الشباب الفلسطيني وإنهاء مرحلة الإحياء الصامت ليوم القدس العالمي
} حمزة البشتاوي*
على الرغم من كلّ محاولات التركيع والتطويع وعمليات التشويه والتطبيع، لا تزال قضية تحرير مدينة القدس والمقدسات من الاحتلال وعصابات المستوطنين هي القضية الأكبر والمشكلة الأفدح التي تواجه الفلسطينيين والعرب والمسلمين وأنصار الحق والعدالة في العالم، ولا يزال الشباب الفلسطيني يسير سيراً صحيحاً على خطى تحرير القدس من خلال وعيه وكفاحه المشروع ضدّ الظلم والإرهاب، مدافعاً عن الأرض والمقدسات ومساهماً بتحريك الوجدان والضمير الإنساني وتفاعله المتمثل بتشكل حركة تضامنية عالمية مع القضية الفلسطينية ترفض الاحتلال وحرمان شعب من موطن الآباء والأجداد.
لم يعد من الممكن بعد تصاعد عمليات الاقتحام والاعتداءات على مدينة القدس والمقدسات وضع يوم القدس العالمي في إطار تكرار الوقوف عند حدّ الشعارات والهتافات، بل أصبح هذا اليوم وخاصة لدى الشباب الفلسطيني، حافزاً للنزول إلى الميادين والساحات ونقاط الاشتباك مع الاحتلال لتصعيد العمل النضالي والكفاحي دفاعاً عن حقوقه المشروعة وعن مدينة القدس وما تحمله من قداسة المبنى والمعنى، بالإضافة إلى تذكير العالم بجرائم الاحتلال وإرهابه المدجّج بالسلاح وإيديولوجيا الاستيطان وانتهاك كافة الأعراف والقوانين…
هذه الممارسات ساهمت بجعل يوم القدس العالمي دليلاً ومفجّراً لينابيع الثورة لدى الشباب الفلسطيني الذي انتقل من مرحلة الإحياء الصامت ليوم القدس إلى الإحياء المدوّي، وهذا ما يرتفع صداه وتأثيره عاماً بعد عام، وما التضحيات التي يقدّمها الشباب الفلسطيني اليوم إلا امتداد حقيقي للتضحيات المستمرة منذ النكبة، والتي يؤكد من خلالها الشعب الفلسطيني بأنه لا يزال متمسكاً بأرضه وكاسراً بنضاله كلّ المقولات الصهيونية ومنها شعار (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض) وصولاً إلى عبارتهم المشهورة (إنّ الكبار يموتون والصغار سرعان ما ينسون) وقد أثبت الشباب الفلسطيني المدافع عن أرضه ومقدساته عكس هذه المقولات تماماً، لا بل نراه اليوم يصنع معادلة جديدة في الصراع مع الاحتلال استناداً إلى فعل وثقافة المقاومة وتحركات شعبية يتوحد فيها الشعب الرافض للأمر الواقع الذي يحاول فرضه الاحتلال.
يقدّم شعبنا من خلال هذه التحركات وعلى إمتداد مساحة أرضه دروساً في التضحية والفداء ومتحدياً كلّ الظروف والصعوبات الجغرافية والسياسية القاسية استناداً إلى إيمانه المطلق وقناعاته الكاملة بحتمية الانتصار على الإحتلال، وهو اليوم يسقط أكذوبة (أنّ الفلسطينيين باعوا أرضهم) والتي يروّج لها منظرو التطبيع لتبرير ترك الفلسطينيين وحدهم في مواجهة الاحتلال وآلته العسكرية التي لم تعد تخيف الشباب الفلسطيني الذي يقاوم ببسالة جعلت “الإسرائيليين” يعيدون حساباتهم عند القيام بأيّ حرب، أو تنفيذ أيّ اقتحام خاصة في مدينة القدس…
الآتي من الأيام وفي قراءة دقيقة وموضوعية للأحداث يبشر باندلاع انتفاضة شاملة وممتدة من النهر إلى البحر تكون فيها مدينة القدس العاصمة والعاصفة في تغيير مجرى الأحداث…