رياشي: نبذل ما في وسعنا لنؤدّي واجبنا المعنوي والمادي في الوقوف إلى جانب الذين ضحّوا بأغلى ما عندهم في سبيل الأمة
إنعام خرّوبي
عشقهنّ للأرض وإيمانهنّ بالعقيدة السورية القومية الاجتماعية حركةً نهضوية رائدة في تاريخ الشعوب وحركة الصراع التاريخي. نصرة لهلالنا السوري الخصيب، في مدرسة سعاده تعلّمن أنّ الحياة وقفة عز فقط. كانت طلائعهنّ فرساً جنوبية، زوبعة في باتر، بدمها أضاءت سناء محيدلي شعلة في الليل الطويل، واقتداءً بسعاده المعلّم صوّبت البوصلة نحو القدس وساحات فلسطين. تعلّمت من الأمينة الأولى جولييت المير سعاده أنّ القهر والوجع والجرح والأسر وسياط الجلادين لن تكسر إرادة الحياة فينا ورفْضَنا للذلّ والاستعمار والهوان، وأنّ الطرق الشاقة الصعبة لا يسلكها إلا الجبابرة، كسراً لقيود العبودية في سبيل الحرية المنشودة.
هنّ النساء القوميات الاجتماعيات رفيقات درب ورفيقات سلاح، فيهنّ الخير والجمال والقوة. سياسيات اجتماعيات مقاتلات، استشهاديات في كلّ مواقع الكفاح القومي. مَن في هذه الأمة لا يعرف الشهيدة مريم خير الدين التي مزّقت بأشلائها كلّ اتفاقات الذلّ وضَرَبَت حدود «سايكس ـ بيكو»؟
إنها المرأة في الحزب السوري القومي الاجتماعي، ربة المنزل والإعلامية والسياسية والمثقفة والمناضلة التي قهرت غرور الغزاة تحت أقدامها وداست جبروت الطامعين، كيف لا ونورما أبي حسان الفتاة القومية الشهيدة أضحت أحد أناشيد المجد في أعراس الأمة، وإحدى زغاريد النسوة في أعياد الحرية. في عينيها يلمع شموخ حرمون وتبتسم كيليكيا ويغني الاسكندرون.
اختارت رئيسة مؤسسة رعاية أسر الشهداء وذوي الحاجات الخاصة نهلة رياشي ميداناً غير بعيد عن تلك الميادين، ميداناً قوامه العطاء وخدمة الآخرين ومساعدتهم، وهي تؤكد دوماً أنّ العطاءات تتلاشى أمام العطاء الأكبر، أمام من ضحّوا في سبيل الأمة بنور العيون وفلذات الأكباد، لأنهم مؤمنون بأنّ دم الشهيد هو حبر التاريخ، وبأنّ قليلين منا هم من يظفرون بشرف الموت من أجل عقيدة، على خطى سعاده المؤسّس الذي ختم رسالته بدمه مخاطباً إياهم حين كانوا أجيالاً لم تولد بعد.
لتسليط الضوء على طبيعة المؤسسة ونشاطها وطريقة عملها، كان لـ«البناء» حديث مع رياشي استهلّته بالإشارة إلى «أنّ المؤسسة مسجلة تحت علم وخبر الرقم 319/أد، ولها نظامها الداخلي وهيئتها العامة وهيئتها الإدارية، ولها فروع في المناطق اللبنانية كافة»، مشدّدة على أنها «مؤسسة ذات أهداف إنسانية واجتماعية ولا تتوخى الربح، تُعْنى بأُسَر شهداء الحزب السوري القومي الاجتماعي الذين قدّموا دماءهم على مذبح الأمة دفاعاً عن وحدتها وعن الأرض والإنسان في سبيل حرية شعبهم وعِزته، وكذلك الجرحى ممن أُصيبوا وخلفت إصاباتهم إعاقة في أجسادهم، كما أنها ترعى شؤونهم من النواحي الصحية والتربوية والاجتماعية.»
ما هو مفهوم المؤسسة للشهادة ومن يُسمّي الشهداء؟
– تتم تسمية الشهيد من قِبَل المجلس الأعلى في الحزب، بناءً على اقتراح مرفوع من عمدة العمل مع مطالعة من عمدة الدفاع وموافقة رئيس الحزب. وبالتالي فإنّ المؤسسة تتسلّم من عمدة العمل، أسماء الشهداء والجرحى وذوي الحاجات وتدرج أسماءهم في جداولها.
لا شك في أنّ إدارة المؤسسة شأن حيوي ومسؤولية كبيرة، مادياً ومعنوياً وأخلاقياً. كيف تؤَمّنون مستلزمات الدور السامي الذي يليق بالشهداء وعوائلهم؟
– نحن في المؤسسة نضع في بداية كلّ عام، خطة عمل، شأننا شأن سائر المؤسسات، ومن ضمنها تأمين الموازنة المالية العامة لتغطية النفقات كافة، لكي نستطيع القيام بالمهمّات الملقاة على عاتقنا. وتقوم موازنة المؤسسة على تبرّعات القوميين الاجتماعيين والأصدقاء، إما مباشرة، وإما عبر مشاريع ريعية، تقوم بها المؤسسة، كالعشاء السنوي، ومناسبات أخرى في المناطق، وتوزيع المفكرة الخاصة بسِجِلّ الشهداء وبيع بعض المصنوعات الحرفية، كما أننا نعوّل على رفقائنا وأصدقاء الحزب في دنيا الاغتراب في موضوع التبرعات.
ما هي صلاحيات عمدة العمل والشؤون الاجتماعية في الحزب وحدودها في التعاطي مع المؤسسة؟ وهل يجري التنسيق بينكما على العناوين أم على التفاصيل؟
– إنّ عمدة العمل والشؤون الاجتماعية، هي عمدة الوصاية على المؤسسة، ويعود إليها حقّ الإشراف على مسار المؤسسة وطبيعة عملها ومشاريعها والاطلاع على موازنتها لتوجيهها ورسم الخطوط العريضة لسياسة المؤسسة ومهمّاتها وتنفيذ مقرّراتها، لكن في الوقت نفسه، للمؤسسة حيّزٌ واسع من حرية الحركة والقيام بالنشاطات المختلفة، والإجراءات العملية في كافة الشؤون المتعلقة بمهمّاتها، وذلك تحت سقف نظامها الداخلي، وفي سياق مسؤوليتها ودورها في النضال العام، في مسيرة النهضة السورية القومية الاجتماعية.
هل أنت راضية عن الإنجازات والعطاءات التي تقدّمونها؟
– إنّ المؤسسة تفعل ما في وسعها للتعويض، إلى حدّ ما، على هذه الأسَر ما فقدته من عاطفة الأب أو دور الابن الشاب أو الإبنة الشابة في مقتبل الحياة، وتقدّم لهذه الأسر الرعاية والحنان بالإضافة إلى الواجبات المعنوية والمادية، من الحزب، إلى الذين قدّموا أغلى ما عندهم من تضحيات في سبيل الأمة.
هل تودّين توجيه كلمة محدّدة إلى القوميين والمواطنين الميسورين في ما يخصّ حاجات المؤسسة؟
– المؤسسة تعاني دائماً من حاجة مالية، لأنّ المسؤوليات الملقاة عليها كبيرة، وقوافل الشهداء الجرحى وذوي الحاجات، التي تتزايد بفعل تزايد مهمّات الحزب الميدانية في مواجهة الأعداء والإرهابيين. وهي تبحث دائماً عن مشروع إنتاجي، يساهم في ردم هوّة الاختلال في ميزان المدخول والمصروفات، وهي تضع دائماً مشاريع ريعيّة، بالتعاون مع الفروع الحزبية في المغتربات.
وأودّ اغتنام هذه الفرصة عبر «البناء»، لنقدّم إلى أمهات الشهداء أحرّ العزاء وفي الوقت نفسه المباركة لهنّ بشهادات فلذات أكبادهن، وخصوصاً أمهات الشام متمنين لهم الصحة وثبات العزيمة، واثقين من بلوغ النصر الحاسم. كما نقدّم شكرنا البالغ لكلّ المتبرعين للمؤسسة في الوطن وعبر الحدود، معاهدين إياهم على الاستمرار في حمل الرسالة حتى تحقيق أهدافنا القومية الكبرى.