رئيسيّ: إيران ستثأر لدماء العقيد صياد… والصين تحذّر أميركا من اللعب بالنار في تايوان / برّي يدعو لجلسة نيابيّة الأسبوع المقبل… ويعلن نهاية المواجهة بين «الثورة» والمجلس / التيار الوطنيّ الحر يحسم خياراته الانتخابيّة الأربعاء… والبخاري يزفّ بشرى الانتصار الانتخابيّ /
كتب المحرّر السياسيّ
عاد الوضع الدولي والإقليمي إلى دائرة اهتمام اللبنانيين، بعد احتفالات الانتصارات بالانتخابات، والغرق في سباق الأرقام والحواصل والأحجام، بعدما كشفت النتائج الواضحة أن لا منتصر في الانتخابات، وأن لبنان ذاهب الى التعطيل بفعل توازن القوى داخل المجلس النيابي واستحالة قدرة أي من الفريقين المتقابلين على تشكيل أغلبية كافية لفرض مسارات تناسب رؤيته وخياراته، أو ترجيح كفتها على الأقل. وفي ظل حجم التجاذب المرتفع السقوف لا تبدو فرص التوافق صاحبة حظوظ كبرى في المدى القريب.
على الصعيد الدولي دخل التوتر الصيني الأميركي على خط المواجهة الأميركية الروسية في أوكرانيا، فقد أعلنت بكين أن «الولايات المتحدة تلعب بالنار في ملف تايوان»، وذلك وبعدما ذكر بايدن، أن «بلاده مستعدة للدفاع عن الجزيرة عسكرياً في وجه أي غزو صيني»، مضيفاً أن «الولايات المتحدة تستخدم «ورقة تايوان» لاحتواء الصين وستحترق بنفسها».
على الصعيد الإقليمي تصعيد بين إيران وكيان الاحتلال على خلفية اغتيال العقيد في فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني حسن صياد خداياري، حيث نشرت وسائل الإعلام «الإسرائيلية» تقارير تشير الى قيام الموساد الإسرائيلي بتنفيذ الاغتيال، حيث أعلن الرئيس الايراني السيد ابراهيم رئيسي عزم إيران على الثأر لدماء العقيد صياد خداياري.
في الانتخابات ونتائجها، جاء كلام السفير السعودي وليد البخاري عن زف بشرى النصر نافراً ولافتاً، رغم كل الوقائع والأرقام التي تؤكد فشل مشروع منح القوات اللبنانية زعامة الأكثرية النيابية، وتشكيل الكتلة المسيحية الأولى، والفشل في إنتاج وتشكيل مرجعية تخلف الرئيس سعد الحريري وتشكل سنداً للقوات، وبدت محاكاة البخاري لكلام جعجع عن الانتصار بصورة تعاكس الوقائع، رسالة للخارج لأن الداخل يعلم العكس، ولم يعرف ما إذا كان الخارج المقصود سعودياً؟
في الاستحقاقات يبدو أن العدّ التنازلي لعقد جلسة انتخاب رئيس ونائب رئيس للمجلس النيابي قد بدأ، مع تأكيد مصادر نيابية عزم رئيس السن نبيه بري الدعوة لجلسة الانتخاب الأسبوع المقبل، بعدما أرسل إشارة لبداية مرحلة جديدة، عبر عنها إعلان بري نهاية المواجهة بين «الثورة ومجلس النواب، مرحباً بنواب الثورة أعضاء أصيلين في الطبقة السياسيّة».
في اتجاهات التصويت في جلسة انتخاب رئيس ونائب رئيس المجلس النيابي، دعت مصادر نيابية الى انتظار ما سيقرّره التيار الوطني الحر الأربعاء، مؤكدة أن لا قرار مسبقاً لدى التيار لهذه الجهة، سوى تأكيد أن كل الخيارات مفتوحة، وترجيح خيار ترك الحرية لنواب التكتل، خصوصاً أن نواب الطاشناق الذين يدعوهم التيار لمشاركته في التكتل النيابي سيصوّتون لصالح انتخاب الرئيس بري، وفي ظل مواقف تطالب التيار بالتمييز بين التجاذبات مع حركة أمل، وبين إلزامية احترام إجماع نواب الطائفة الشيعيّة على ترشيحه، والتساؤل ماذا سيكون الموقف لو رفض أي تكتل نيابي انتخاب رئيس للجمهورية يجمع النواب المسيحيون على ترشيحه؟
وتترقب الساحة الداخلية مواقف الكتل النيابية حيال انتخاب رئيس للمجلس النيابي وهو أول الاستحقاقات بعد الانتخابات النيابية إذ من المفترض أن يتم انتخاب رئيس خلال 15 يوماً من 22 أيار كحد أقصى، وفق ما ينص عليه القانون. لكن الرئيس نبيه بري يتريث بالدعوة الى جلسة الانتخاب ريثما يتمّ التوافق بين الكتل لتأمين أكبر عدد من الأصوات.
ومن المتوقع أن يدعو بري الى جلسة بداية الاسبوع المقبل لتنشط الاتصالات والمشاورات بحسب ما علمت «البناء» لتأمين تسوية بين بري وكتلة لبنان القوي تحفظ ماء الوجه للجميع وتكسر حدة المواقف العالية السقف التي اندلعت خلال اليومين الماضيين بين حركة أمل والتيار الوطني الحر.
إلا أن مصادر نيابية في التيار الوطني الحر رجحت لـ»البناء» عدم تصويت كتلة لبنان القوي للرئيس بري، وعزت المصادر السبب الى انسجام التيار مع مواقفه من الطبقة السياسية التي حكمت منذ عقود وأوصلت البلد الى هذا الدرك، متسائلة: كيف سنقنع جمهورنا بالتجديد لبري في ظل مواقفنا التي تحمل الطبقة السياسية مسؤولية الانهيار في لبنان. وأوضحت أن «التكتل سيعقد اجتماعاً اليوم سيتخذ خلاله القرار النهائيّ بهذا الخصوص بعد مناقشة حيثياته وتأثيراته على الواقع النيابي».
وعن احتمال ترك رئيس التكتل النائب جبران باسيل حرية التصويت للكتلة، لفتت المصادر الى أن «الأمور متروكة الى أوانها».
وعما إذا كان التيار يربط انتخابات رئاسة المجلس بتسوية تشمل كافة الاستحقاقات المقبلة، أوضحت المصادر أن «النائب باسيل كان واضحاً في خطابه الأخير وقد رسم أولويات التيار لإنقاذ البلد من الكوارث والمآسي التي يعيشها».
وإذ من المتوقع أن تبدأ مواقف الكتل النيابية والنواب المستقلون بالظهور إزاء استحقاق رئاسة المجلس، أعلن نائب عكار سجيع عطية من عين التينة عن تشكيل كتلة إنماء عكار التي تشمل عدداً من النواب، موضحاً انها ستصوت مبدئياً للرئيس بري. وعلمت «البناء» أن النائب حسن مراد سيصوّت للرئيس بري إضافة الى كتلة اللقاء الديموقراطي.
وتوقعت مصادر نيابية لـ»البناء» أن يتبلور المشهد النيابي الاسبوع الحالي وان يتم انتخاب بري بأغلبية وازنة. لكن المصادر توقعت معركة شرسة على نائب الرئيس إذ ان كل كتلة من الكتل الثلاث القوات والتيار والمجتمع المدني تريد إثبات قوتها النيابية وتظهيرها بكسب هذا المنصب.
وبعد اجراء الانتخابات وتمثيل قوى الحراك في المجلس الجديد رفعت الإجراءات من محيط المجلس النيابي التي اتخذت خلال الثلاث سنوات الماضية منذ اندلاع أحداث ١٧ تشرين ٢٠١٩ وأزيل الجدار الاسمنتي وبلوكات الباطون الذي يفصل المجلس عن ساحة رياض الصلح.
وتمّت أعمال الرفع بحضور وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي الذي أشار، إلى أن «واجب علينا أن نستمع إلى صوت اللبنانيين فبيروت مدينة الحياة والانفتاح وهي للجميع وليست مقفلة بوجه أحد، وتواصلت مع بري فمَن كان يتظاهر هنا أصبح داخل المجلس ومعاً سنبني لبنان، وكما نجحت الانتخابات وعبّر الناس عن صوتهم نسمع جميعنا كدولة صوت الناس وننفذ لهم ما يريدون».
ولفتت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أنه لم يعد جائزاً أن يتم التظاهر في الشارع من قبل مجموعات الحراك بعد تمثيلهم في المجلس بل أصبحوا الآن في موقع المسؤولية والمحاسبة عن أدائهم خلال السنوات الأربع المقبلة.
كان قد أعلن المكتب الاعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، أنه «بناء لتوجيهات بري التي تقضي بإنجاز رفع الإجراءات وتخفيف التدابير التي كانت متخذة سابقاً حول المجلس النيابي، بدأت الجهات المعنية بتنفيذها وإنجازها قبل انعقاد الجلسة النيابية المقبلة».
في غضون ذلك يواصل السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، تدخله السافر في الشؤون الداخليّة اللبنانيّة، وفي تصريح له أمس، يكشف دوره في الانتخابات النيابية بتقديم الدعم السياسي والمالي للوائح دون أخرى لأهداف سياسية تتعلق بالسيطرة على القرار في لبنان لصالح المشروع الاميركي، لفت البخاري الى أن «لبنان يعيش أياماً صعبة على المستويات كافة وفي مقدمتها هويته العربية وعلاقته بمحيطه العربي. واليوم نزفّ للمفتي حسن خالد نتائج الانتخابات المشرّفة وسقوط كل رموز الغدر والخيانة وصناعة الموت والكراهية».
وحذرت أوساط سياسية عبر «البناء» من سعي أميركي – سعودي لجمع أكبر عدد من النواب من كتل حزب «القوات اللبنانية» و»الكتائب» ومجموعات من قوى «المجتمع المدني» والمستقلين، لتكوين أكثرية نيابية لفرض مرشح لتأليف حكومة جديدة والتحكم بعملية التأليف وإقصاء قوى أساسية في البلد، ويجري الهمس في الكواليس باسم السفير السابق نواف سلام، واعتبرت الأوساط أن هذا المخطط يشكل مقدمة لتخريب البلد وأخذه الى التأزم السياسي وعودة الانقسام الطائفي وتهديد الوضع الأمني الداخلي. داعية الجميع الى الاتعاظ من المراحل السابقة بالرضوخ لمنطق الشراكة الوطنية والتعاون لإنقاذ البلد. على صعيد مواز، نقلت وسائل اعلام خليجية عن مصادر حكومية أميركية أن «الولايات المتحدة سعيدة بإجراء الانتخابات، وعدم وقوع أية أحداث أمنية، إلا أنها تطرقت إلى وجود بعض الملاحظات على العملية الانتخابية»، مؤكدة أن «اللبنانيين يريدون حكومة قادرة على حل مشاكلهم، ونتائج الانتخابات خطوة جيدة وما سيأتي أو ينتج عنها مهم، والإدارة الأميركية ستدعم الحكومة اللبنانية في مواجهة التحديات المطروحة عليها بما في ذلك الاتفاق مع صندوق النقد الدولي».
وأكدت المصادر أن موقف واشنطن من حزب الله لم يتغير، فهو موضوع على لائحة الإرهاب، ومصنّف ضمن لائحة «التنظيمات الإرهابية الأجنبية»، كما أنه يقوم بنشاطات «إشكالية» ويسبب اضطرابات في لبنان والمنطقة، وهو مدعوم من إيران.
وتفاعل السجال بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الطاقة والمياه وليد فياض في جلسة الحكومة الأخيرة إثر سحب الأخير عروض الطاقة، ما يعكس التوتر في العلاقات الرئاسية على خط بعبدا – السراي الحكومي.
وفيما أكد فياض أنه «لم يُطرح أي بند لتلزيم معامل كهربائية جديدة كما أنه لم يتسلّم أية عروض مكتملة، إنما تسلمت الوزارة مراسلات من الشركات الصانعة الأربع: سيمنس – جنرال الكتريك – أنسالدو – ميتسوبيشي كان آخرها بتاريخ 20/5/2022 أي تاريخ آخر جلسة لمجلس الوزراء، تبدي فيها اهتمامها بقطاع الطاقة ومنها من قدم عروضاً أولية بحاجة للدرس والتدقيق ولم يأتِ أي عرض مكتمل من النواحي الفنية والمالية والقانونية. وهنا نستغرب وصول هذه المراسلات لعدة جهات بالتوازي مع وصولها الى وزارة الطاقة والمياه». رد المكتب الإعلامي لميقاتي في بيان وأشار الى أنه «منذ إعلان ميقاتي سحب وزير الطاقة والمياه وليد فياض الملفين المتعلقين بالكهرباء عن جلسة مجلس الوزراء، يحاول وزير الطاقة التغطية على ما فعله ببيانات ومواقف مرتبكة لم تنجح في إقناع الرأي العام بصوابية موقفه، خصوصاً أنه تحدث بنفسه أمام وزراء وشخصياً عن الأسباب الحقيقية لسحبه الملف. فهل يجرؤ الوزير على تسمية مَن طلب منه سحب الملف، ولماذا؟».
واضاف البيان: «اللافت أنه في محاولة للتغطية على فعلته، وزع وزير الطاقة اليوم بياناً يقول فيه انه «ليس بوارد السير بتوقيع صفقات بالتراضي لشراء الكهرباء بأثمان مرتفعة بل باعتماد الطرق القانونية السليمة التي تتيح المنافسة للجميع». والسؤال الذي ينبغي على الوزير الاجابة عليه بكل وضوح ومن دون لفّ ودوران «هل طلب منه أحد إتمام صفقة شراء الكهرباء بالتراضي؟ وهل قال له أحد بقبول صفقة الشراء بالتراضي؟».
وعلى وقع الارتفاع المستمرّ لسعر صرف الدولار الذي سجل مساء أمس 32400 ألف ليرة للدولار الواحد في السوق السوداء، تتفاقم الأزمات بشكل تدريجي، آخذة البلاد الى الهاوية والى انفجارات اجتماعية وأمنية في الشارع.
واتهمت أوساط سياسية ومالية عبر «البناء» السفارة الأميركية في لبنان وجهات سياسية ومالية ومصرفية داخلية على رأسها حاكم مصرف لبنان بالتلاعب بسعر الصرف لإشعال نار الازمات بهدف الضغط السياسي عشية حلول موعد الاستحقاقات المتتالية لا سيما الاستحقاق الحكومي.
وعلى صعيد أزمة الكهرباء التي يبدو أن لبنان سيذهب الى العتمة الشاملة، أفادت مؤسسة كهرباء لبنان أنّ «خزين مادة الغاز أويل سينفد كلياً في معمل دير عمار، المعمل الحراري الوحيد المتبقي على الشبكة، ممّا سيؤدي إلى وضعه قسريًا خارج الخدمة صباح يوم غد (اليوم)، وبالتالي لا يتبقى على الشبكة سوى إنتاج المعامل المائية الذي لا يتعدى //100// ميغاواط، وحيث أنّه كان من المرتقب أن تصل يوم الجمعة الواقع فيه 20/05/2022 الناقلة البحرية «SEALION I»، المحملة بمادة الغاز أويل إلى المياه الإقليمية اللبنانية، وإنّما بحسب آخر المعطيات الواردة من قبل جانب وزارة الطاقة والمياه، فإنّ الناقلة البحرية المعنية سيتأخر موعد وصولها حتى تاريخ 25/05/2022».
أما بشأن أزمة المحروقات، فلفت عضو نقابة اصحاب محطات المحروقات جورج براكس إلى أن «رغم الازمة، لا تزال الشركات تؤمّن المحروقات للمحطات، غير أن اصحاب المحطات اتخذوا قراراً بعدم قبول بطاقات الائتمان». وأضاف: دولاراتنا تستنزف وعدم توفرها يسبّب مشكلة في الاستيراد».
وشهدت المحال التجارية ارتفاعاً عشوائياً لأسعار المواد الغذائية، فقد أشار رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي الى أن «لدى مصرف لبنان صعوبة كبيرة في تمويل القمح، لكن هذا لا يعني أننا أمام خطر مجاعة». وقال في حديث إذاعي: الاستيراد تراجع مرحلياً لكن لبنان بلد صغير ويمكن تلبية حاجاته، والتحدّي الكبير يكمن في قدرة المواطن على شراء المواد الغذائية بظلّ الغلاء المعيشي».