القادري خلال المؤتمر 18 للاتحاد العالمي للنقابات: لتوطيد أواصر الصداقة والتعاون بما يخدم قضايا العمال في منطقتنا العربية والعالم
أشار الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب جمال القادري إلى أننا نعيش اليوم “في ظلّ ظروف استثنائية غير مسبوقة يشهدها العالم. فالإمبريالية العالمية كشّرت عن أنيابها المسمومة بشكل غير مسبوق، وها نحن نشهد عبر العالم ما يُسمّى بـ”عسكرة السياسة”، إذ لا سياسة في عالم اليوم، وكلّ ما نعيشه ما هو إلا مقدّمة لمعارك وحروب لا تُبقي ولا تذَر. كما أننا نشهد تآمراً عالمياً على كلّ الشعوب التي لم ترضخ للمشيئة العدوانية الإمبريالية يصل إلى حدّ التوحش في استهداف الشعوب السائرة في طريق النمو واستهداف الدول في سياساتها المستقلة وسيادتها وحقها في تطلعها المشروع لبناء تنميتها واستغلال مواردها لخدمة شعوبها”.
وقال القادري في كلمة ألقاها خلال افتتاح أعمال المؤتمر الثامن عشر للاتحاد العالمي للنقابات المنعقد حالياً في العاصمة الإيطالية روما: “نعيش اليوم وفي كلّ العالم أحداثاً لم يشهدها التاريخ من قبل، تدخل واستفزاز واعتداء وحشي بكلّ ما هو متاح من أسلحة على كل قوى الحرية والتقدم في هذا العالم. ما يشهده العالم اليوم يتطلب تكاتفاً استثنائياً من كافة القوى الحقيقية المُحبة للسلام وعلى كافة المستويات. إنّ ما يشهده العالم اليوم من أحداث وإجرام مخطّط واختلاط في المفاهيم، إذا ما أُضيف إلى ما عانته البشرية من تداعيات جائحة كورونا خلال السنوات القليلة الماضية، لنا أن نتصوّر جميعاً تراجع حجم الأجور وتناقص الحقوق والمكتسبات التي حققها العمال عبر عقود من النضال في مختلف البلدان”.
وأضاف: “لقد تأثر به كلّ أبناء المجتمعات بالحروب والصراعات والحصار والجائحة، إلا أنّ العبء النسبي كان أثقل على الشرائح الفقيرة في المجتمع، والعمال في قلب هذه الشرائح”.
واعتبر القادري أنّ “من واجبنا اليوم، أن نرفع الصوت عالياً وأن نشير إلى المجرم الحقيقي بالفم الملآن، وهو المسؤول الحقيقي عن معاناة العالم. من واجبنا أن نفضح ونعرّي من يتشدّق في زواريبه بحقوق الإنسان والسهر عليها، بينما في فعله وممارساته يبدي العكس تماماً. من واجبنا أن نفضح من يصرح بأنه يسعى إلى تمكين الشعوب من حريتها وديمقراطيتها وهو عملياً يسلبها كلّ ذلك. من واجبنا أن نفضح في مؤتمرنا هذا وفي كافة فعالياتنا من يتشدق بالحفاظ على السلم العالمي وحرصه عليه وهو يفتعل الحروب والصراعات على امتداد العالم. من واجبنا جميعاً، ولكي ننسجم مع أفكارنا التقدُّمية الحرة ومع استقلاليتنا الحقيقية، أن نفضح ونعري ممارسات الدول الداعمة والراعية للإرهاب العالمي الذي يضرب في كل مكان من عالمنا. من واجبنا أن نفضح من يحاربه في التصريحات، بينما هو يدعمه ويموله ويرعاه ويحاصر ويحارب كلّ الدول الساعية إلى مواجهته”.
ورأى أنّ “من حقّ الشعوب والعمال علينا، نحن النقابيون، ونحن نعيش أحداث هذا المؤتمر الهام أن نفضح من يتشدق بحرصه على القانون الدولي وحقوق الإنسان وهو في الواقع ينتهك القانون الدولي في كلّ لحظة وفي كلّ فعل وفي كلّ ممارسة، وهو من يحتلّ الأرض وينهب الاقتصاد ويقتل الشعوب مستفيداً من دعم وتواطؤ من يعلن عن نفسه بأنه من حُماة الحضارة”.
ولفت الأمين العتم للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب إلى “أنّ ما تشهده فلسطين المحتلة هو وصمة عار في جبين الإنسانية، وما يشهده ويعيشه الشعب الفلسطيني وعمال فلسطين من ممارسات عدوانية خير دليل على صحة ما تقدمنا به ويتطلب منا جميعاً الموقف المناسب بالدعم والتأييد، وما شهدته سورية، ولا تزال، من حرب وحصار ومواجهة للإرهاب منذ ما يزيد عن عقد من الزمن وما يجري في دول أخرى في المنطقة من استهداف عبر العصابات الإرهابية المدعومة والمموّلة من دول أصبحت معروفة للجميع، يؤكد صحة ما ذهبنا إليه من اختلال في المعايير وتضارب في القيم والمصطلحات”.
وتابع القادري: “إنّ ما نشهده وما يشهده العالم اليوم من استفزار لقوى كبرى ومخططات تسعى إلى تكريس الأحادية القطبية في قيادة العالم لمصالح وأهواء استعمارية وما نشأ عنها من حروب لا تزال مستعرة وما يمكن أن ينشب أيضاً هو دليل على صحة ما قلناه”. وقال: “وسط ما نعيشه وما نشهده، ومن على منبر هذا المؤتمر، نمدّ أيدينا كاتحاد دولي لنقابات العمال العرب يمثل العمال العرب لترسيخ ما حققناه من تعاون بين الاتحاد العالمي للنقابات والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، مستندين في ذلك إلى صداقة واحترام متبادلين ولعقود طويلة، ومستندين إلى أهداف ونضالات مشتركة بين المنظمتين. نمد أيدينا لتكريس وتوطيد أواصر الصداقة والتعاون في كل ما يخدم قضايا الطبقة العاملة في منطقتنا العربية والعالم، وفي كل ما يخفف هذا السُّعار في العلاقات الدولية في العالم اليوم، وأجدها مناسبة سانحة لأحيي الإخوة المناضلين في الاتحاد العالمي للنقابات، بقياداته ومنظماته، على مواقفهم المتقدمة من الممارسات العنصرية لسلطات الكيان الإسرائيلي بحق شعب وعمال فلسطين وسورية ولبنان”.
وتوجه القادري بالتحية إلى “الاتحاد العالمي للنقابات بقياداته وجماهيره في إدانته للإرهاب الذي ضرب في سورية وفي معظم دول المنطقة العربية، ولا يزال، مستفيداً من دول مارقة أصبحت عبئاً على القانون الدولي نفسه”. كما حيا “المواقف المتقدمة للاتحاد العالمي للنقابات وسعيه إلى التضامن مع شعوب ودول العالم التي عانت كما عانت دولنا العربية، أحيي وقوفه مع إيران وفنزويلا وكوبا التي تتعرّض أيضاً لحصار جائر، علماً أنّ بدعة العقوبات والحصار ليس لها وجود في القانون الدولي وإنما صنعتها الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الإمبريالية الأميركية لمحاصرة الشعوب وإخضاع السياسات العالمية لأهوائها ومصالحها”.
وشدّد القادري على أن “لإرادة تصنع المستحيل”، وأنه “بتكاتفنا وتعاوننا وفهمنا المشترك لكلّ ما يدور في هذا العالم وبحسنا الطبقي وتربيتنا النضالية أعتقد أننا قادرون على أن نفعل شيئاً لوقف هذا التدهور المريع على كافة الصُّعُد”.