ابراهيم أسويد شاعر حداثة وروائيّ واقعيّة… والقضيّة الفلسطينيّة في الصدارة
كتبت حنان سويد في حمص سانا : غرف من بحور الشعر العربي واعتلى منصة الإبداع الأدبي، تاركاً بصمة جميلة في الحركة الثقافية في مدينة تميزت بفنونها الأدبية منذ زمن الفينيقيين، لكونه ابن اللاذقية.
يرى الشاعر والقاص ابراهيم محمد أسويد أن الشعر هو رؤية الوجود، وهو ما تبقى من ألق في هذا العالم وسيبقى ألد أعداء أولئك الذين يحيكون الشر أو كما يقول شكسبير: «من لا يحب الشعر لا يصلح إلا للدسيسة والدناءة»، وسيبقى الشعر مثل الغيمة التي تهطل ليزهر البيلسان في النفوس الكئيبة.
يختصر أسويد تجربته الشعرية بهذه الأبيات من قصيدته «رأي وموقف في الشعر» إذ يقول: «فالشعر لفظ قد اختيرت محاسنه… كالدر يطلب في أصداف بحار… والشعر معنى جميل تأتين بها… وليس يعييك في جلب وإحضار… والشعر تركيب تعبير وعاطفة… تلازما كنزيل البيت والجار… والشعر لحن وأوزان مقطعة… وكم تغنى على عود وأوتار… والشعر تصوير ما أوتيت من حلم… وما تهيأ في فكر وإبصار.
تنوعت المواضع في مجموعات أسويد الشعرية وتصدرت القضية الفلسطينية عدداً منها، أبرزها مجموعته «ابابيل الأرض» التي أهداها لعيون أطفال فلسطين التي تتطلع الى السلام، ولكل قطرة دم نشرت عبيرها فوق التراب المقدس، ولكلّ أم ودعت ابنها الوداع الاخير ليزرع أشلاءه في ربوع الوطن، واستوحى عناوين قصائده من عبير بيارات فلسطين المقاومة للاحتلال، وبعضها بلغة نثرية، وبعضها الآخر موزوناً بلغة حماسية.
في قصيدته «حجر وتنطلق الشرارة» يقول: حجر وتنطلق الشرارة… حجر وتلتهب الشوارع بالحجارة … حجر وتنتعش الخليل وقبة الصخرة… وبيت المقدس العربي والأقصى وتمتد البشارة … حجر وتمطر من جديد… حجر وتندحر المجازر كلها من دير ياسين الى صبرا وشاتيلا… الى قانا وغزة والخليل… من بلاد الأرز لبنان الحبيب الى قنيطرة الشام… إليك يا جولاننا المغلول … يا ذاك الأسير… جولان امتنا الحزين… فمتى سفوح الشيخ تنهض مرة أخرى لنبدأ من جديد؟».
يمتلك أسويد لغة قوية سرداً وتعبيراً، ويستقي مفرداته من ثقافته الرفيعة التي صقلها يوماً فآخر، فهو الموجه الأول لمادة اللغة العربية في اللاذقية وعضو في اتحاد الكتاب العرب منذ أكثر من خمسة عشر عاماً. هذه الثقافة تتجلى في قصائده التي تعالج قضايا إنسانية واجتماعية ولا تخلو من الحكمة والسمو بالنفس البشرية نحو الأفضل، وهذا ما نلمسه في ديوانه «عناقيد الحياة» إذ يقول: «ستعلم حين تؤلمك المآسي… ويرغب بالاظافر منك جلد… بأن أخاك من واساك حياً… وما سمك الهموم وأنت ند… فذلك لا يبيع ولو تأذى 00 وذلك لافتدائك مستعد .
في ديوانه «الفجر الجديد» نستشف معاني الوصف الجمالي التي ينفرد فيها شاعر الحداثة أسويد في قصائده التي تحاكي مواضيع متفرقة، فهو الإنسان المحب للوطن ولمدينته، وهو الأب الحنون، وهو المحب للحبيبة والمؤمن بالرسالات السماوية كافة. ومن قصيدته التي يصف فيها مدينة اللاذقية «اللاذقية عروس الجمال» اخترنا هذه الأبيات: ياعروس الجمال والقلب صب… أورقت فيك بارقات الجمال… لك في مجتلى الشروق ظلال… ومن الغروب رائعات الظلال.. يصنع البحر في يديك سواراً.. أزرق اللون عامراً بالخيال».
يحظى الشاعر أسويد بإعجاب نخبة من المثقفين والنقاد داخل سورية وخارجها، ويقول أحدهم فيه، إن الشاعر أسويد لصيق بشعره وصادق، تأتي نغمته الشعرية لتأخذنا مع النسيم الى بياراتها وتياراتها، فلسنا ندرك من أين تتألف، أو كيف تتألف. ننصهر بنصوصه على ضفاف الحلم بموسيقى تستقر في أرواحنا».
ولد أسويد في قرية المشيرفة، بمحافظة اللاذقية، وهي تتربع فوق مرتفع من الأرض تحيط بخصرها أساور رائعة من أشجار الليمون والبرتقال والزيتون. حاز الإجازة الجامعية في اللغة العربية عام 1976 وعمل مدرساً لمادة اللغة العربية لأكثر من عشرين عاماً، ثم موجهاً اختصاصياً في المادة ذاتها. من مؤلفاته في الشعر «أزهارالبنفسج» وفي القصة «صرة الذهب» و«أبطال البحر» و«هابيل» و«هدية الشيطان». وله دراسات شعرية متنوعة.