«الكابيتال كونترول» ما له وعليه…؟
} عمر عبد القادر غندور
هل أبصر الكابيتال كونترول النور بعد مخاض عسير ووافقت عليه الحكومة إرضاءً لصندوق النقد الدولي، هل هو لفترة استثنائية؟
وهل يرضى القطاع المصرفي وهل يعيد الثقة الى القطاع المصرفي؟ ولا يتعارض مع النظام الليبرالي الذي يميّز لبنان، رغم انّ هذا النظام المصرفي الليبرالي هو الذي هرّب الأموال الى الخارج وهو الذي سطا على أموال المودعين؟ وهل ترضى المصارف بفرض سقف للسحوبات وهو الذي يتعارض مع مقدّمة الدستور اللبناني من خلال القيود على السحوبات والتحويلات من والى خارج لبنان وفي داخل لبنان؟ وهل يستطيع «الكابيتال كونترول» ان يحفظ ودائع المودعين التي يرعاها شكلاً «عقد الوديعة» ولا يفرض على المودع ان يقبل بعدم سحب الوديعة بالعملة التي أودعت فيها؟
كثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام التي تحيط بهذا «الكابيتال» الذي فرضته حيثيات مع مفاوضات صندوق النقد الدولي؟ وهل صندوق النقد الدولي هو الذي طلب تلك الضوابط الاستثنائية؟ وهل من شأن ذلك ان يحقق الاستقرار النقدي والمالي؟
والسؤال الأهمّ هل يستطيع «الكابيتال كونترول» ان يستعيد ثقة الناس بالمصارف؟
وفي لبنان من يقول انّ «الكابيتال كونترول» طبّق فعلياً في لبنان ابتداء من العام 2019 ولكن بطريقة غير مباشرة عندما سُمح بتحويل مليارات الدولارات الى الخارج ومُنع المودعون من سحب أموالهم في الداخل، واليوم يعملون على قرصنة ما تبقى من أموال المظلومين من المودعين.
ويقول خبراء اقتصاديون إنّ تأليف لجنة «الكابيتال كونترول» ليس منطقياً لأنها تضمّ طرفاً واحداً هو الحكومة والمصارف وليس فيها من يدافع عن حقوق المودعين الشرعية، بمعنى انّ السلطة السياسية تستطيع قضم أموال المودعين، وبالتالي إعطاء الغطاء القانوني لكلّ المخالفات التي ارتكبت في الفترة السابقة واعتماد 9 نيسان 2020 كبديل عن تشرين الأول 2019 مع انه لا يوجد ودائع «فريش» وودائع قديمة !
وبحسب نص مشروع قانون «الكابيتال كونترول» الذي يهدف الى إعادة الاستقرار المالي وقدرة المصارف على الاستمرار في «البلطجة» كشرطين أساسيين لاستئناف التحاويل الى العملات الأجنبية لمنع المزيد من تدهور سعر الصرف حماية لاحتياطي المصرف المركزي الذي لا يعلمه إلا الله والحاكم بأمره؟
وهل تلك «العجقة» بعد ان بلغ الانهيار المالي مداه وعصيَ على المعالجة، وباتت الحاجة ضرورية الى وضع قانون يقيّد حركة الأموال للحفاظ على ما تبقى من «الاحتياط» وهو الأمر الذي كان يعارضه المصرف المركزي! ويقول أهل الاختصاص انّ البحث بموضوع الضوابط على حركة رأس المال تأخر كثيراً وإقراره في بلد لا ثقة بحكامه مثل لبنان لن يوفر الغاية من إنشائه، وخاصة إذا لم يرتبط بمجموعة من الإجراءات بشرط ان يكون لدينا مصرف مركزي شفاف وعقلاني يساعد في إخراج البلد من مصيبته، والمشروع المطروح أمام مجلس النواب هو ليس الأفضل وتفاصيله غير واضحة وشفافة ويحتاج الى مصرف مركزي فوق الشبهات، ولا يضمن أحد عدم وجود استنسابية في التحويلات ومنعها عن أفراد آخرين وبالتالي إعادة خروج الرساميل.
والمعروف انّ «الكابيتال كونترول» هو مجموعة ضوابط وقيود استثنائية ومؤقتة يضعها مجلس النواب بموجب قانون لمنع هروب الرساميل في خلال الأزمات عند حصول الأزمات نظراً الى أهميتها في تحقيق الاستقرار النقدي والمالي، وهو ما لم يفطن إليه مجلس النواب ولا الحكومة، عندما فاحت روائح تهريب الرساميل وعلى نطاق واسع خلال فترات غير قصيرة ما أدّى الى تعاظم الجرائم المالية التي ارتكبها عدد من أصحاب الرساميل وجميعهم من المسؤولين ومعاونيهم !!
انّ الحديث عن انّ «الكابيتال كونترول» هو تدبير بلطجي مقلق بصفة تشريعية لتحميل المودعين فساد وخسائر النظام الاقتصادي فهو سرقة موصوفة يدينها القانون.
وفي هذا المجال يقول د. أيمن عمر الأكاديمي والباحث الاقتصادي انّ مقدمة الدستور تنص في الفقرة «و» على انّ النظام الاقتصادي حر يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة مهما كان شكلها أو نوعها أو حجمها ومن ضمنها الودائع، وتنص المادة ١٥ منه على انّ «الملكية في حمى القانون» ولا يجوز ان يُنزع عن أحد ملكه إلا لأسباب المنفعة العامة في الأحوال المنصوص عليها في القانون بعد تعويضه تعويضاً عادلاً. وهذا نص صريح وواضح انّ الملكية والأموال والودائع هي من أهمّ أنواع الملكية وهي في حمى القانون ولا يجوز لأحد ان ينتزع لأحد ملكه، وبالتالي ما تقدّمت به المصارف من احتجاز لأموال المودعين مخالفة فاضحة لنص القانون.
وتدّعي المصارف انها أدانت المصرف المركزي ودائع اللبنانيين بفوائد عالية وانّ المصرف المركزي صرف هذه الأموال على دعم السلع وغيرها. وما ذنب المودِع إذا أدانها المصرف لمصرف آخر مقابل الفائدة، وبالتالي يكون المصرف أساء أمانة المودع وهو وحده الذي يتحمّل المسؤولية وليس غيره!