في الترسيم والسلاح…

لم يتمالك الفريق أول عبد الغني الجمسي نفسه من البكاء بحرقة حينما نمى إلى علمه وهو يتفاوض في الخيمة 101 ضدّ الغريم “الإسرائيلي” الجنرال أهارون ياريف أنّ السادات قبل بانسحاب أغلب القوات المصرية من الضفة الشرقية لقناة السويس، وكذلك الجانب الأعظم من المدرّعات، كأنّ دماء الانتصار وتحطيم خط بارليف تهدر بلا مقابل، والجني السياسي لانتصار أكتوبر يتبدّد بقرارات القيادة السياسية، يحضرني هذا وأنا أتابع بمرارة ما تواتر من الأنباء بأنّ القيادة السياسية في لبنان أقدمت وقبل الانخراط في المفاوضات غير المباشرة مع العدو “الإسرائيلي” على القبول بخط 23 كأساس للبدء في التفاوض مع الجانب “الإسرائيلي” في مسألة ترسيم الحدود، عطايا بالمجان، وتنازلات لا مبرّر لها، ونموذج آخر في هذه الأمة التي ابتُليت بقيادات لم تكن في يوم من الأيام بمستوى الحدث، يبذل الآخرون الدماء مدرارة في سبيل تراب الوطن، ويأتي هؤلاء ليترجموا الدم والانتصار الى صكّ انبطاح باللغة العبرية.

كان أهارون ياريف يقول للجمسي في إحدى مراحل المفاوضات، دعنا يا عزيزي لا نخوض في المستوى السياسي، نحن، أنا وأنت، نعبّر عن موازين القوى في ساحة القتال، ستأخذ نصيبك من النصر، وسآخذ نصيبي منه بما يوازي ذلك التوازن، قمة البراغماتية، ليردّ عليه الجمسي، بأنّ القوات متقاربة ومتداخلة، خاصة بعد ثغرة الدفرسوار، وفي حالة استمرار العمليات العسكرية ستبدأون بالضرورة في تكبّد خسائر فادحة، وبالذات في منطقة الخسائر البشرية…

هل يعيد التاريخ نفسه في لبنان؟ مقاومة أذلّت العدو في كل مواجهاتها معه، وهو ترتعد فرائصه كلما فكر مجرد التفكير بأنّ مواجهة مسلحة قد تطرأ مع حزب الله، فتأتي القيادة السياسية لتفرّط بهذا المكسب الاستراتيجي، هكذا ببساطة، أتمنى من الله ان يكون ما رشح من الأخبار هو محض أكاذيب وإشاعات لا أساس لها…

سميح التايه