ماكرون ولوبان… ماذا عن جولة الحسم؟
} هشام الهبيشان
تزامناً مع الوقت الذي تؤكد فيه استطلاعات الرأي، أنّ إيمانويل ماكرون الذي تصدّر الجولة الأولى، ما زال يحافظ على فرص قوية لحسم الجولة الثانية وبحدود نحو ستين في المئة من نوايا التصويت في الجولة الثانية، وفي ذات الوقت تسعى لوبان من خلال أسلوبها الخطابي الهجومي التي تتبناها ضدّ ماكرون إلى تقليل نسبة الفارق بينها وبين ماكرون، مع العلم أنّ كلا المرشحين يتبنّى برنامجاً يعتبر نقيض الآخر، فماكرون ليبرالي وموال لأوروبا في حين انّ لوبان مناهضة للهجرة وأوروبا.
وهنا يبدو واضحاً أنّ مسار هذه الانتخابات بجولتها الثانية «الحاسمة «بات يشهد تصعيداً متبادلاً بين كلا المرشحين، وذلك سيبرز واضحاً في مناظرتهما التلفزيونية المنتظرة، حيث من المتوقع ان يستهلّ كلا المرشحين هذه المناظرة بهجمات متبادلة شديدة، فـ لوبان ما زالت تردّد أنّ “ماكرون هو مرشح العولمة المتوحشة والهشاشة والوحشية الاجتماعية وحرب الجميع ضدّ الجميع والتخريب الاقتصادي الذي يطاول خصوصاً مجموعاتنا الكبرى وتجزئة فرنسا من جانب المصالح الاقتصادية الكبرى، وماكرون ما زال يردّد انّ “استراتيجيتك يا لوبان هي ترداد أكاذيب” و“انك وريثة نظام يزدهر على غضب الفرنسيين منذ عقود».
ومن جديد عاد ملف الأمن الفرنسي وملف كورونا والحرب في أوكرانيا ليطغى على خطاب كلا المرشحين، فقد اتهمت لوبان ماكرون بتبني موقف متساهل وقالت “ليست لديك خطة (بشأن الأمن) وإنما أنت متساهل مع أعداء فرنسا»، وردّ ماكرون بالقول إنّ الأمن سيكون أولويته إذا انتخب، واتهم منافسته بـ «تبسيط الأمور أكثر من اللازم”. وقال “ما تطرحينه هو وهم”، مشيراً إلى مقترحاتها بإغلاق الحدود الفرنسية. واتهم ماكرون لوبان بـ ”جلب الحرب الأهلية إلى البلاد”، قائلاً لها: “إنّ مكافحة الإرهابيين لا تعني في أيّ حال من الأحوال الوقوع في فخ الحرب الأهلية”، مضيفاً “هذا هو الفخ الذي ينصبه لنا الارهابيون”، معتبراً «أنّ الإرهابيين يأملون في فوز لوبان.»
وهنا، وليس بعيداً عن سخونة هذه الانتخابات، يبدو واضحاً أنّ الجولة الثانية للانتخابات الفرنسية ستكون أكثر سخونة لأنها تأتي بمرحلة تاريخية هامة بالتاريخ الفرنسي، فالمرحلة يتواجه فيها مرشح حركة إلى الأمام الوسطي إيمانويل ماكرون وزعيمة التيار اليميني المتطرف مارين لوبان وكلّ منهما يحشد للفوز بمقعد قصر الإليزيه ومنصب رئيس فرنسا، وهنا يتساءل الكثير من المتابعين، هل يا ترى سنرى إيمانويل ماكرون أم مارين لوبان في قصر الإليزية، فالأول يرافع لصالح أوروبا وتحرير الاقتصاد والثانية تدعو للعودة إلى الوراء من خلال الخروج من الاتحاد الأوروبي والعودة إلى العملة الوطنية». برنامجان في تعارض تامّ حول كافة المواضيع.
ختاماً، يبدو واضحاً أنّ مسار هذه الانتخابات بجولتها الثانية «الحاسمة «تعتبر واحدة من أكثر الانتخابات سخونة بالتاريخ الفرنسي، وهي أكثر سخونة بكثير من انتخابات العام 2002 حين مرّ لوبان الأب إلى الدور الثاني أمام الرئيس الأسبق جاك شيراك، ولكن الأكثر وضوحاً، أنّ فرص وحظوظ ماكرون بالوصول إلى قصر الإليزية تبقى كبيرة جداً أمام لوبان التي تسعى جاهدة بدورها إلى تقليص هذه الهوة، ونحن بدورنا سننتظر الأيام المقبلة، لتكشف لنا من هو الساكن الجديد لقصر الإليزية…