الهلال بالهلال والدم بالدم والحرب سجال…
محمد صادق الحسيني
قد يبدو هذا العنوان مستغرباً، لكنها هي أميركا وهي الشيطان الأكبر، وأذنابها الصغار، وخدامها المتمرّسون بالقتل والفتن المتنقلة، والحروب بالوكالة.
كلّ الإشارات والعلائم والقرائن تفيد بأنهم يحضرون المنطقة لنسخة جديدة من الحروب بالوكالة، بعد أن هزموا في حروبهم السابقة.
فالأنباء والتقارير الاستخبارية المتواترة في مطابخ صناعة القرار لعواصم محور المقاومة، وكذلك تلك الحرة المتداولة في كواليس العواصم المعنية بشؤون بلادنا تفيد:
أنّ ثمة مخططاً فتنوياً مرادفاً للحرب الاطلسية ضدّ روسيا والصين وايران الواقعة في الخاصرة الأوكرانية، بصدد الاشتعال على كتف ما يُعرف اصطلاحاً بالشرق الأوسط، يبدأ بالهند ولا ينتهي في العراق وصولاً الى فلسطين المحتلة، حيث الهدف النهائي تصفية القضية الفلسطينية.
العارفون بخفايا هذه الكواليس يؤكدون بأنّ الأمير السعودي بندر بن سلطان مكلف من قبل الأميركان، بتحريك فتنة إسلامية هندوسيّة شرسة في بلاد الهند، الهدف منها إضعاف نيودلهي ومنعها من الاصطفاف اقتصادياً وعسكرياً مع روسيا في مواجهتها المفتوحة مع الأطلسي.
وهذا الأمير السعودي هو نفسه الذي أشرف على الانقلاب الأبيض الذي أطاح بعمران خان في الباكستان من خلال تجميع القوى الوهابية الباكستانية التقليدية المعروفة بأحزابها الإسلاموية، وأضاف اليها ثلاثة عشر منشقاً من حزب عمران خان تمّ شراء ذممهم بالمال للانقلاب على رئيس حزبهم والتصويت ضدّه في البرلمان.
وبندر بن سلطان هذا هو نفسه الذي يعمل ليل نهار لتفجير الحدود الأفغانية الإيرانية لإشغال إيران ومنعها، وكذلك أفغانستان، من العمل مع الثنائي الصيني الروسي في مشروع طريق الحرير.
المصادر تضيف أيضاً بأنّ بندر بن سلطان هذا هو المكلف، بتوحيد جهود من يسمّون بالصحوات «السنية» في العراق، للعمل معهم على إقامة إقليم سني في الأنبار، أعمدته الثلاثة أبو ريشة المقيم في الإمارات والحلبوسي العامل عند الأميركان والسعودية ومشعان الجبوري خدام أردوغان، وضابط إيقاع المخطط هو جنبلاط العراق!
وتضيف المصادر بأنّ عمليات أردوغان الواسعة أخيراً في شمال العراق إنما هي الأرضية الممهّدة لإقامة الكوريدور الواصل بين تركيا وفلسطين المحتلة عبر أنبار العراق والأردن!
الأردن الذي يفترض انّ المخطط الأميركي – الإسرائيلي يقضي بإسقاط عرشه عبر نزع مسؤوليته الدينية والإدارية عن الأماكن المقدسة في فلسطين، في خطوة تنتهي عملياً بنزع السيادة الفلسطينية عن المقدسات، وتسليمها للثلاثي السعودي المغربي التركي تحت عنوان منظمة التعاون الإسلامي المتواطئة والتي ستقدّمها هدية للقاعدة الأميركية المقامة على اليابسة الفلسطينية المسماة الكيان الصهيوني المؤقت بالطبع…
إقامة هذا الهلال الممتدّ من الهند حتى فلسطين، برأي أسياد بندر بن سلطان هو الردّ الطبيعي الوحيد المتبقي لديهم على ما سبق وسمّوه «بالهلال الشيعي» ايّ هلال محور المقاومة المعروف الذي بدأ خطره يداهم آخر قلاعهم في تل أبيب..
تذكّروا انّ بندر بن سلطان هذا هو الذي كلف أميركياً، يوماً بتفجير الساحة اللبنانية انطلاقاً من نهر البارد حيث روّج يومها لمقولته الشهيرة: «لا بدّ من تربية ورم حميد مقابل الورم الخبيث» (يقصد حزب الله والمقاومة).
والذي ترافق مع إطلاق كلابه الإرهابيين الذين عُرفوا وقتها بـ «فتح الإسلام»، وسال الدم اللبناني والفلسطيني الطاهر برسم واشنطن وكيانيها العاملَين تحت رعايتها وإشرافها، اليهودي في فلسطين والوهابي في الرياض، لكن الفتنة سرعان ما وُئدت بفضل وعي عزيز لبنان والمشرق وحكمته…
اليوم يكرّرون نفس ما فشلوا في إنجازه في لبنان على مستوى أوسع.
تطويق هلال المقاومة بهلال الإرهاب والفتن المتنقلة من نيودلهي حتى الأنبار!
لم يتعلموا انّ مثل هذه المخططات سرعان ما تنقلب على صاحبها، وانّ الأمة باتت أنضج وأوعى من أي يوم مضى، والأهمّ أنّ موازين القوى لم تعد تسمح لهم بفرض إرادتهم علينا، بأيّ شكل رتبوا اصطفافاتهم.
والسنن الكونية أيضاً لن تجعلهم يمرّون، فهي قدر لا يُردّ ولا يُبدّل، ذلك لأنّ المهزوم على بوابات الشام وأسوار بغداد وتخوم صنعاء حان الوقت ليدفع ثمن هزيمته إنْ عاجلاً او آجلاً.
ومن يفرض قواعد التسوية، إنْ حانت، او قواعد الجلاء انْ استعجل مع الانتصار المحقق القريب في أوكرانيا، هو المنتصر والذي هو نحن في مثلث الشرق الصاعد بالتأكيد.
وليس الإمبراطورية الأميركية المتقهقرة والمصابة بالشيخوخة المبكرة أحادية القرن.
أتى أمر الله فلا تستعجلوه.