكي الحقيقي هو من يعرف أن مشروعه الأول هو دولة الرعاية؟
لنرسي قواعد علمانية تعترف بالدين وتتصالح معه وتكتفي بفصله عن الدولة ولنختلف بعدها على مجتمع أشد تحرراً في الثقافة وحرية التفكير والإبداع، ونتطلع لعلمانية المجتمع وصولاً لعلمانية الفرد، ومن قال إننا سنختلف وأنا أزعم أن المتدين الحقيقي هو علماني حقيقي؟
أقول للقوميين إن مياه التغييرات التي أنشأها قرن مضى، تصب في طاحونة عقيدتكم وتجربتكم الأصدق في تجسيد عقيدتها بين أهل العقائد والتجارب، فلا تترجموا فخركم بالتعالي بل بالتواضع الذي زرعه فيكم سعاده، ولا تدعوا لحظة أو سانحة تغيب عن عيونكم من دون أن تزرعوا زهرة جديدة يفوح عطرها في زمن الروائح القبيحة، فتمسكوا بجميل ما عندكم لأن الناس لم تفقد حاسة الشم لتميز الطيب من القاذورات، وثقوا أن البناء هي حديقة زهور سنزرع فيها معاً الأجمل والأكثر فوحاً والأكثر بوحاً.
هذا هو حجر الأساس الذي يبدأ من الشهادة لأنطون سعاده، هذا المبدع العبقري من بلادنا لإعلانه فيلسوف الأحلام الواقعية في القرن العشرين، وهذا هو الحجر الأساس للنداء لتكون البناء مساحتنا المفتوحة كلنا يا كلنا، لنشرع بالبناء، بناء العقل الملقح بمضادات العصبيات حتى النخاع الشوكي، والمتمرّس باللغة والثقافة حتى ثمالة الشعر والقوافي، وبناء الروح المترفعة على توافه الترف، لعميق التمتع بمباهج الخير والحق والجمال، والمتطلعة لنشوة التفكير ونشوة الإنجاز ونشوة البناء.
أقول للقوميين فخور بكم وفخور أنني بينكم ومعاً سنواصل البناء.
من هنا نبدأ وهذا هو التحدي.
نبدأ بالشكر للحزب الذي امتلك شجاعة المغامرة، ولرئيسه الصديق الذي امتلك شجاعة منح الثقة، ونبدأ بالعزيمة على الفعل وإثبات الإمكان.
لا يحتاج أهل الحق لإثبات أنه حق، بل يحتاجون لإثبات الإمكان، إمكان إثباته حقاً، وإثبات إمكان بلوغه وصولاً لنيله.
لا بشاعة الاحتلال ولا ظلم الفقر ولا عدوانية المستعمر تحتاج شرحاً وإثباتاً، ففي كل يوم تتكفل البشاعة ويتكفل الظلم وتتكفل العدوانية بالتحدث عن ذواتها، وإثبات لا شرعيتها ولا إنسانيتها، وبتوجيه الدعوة المفتوحة للناس كي تثور وتتمرد وتقاوم، لكن الحرب المفتوحة على العقول منذ بدء الخليقة لم تكن إلا بين من يريد زرع اليأس من كل ثورة وكل تمرد وكل مقاومة بأنها بلا جدوى، ومجرد مغامرة وفعل انتحار، وبين قلة تؤمن أن الثورة والتمرد والمقاومة ليست مجرد فعل إيمان بل وصفة ممكنة لتحقيق النصر، فتنذر هذه القلة نفسها للتبشير بالحق، لكنها تحتاج من يواظب ويثابر على زرع الأمل.
هذا الصراع بين زرع اليأس ونشر الأمل، ميدانه الإعلام، وقد تحول إلى صناعة تقوم على تقديم منتج يومي يفترض أن اسمه الحقيقة، يحاول كل من الفريقين روايتها من زاوية وتحت أضواء مختلفة.
يبدو أهل الباطل أشد نجاحاً في الإعلام من أهل الحق لأنهم أكثر امتلاكاً للمال والشرعية وأسباب القوة، لكن أيضاً لأنهم يبدون اشتباهاً في الواقع أقرب لقول الحقيقة، لأن وقائع التدليل على أسباب اليأس متاحة ومتوافرة كنتاج طبيعي للبشاعة والظلم والعدوان، فيحشرون أهل الحق باتهام الفشل الإعلامي ليس لضعف حيلتهم ونقص مواردهم فقط، بل أيضاً لبعدهم عن قول الحقيقة، ليصير السؤال هل يتعارض الحق مع الحقيقة؟ أم أن إسناد الحق بالحقائق مهمة شائكة بالبحث عن الكامن منها والكشف عنها وهي الواقفة خلف الأخبار، لأن المعادلة الذهبية هي أن الحقيقة ليست هي الخبر بل ما وراء الخبر.
الخبر السار هو أنه في زمن ثورة المعلومات، لم تعد مهمة صحيفة الصباح هي الخبر بل ما وراء الخبر، وليس ما كان بل ما يمكن أن يكون.
هنا نحن في البناء نزعم أننا أهل حق يجهدون لنقل كل خبر، لكن للبحث عن الحقيقة الكامنة وراءه، لأنها حليفنا في تدعيم مسيرة الأمل المتطلعة لإحقاق حق ورفع ظلم وإزالة عدوان وإقامة عدل.
لتكامل الحق والحقيقة نحن منذورون. هذه هي رسالتنا وهذا هو التحدي وهذا هو العهد.
في قلب هذا التحدي وهذا العهد تفخر البناء أن تهدي منبرها في العيد لزميلتين تخوضان غمار هذا الجمع المبدع في النضال لأجل الحق والحقيقة، جريدة الأخبار وقناة الجديد، كضيفي شرف نحتفل بحضورهما المميز بيننا كما هما في عالم الإعلام.
ليس فقط دفاعاً عن الحرية وهي تكفي.
ليس فقط لأن المحكمة المؤسسة على الظلم والتزوير هي المعتدي وهذا يكفي.
ليس فقط لأنهما على حق وقد قالا حقيقة وهذه رسالتنا وهم اليوم محورها
بل لأننا نتفق على المقاومة كحق مطلق لا لبس حوله ولا اجتهاد فيه وهذا أكثر مما يكفي، ولو اختلفنا أو تنوعت وتلونت مقارباتنا على ماهية الحق في ساحة أخرى، يكفي أن نتفق على المشاغبة على الخبر الفاتر فنقوم بتقليبه بحشرية البحث عما وراءه ولو اكتشفنا حقائق مختلفة فذلك سعي نحو الحقيقة، أن نصيب أو أن نخطئ فتلك سنة البحث والتجربة والعمل، ومن منا يدعي امتلاك الحقيقة وإدعاء الناطق الحصري بلسان الحق، ما ندعيه هو أتساع طيف الباحثين والساعين لجمع الحق والحقيقة لنكون في تكامل تتسع له مهنة المتاعب، هي شراكتنا مع زملاء المهنة وفي طليعتهم الأخبار والجديد وأخواتهما.
رسالة العيد: المنبر للزملاء في «الأخبار» و«الجديد».
الأمين
ثم ألقى رئيس مجلس إدارة جريدة «الأخبار» ابراهيم الأمين كلمة أشار فيها إلى تجربة الإعلام الحزبي وقال: «إنني خريج مدرسة يسارية علمانية، وقد بدأت عملي الصحافي في جريدة «النداء»، جريدة الحزب الشيوعي اللبناني، واعتقد أنها كانت أفضل جريدة حزبية، وما حصل أنها كانت تصطدم ليس برغبة من يشرف عليها في القيام بأمور أفضل، بل في قدرة الجهة الناشرة – الحزب – على تحمّل مسؤولية توسّع الهوامش التي تحتاجها من زاوية الحرية».
وتوجه إلى النائب أسعد حردان وقيادة الحزب القومي بالقول: «امتلكتم الشجاعة لأن تفتحوا الباب لشخص آت من خلفية عقائدية أخرى مهما اتفقتم معه في السياسة، لأن يتولى الإشراف على المطبوعة رئاسة التحرير الناطقة باسم الحزب».
وأضاف: «يمكن لهذا الحزب الذي لديه حضور جدي في لبنان وفي بلاد المشرق العربي أن يلعب دوراً إضافياً في مواجهة حرب التفتيت الطائفية والمذهبية القائمة. واعتقد أنّ التحدي الأساسي اليوم أمام صحيفة «البناء» ليس في أن تقول لنا نعم إنّ هناك من داع لإعلام حزبي، وأقول إنّ واجب جريدة «البناء» أن تطرح أمامها مهمة المنافسة الجدية في الصناعة الصحافية بمعزل عن أي خلفية عقائدية أو سياسية تتحكم بنا، وليس هناك من ضوابط داخل هذه المؤسسة أكثر قساوة من الضوابط الموجودة في أي مؤسسة أخرى، ولا يمكن لأي أحد في هذه الصحيفة أن يتذرّع بضوابط من النوع الذي يمكن الادعاء أنه غير موجود في كلّ المؤسسات الإعلامية الأخرى، سواء كانت ليبرالية أو مستقلة كما تدعي أو خلاف ذلك».
وتابع: «نحن نتحدث عن تضامن إعلامي في مواجهة قمع الحريات، وهذا أمر جيد ومطلوب، لكننا ندرك وبلا أي أوهام أنّ من يقف خلف قرار ملاحقة «الأخبار» و«الجديد» إنما فعل ذلك لأسباب سياسية، ولو نجح في أن يجد لها هذا اللباس القانوني. هم يقتربون الآن من مرحلة دقيقة في المحاكمة للفريق الذي يُتهم بقتل الرئيس رفيق الحريري، وهذه المرحلة تحتاج إلى عملية تمويه هائلة على صعيد الأدلة والشهود وعلى صعيد بعض المناورات القضائية، وهذه الأمور هم يحتاجون فعلاً أن تجري في السرّ، ولذلك ليس هناك من عمل لمنع الصحافة من المواكبة بل ربما يلجأون وأنا أتحدث عن شيء أعرفه وأعرف ما أقول، يجري البحث حتى في جعل جزء من جلسات المحاكمة اللاحقة جلسات مغلقة. هم ليسوا قلقين كفاية مما نُشر سابقاً، لكنهم أكثر قلقاً إزاء ما يمكن نشره في المرحلة المقبلة، خصوصاً أنّ الفريق الذي يُشرف على إدارة المحكمة يعرف أنّ جميع ملفات التحقيق تقريباً صارت موجودة بين أيدي جهات وأجهزة ودول وحكومات، وما يعنينا من الأمر انّ هناك جهداً قانونياً سيُبذل وقد لا يكون كافياً للاستمرار في هذه المواجهة القانونية، ولكن الشيء الأهمّ هو أننا سوف نستمرّ في نشر كلّ ما نراه ضرورياً، وسوف نستمرّ في نشر وابتداع وسائل للنشر حتى إذا أقفلت صحفنا ومنابرنا لدينا ألف طريقة لنشر ما نراه ضرورياً في مواجهة هذا الظلم».
وختم الأمين: «في المرحلة المقبلة يريدون في لبنان ليس تعميم الانقسام السياسي القائم على القطاع الإعلامي، وهو قائم أصلاً، لكن القول بأنّ لبنان الآن لا يزال يحتاج الى وصاية في كلّ ما يقوم به. وما يمكننا أن نعد به أنفسنا ونعدكم به أنّ المثول أمام المحكمة أو الخضوع لقراراتها أو الأخذ بتعهدات تفرضها علينا هذا أمر لن يكون محلّ تداول على الإطلاق، وما نقدر عليه هو أن نستمرّ في هذه المواجهة.
الحلبي
وتحدث مدير الموظفين في قناة «الجديد» ابراهيم الحلبي فقال: «ان الضغط والاعتداء على المؤسسات الإعلامية ليس وليد اليوم، بل كان مستمراً منذ سنوات سابقة، وتحديداً منذ التسعينات عندما حصل تنظيم للإعلام المرئي والمسموع وأيضاً الصحافة ككلّ، وهذا الضغط كان سياسياً وقانونياً وقضائياً، وانّ قناة «الجديد» وجريدة «الاخبار»، وحتى «البناء»، تعاني محاصرة إعلانية حتى ينقطع التمويل عنها، وهذا أمر مستمرّ وهدفه الرئيسي تطويع وكمّ أفواه المؤسسات الإعلامية التي كانت تكشف مواضيع متعدّدة لها علاقة بالسياسة والفساد والهدر وبالسياسات الوطنية العامة التي اتبعتها حكومات متعددة».
أضاف: «بعد تسع سنوات على تشكيل هذه المحكمة الدولية ، والكلّ يعلم انها لم تؤدّ الى ايّ نتيجة، إنما الى فشل في الهدف الذي كانت تسعى اليه، وهي حاولت التعويض عنه بشكل معنوي باستهداف مؤسسات إعلامية وصحافيين حتى تسجل نوعاً من الانتصار المعنوي للضغط على المؤسسات الإعلامية، وعلى «الأخبار» تحديداً وعلى «قناة الجديد»، لمنعهما من استكمال الملفات او المعلومات وما بحوزتهما من معلومات حول موضوع المحكمة وسير التحقيقات والشهود».
وتابع: «انّ مواجهة هذا القرار يكون من خلال أكثر من شق: الأول الشق القانوني وهو قيد المتابعة وسنعمل مع قانونيين لوضع آرائهم القانونية حتى نرى الى أين سيوصلنا هذا الباب، اي انّ هناك مساراً قانونياً سنعمل على أساسه والمساعي الثانية التي نقوم بها هي المسائل ذات علاقة، وهي حملة التضامن التي نريدها من كلّ الناس، اذ يجب على المؤسسات الإعلامية كلها ان تتضامن مع هذه القضية لأنّ «الأخبار» و«الجديد» تتعرّضان للضغوط اليوم وغداً لا نعلم من يتعرّض لها أيضاً.
وأردف: نحن في تاريخ العمل الإعلامي نعرف انّ هناك مؤسسات تعرّضت لضغوط، وكان موقفنا دائماً مع كافة القطاعات الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة للتضامن. و«البناء» قدمت اليوم نموذجاً للتضامن وأطلب من هذا المنبر ان يتضامن كلّ الجسم الإعلامي مع هذه المؤسسات الإعلامية ويكون لديه موقف واحد وهو حماية الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية ويترك جانباً ما له علاقة بالسياسة، مع انّ هذا الأمر مستبعد».
وتابع: «اليوم جرت وقفة في مجلس النواب من النواب الكرام تضامناً مع «الأخبار» و«الجديد» وهذا يدلّ على انّ الدولة اللبنانية والسلطة اللبنانية والحكومة عليها واجبات لحماية المؤسسات الإعلامية والإعلاميين. والحكومة اليوم مقصّرة في هذا المجال. وهناك كلام سمعناه من وزير الإعلام ومن وزراء آخرين انه يجب ان نكون تحت سقف القانون، نحن تحت سقف القوانين اما أن تتخلى الحكومة وبعض الوزراء بحجة انه قرار دولي فهذا أمر غير مسموح، وواجب الحكومة والمجلس الوطني للإعلام، والشكر لنقابتي الصحافة والمحرّرين، وعليها ان تضغط لمواجهة هذا القرار.
وختم الحلبي كلمته بتوجيه الشكر إلى رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان الذي حوّل احتفال جريدة «البناء» بالعيد الخامس لصدورها إلى مناسبة للتضامن مع جريدة «الأخبار» وقناة «الجديد»، مثمّناً هذا الموقف باسم العاملين في «الجديد» ومؤكداً أن الجسم الإعلامي هو جسم واحد، وهو ما تمّ تجسيده في الاحتفال بعيد «البناء» التي نتمنى لها ولأسرتها المزيد من التقدم والتطور في مسيرتنا الإعلامية.
حردان
وألقى رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان كلمة قال فيها: نحتفل اليوم بانتصار عزيمة لا بتسجيل ذكريات… نحتفل بصوابية قرار صعب لأنّ الخطأ هو في التسليم بالأحلام السهلة. ونحن لا نلتقي اليوم لإحياء ذكرى اكتملت سنواتُها الخمس، بل لتأكيد المضيّ في تجربة فتّية تنشُد الكمال ولو بقيت في حالة التوق إليه… نلتقي لا تمجيداً لماضٍ بل تطلعاً إلى مستقبل، بكلّ ما فيه من مساحات التأصيل والتطوير وتجويد الأداء.
«البناء» ليست فقط اسماً جميلاً لصحيفة يومية. فالاسم يحمل دلالات البناء النفسي ـ النهضوي ـ المناقبي، والصحيفة تحمل طموحات الدولة المدنية القومية، المعنية بالعدالة الاجتماعية، والنسيج الشعبي الموحّد، والسلم الأهلي، والاستقرار الوطيد، والخيارات الوطنية السليمة، ومقاومة الاحتلال، والأخذ بمنطق الدولة في اختيار المسؤولين، احتراماً لمدارك المواطنين وذاكرتهم ومعرفتهم بالحقائق التاريخية الموثقة التي لا تغيّرها الشعارات ولا تزّينها مساحيق التجميل.
وإذا كانت وسائل الإعلام جديرة بلقب السلطة الرابعة، فلأنها بالغة التأثير في صناعة الرأي العام وفي تكوين بنْية ذهنية تساهم إلى حدّ بعيد في تكوين مواقفَ ووجهاتِ نظر وفي تكريس الصراع الفكري بين التنوير والتضليل، بين تلفيق الشائعات من جهة، وتبصير القراء بالحق والحقيقة من جهة أخرى. ومن هذا القبيل نعتقد اعتقاداً راسخاً بأنّ الخبر والكلمة والتحقيق والمانشيت والمقالة ليست فقط إنتاجاً آلياً أو التزاماً بموعد صدور، بمقدار ما هي التزام بالقيم المهنية والرسالة الإعلامية التي ينبغي أن تكون منارة لا مرآة، أي أن لا تكتفي الوسيلة الإعلامية بنقل الحدث نقلاً خبرياً جامداً، بل تتعدى ذلك إلى توجيه معياريّ نحو ما يجب أن تكون عليه الأمور: في الشفافية والموضوعية والتحليل الرؤيوي والمعلومة الموثوق بمضمونها ومصدرها وخدمتها للمصالح الوطنية العليا. بهذا المعنى يتخطى الإعلام مفهوم التغطية السياسية الفئوية الضيقة ليقارب القضايا الكبرى مقاربة استراتيجية خلاقة، تتقاطع فيها التقنية بالرسالة، ويتوّج الاثنتين ضميرٌ جماعي هو صمام الأمان من مزالق الانحراف وإغراءات الارتهان.
بناءً على هذه الرؤية، فتحت «البناء» صفحاتها لأقلامٍ بوصلتُها عامة لا خاصة، واستهدافها توحيدي لا تفتيتي… نعم، لقد علا صوت الحزب السوري القومي الاجتماعي في مادة الجريدة، بما يمثله هذا الحزب من فكر وحراك فاعليْن، ومن حضور شعبي عابر للطوائف والمذاهب والمناطق، ووجود متجذّر في وجدان المجتمع الذي يجسّد بالنسبة إلينا الحقيقة الإنسانية الكلية. لكن هذا الصوت العالي لم يحتكر مشهد «البناء» بقدْر ما اتسع لأصوات متنوعة تشاركه حمل المشعل وإيصال الرأي المنطقي المسؤول إلى عامة الشعب ونخبه في آن واحد.
وطالما شارك حتى في الافتتاحيات رؤساء ووزراء ونواب وعلماء سياسة واقتصاد ومفكرون، ما أضفى على «البناء» صفة الانفتاح والتكامل والتفاعل. وهذا بحدّ ذاته دليل ثقة، ورصيد غنى يُضاف إلى أرصدة «البناء» المعنوية الأخرى.
أما الحرية التي بها نؤمن فلم تسمح أسرة التحرير بإساءة استخدامها لأنّ الحرية والديمقراطية تبدآن بالعقل والمناقب، وتتجسّدان بالممارسة العملية. فقيمة الشعار تكمن في تطبيقه، كما تكمن قيمة القانون في وضعه موضع التنفيذ. أما قيمة المبادئ فكامنة في التزامها وترجمتها وقفات عزّ، وفي عدم الرقص السياسي وفقاً لهبوب الريح. فالثبات على المبادئ هو الذي يعطي القضية جديتها وصدقيتها. قال سعاده: «نشأنا وفي نفوسنا عزّ هو كلّ معنى وجودنا ولسنا متنازلين عن معنى وجودنا لشيء في العالم».
أيتها السيدات والسادة
صحيح أنّ بلادنا تتعرّض منذ عشرات السنين لمخططات الشرذمة أرضاً وشعباً ومقوّمات حياة، كما يهدّدها عدوّ فرضته المشاريع الخارجية سرطاناً يمتدّ إلى خلايا الأمة كلها متى استطاع. إلا أنّ المرحلة الراهنة تعكس إحدى أخطر الأزمات التي عصفت بتاريخنا الحديث، وقد تكون أخطرها على الإطلاق، وواجبنا جميعاً أن يعلو مستوى وعينا بالخطر الجاثم ليرتفع بالإرادة والإِعداد والخيار المقاوِم مستوى جهوزيتنا لدحر المؤامرة المتعدّدة الرؤوس. وقد صمد شعبنا طويلاً وضحّى كثيراً ودفع أثماناً غالية من فلسطين إلى لبنان، ومن سورية إلى العراق، حتى يَحُول دون انتصار المشروع المعادي، وقد بدأ المشروع بالانكسار حلقة إثر حلقة. لكن الإجهاز الكامل عليه يتطلب كلّ ذرة من عزيمتنا وكلّ عامل من عوامل قوتنا، كما يستلزم تحصين سِلْمنا الأهلي بالأمن والاستقرار والوحدة والإنماء.
وما من شك في أنّ الإعلام جبهة متقدمة في معركة المواجهة الوجودية التي تخوضها قوى شعبنا الحية في وجه الجهل والظلامية والإرهاب والاحتلال وازدواجية المعايير حتى في محاكم دولية تقحم نفسها في سيناريو تمويه الحقيقة، أيّ في محاولة إفراغ الإعلام من مضمونه، وفي إضافته إلى لائحة الشهود الزور… من هنا نعلن تضامننا الكامل مع صحيفة «الأخبار» وتلفزيون «الجديد» في معركتهما المشتركة ضدّ القمع وكمّ الأفواه والأقلام، والاتهام السياسي المرفوض.
بهذا الأفق ننظر إلى مهمة الإعلام عموماً، وإلى دور «البناء» خصوصاً حيث تضطلع «البناء» بدور متقدم في تعزيز الحريات العامة وفي طليعتها الحرية الإعلامية. لذلك نرى المهمة جليلة والدور كبيراً، وعلى قدْر أهل العزم تأتي العزائم.
ختاماً، أحيّي معكم أسرة «البناء» كلها للجهود التي يبذلها فريقها، وللآفاق التطويرية التي يتطلع إليها. كما أحييكم جميعاً على مشاركتكم إيانا الاحتفال باعتباره عيداً للجميع لا لمؤسسة «البناء» فقط… عيداً يشعر معه القراء أنّ «البناء» بناؤهم مهمةً وموقفاً ومعلومة وكيمياء. هكذا نتشارك فرح الإصدار وقلق الجودة وتعب العمل والسهر والمتابعة، لتنهض في أرجائنا مشاريع البناء والإعمار بعد أن تراكمت عليها معاول الهدم والدمار.
أما الحرية، التي هي روح الإعلام الحقيقي، فلا يتنفّس الجسد اللبناني إلاّ من رئتيها.
وقد قارب سعاده إشكاليتها التاريخية مقاربة إيجابية حضارية عندما قال انّ مشكلة الحرية لا تُحلّ إلاّ بالمزيد من الحرية.
تصوير: أكرم عبد الخالق، تمّوز وجهاد وهبة