أخيرة

الحضن العربي…

لو أنّ هنالك جهازاً علمياً يستطيع قياس كمية الخيانة وعدم الانتماء في أية أمة، تماماً مثل جهاز قياس الجلوكوز، الذي يستطيع أن يحدّد كمية السكّر في الدم، جهاز توضع فيه إحداثيات الأمة العربية، فيظهر على شاشته الصغيرة بعد ذلك نسبة الخيانة في هذه الأمة الممتدّة من المحيط الى الخليج، ويبلغ تعدادها أكثر من 400 مليون إنسان، كم من هؤلاء السكان الذين يقطنون هذه المساحة خونة، لا يشعرون بالانتماء إليها، ولديهم الاستعداد للتحالف مع أعدائها بأبخس الأثمان.

لست أدري، ولكنني أكاد أجزم بأنّ أمتنا العربية ستكون الأولى بلا منازع في كمية الخونة الذين يعيشون بين ظهرانيها.

وزارة الخارجية الأردنية أتحفتنا البارحة ببيان أقلّ ما يُقال فيه بأنه مثير للضحك، فالوزارة ترى، وبعد أكثر من نصف قرن من ابتلاع الأراضي الفلسطينية العربية والمقدسات، ترى بأنّ توسيع المستوطنات في الضفة الغربية هي خطوة غير مشروعة ومرفوضة، لاحظوا انّ الغير مشروع والمرفوض هو توسيع المستوطنات، وماذا عن إنشاء المستوطنات أصلاً، هل هو مشروع ومقبول؟

رياض المالكي رأى قبل شهر تقريباً انّ غياب الأفق السياسي للمجتمع الدولي هو السبب في ما وصلنا إليه، وليس انبطاح سلطته بقيادة “دعبس” هو ما أدّى الى هذا الوضع، كان يتحدث وهو يرتدي بدلة كحلي ميتاليك تبهر الأنظار، مع ربطة عنق زرقاء فاتحة تكاد تبيضّ من شدة نقائها وبريقها، وشارب أبيض شُذّب بعناية فائقة، فالرجل مزبّط حالو، ولا يألو جهداً في سبيل الظهور على آخر موضة.

أما آخر ما تواتر من الأنباء فهو ان سيّئ السيط والسمعة، جاريد كوشنر، مهندس صفقة القرن، سيقوم بإدارة الأموال السيادية لمملكة الخير في “إسرائيل”، مملكة الخير التي تحمّل الشعب اللبناني المسكين، ألف جميل وجميل حينما تقوم بإيداع بليون دولار، فقط إيداع ولا شيء سواه، في مصرف لبنان لدعم اقتصاده، ستقوم باستثمار ما يربو على 400 بليون دولار في “إسرائيل” بإدارة الصهيوني المتشدّد، جاريد كوشنر. ثم تجد من يتحدث عن الحضن العربي، ذلك الحضن الذي يجعل دولة مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، وضع عشرة خطوط تحت العربية، تفكر بإرسال طيّارين للمشاركة في احتفالات الكيان الغاصب بعيد استقلاله، عيد نكبة الفلسطينيين والعرب، مرحى للحضن العربي.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى