بلبلة «إسرائيلية» وسط استعدادات المقاومة…
} نبيه عواضة
إذا ما وضعنا جانباً التصريح اليتيم لمسؤول رسمي «إسرائيلي» والمتمثل بتغريدة وزير المالية في حكومة العدو أفيغدور ليبرمان الذي قال عبر حسابه على موقع «تويتر» مساء الخميس الماضي: «إنّ أحداً لن يملي علينا ما إذا كنا سنستخرج الغاز من مياه إسرائيل أم لا». وأضاف ليبرمان «أنّ إسرائيل دولة ذات سيادة، وستواصل اتخاذ القرارات وفقاً لمصالحها فقط دون اعتبار للتهديدات».
هذا الكلام جاء بعد أقل من ساعة على ما انتهى إليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من تحذير للسفينة بأنّ ما تفعله يمثل «اعتداء على لبنان» وانّ المقاومة قادرة على منع «إسرائيل» من استخراج النفط والغاز من حقل كاريش الواقع في منطقة الحدود البحرية المتنازع عليها.
ردّ ليبرمان أكد أنّ قادة العدو كانوا ينتظرون ما سيقوله السيد نصرالله، وهو ما بدا واضحاً من سرعة تعليق ليبرمان، لكن ما نشره بالأمس موقع «واللا» العبري تحت عنوان «الجيش الإسرائيلي يستعدّ لردّ حزب الله على نشاط منصة كاريش»، يعطي انطباعاً بأنّ «إسرائيل» لم تقف عند حدود التعليق «الافتراضي» وانّ الخشية لدى العدو جدية مما يمكن للمقاومة ان تفعله.
حزب الله لا ينوي التزام الصمت بشأن تشغيل منصة «كاريش» في منطقة النزاع مع لبنان، هكذا بدأ التيقن «الإسرائيلي» وفق الموقع العبري قبل أن يتابع «أنّ الجيش الإسرائيلي استكمل استعداداته للردّ وهو في حالة تأهّب في منطقة العمليات»، وقد حذر مسؤولون عسكريون مشاركون في الخطة الأمنية لمنطقة المنصة من أنّ الحزب يعتزم الاحتجاج على القرار «الإسرائيلي» ببدء الحفر عن الغاز في المكان، وأوضحوا انهم «يستعدون للاستفزازات»، وللغاية وضعوا «سيناريوات مختلفة» كان الجيش يستعدّ للتعامل معها «من نيران الأسلحة الخفيفة في الهواء من أجل التخويف واقتراب سفينة بطريقة تهديدية إلى محاولة تخريب النشاط»، وتحقيقاً لهذه الغاية، كلف الجيش «الإسرائيلي» قوة لجمع المعلومات الاستخبارية المركزة، وتعزيز الطائرات بدون طيار في المنطقة، وآليات أمنية حول منطقة «كاريش»، من أجل التهيّؤ لما قد يحدث في المنطقة ومحاولة إحباطه أو الرد بسرعة.
لكن هذا لم يكن ليعمّر كثيراً إذ برزت الانتقادات تتصاعد داخل الجيش «الاسرائيلي» على الرغم من إعلان حالة تأهّب واسعة النطاق .
فقد أشار موقع «واللا» إلى أنّ نقاشاً حاداً يجري داخل الجيش حول مدى استعداد سلاح البحرية للسيناريوات الأمنية المحتملة. ونقل عن مسؤول عسكري «اسرائيلي» قوله إنه «دون الخوض في تفاصيل الخطة الأمنية للمنصة، فإنّ الجيش لم ينشر ما يكفي من القوات حول المنصة، وهي تقع على بعد 80 كيلومتراً من ساحل حيفا، هذا البعد هو أمر معقد ومعقد للغاية، ويتطلب تفكيراً عسكرياً ودبلوماسياً».
ويحث الجيش على الاستعداد لسيناريوات متطرفة من طائرة بدون طيار هجومية، ومحاولة توجيه خلية لهجوم مباشر إلى إصابة المنصة بصاروخ، المسؤول أوضح أنّ «مسافة المنصة وبعدها عن الشواطئ تجعل من المهمة صعبة للغاية، وانّ الأمر يستدعي حراسة مشدّدة ودائمة سواء من مغادرة السفن ذهاباً واياباً الى تحليق وهبوط مروحيات على المنصة»، في حين ان سفينة صواريخ تعمل بشكل متقطع إضافة الى وجود سفن من نوع دبورا في منطقة الأمن البحري، أما بالنسبة لسفن الحماية (ساعر 6)، والمصمّمة لحماية المنطقة المائية الاقتصادية لـ «دولة إسرائيل»، فقد أردف المسؤول العسكري يقول «انّ ساعر 6 لم تعمل بعد بشكل كامل كما هو مخطط لها ويلزم تركيب أنظمة مختلفة عليها».
وتوجّه موقع «واللا» بالسؤال الى المتحدث بإسم الجيش «الإسرائيلي» بشأن البلبلة وانتقاد نطاق الأمن/ الحراسة حول منصة كاريش، الا انّ المتحدث لم يكن متعاوناً وأحال الأمر لوزارة الطاقة، والتي بدورها عادت وأحالت الفريق الصحافي للموقع العبري إلى المتحدث بإسم الجيش والذي امتنع عن الردّ، وفضل انتظار وزير «الدفاع» بني غانتس خمسة أيام لإصدار بيان مشترك مع وزير الخارجية يائير لابيد ووزيرة الطاقة كارين الهرار.
وقالوا «إنّ منصة «كاريش» هي أحد الأصول الاستراتيجية لدولة إسرائيل»! وتطرق البيان ذاته إلى تهديدات لبنان من بينها كبار مسؤولي حزب الله أثناء محاولتهم تهدئة الأجواء، «إنّ المنصة لن تستخرج الغاز من الأراضي المتنازع عليها، وترى دولة إسرائيل أهمية قصوى في حماية أصولها الاستراتيجية، وهي مستعدة لحمايتها وأمن بنيتها التحتية».
إذن، التشتت سيد الموقف في «إسرائيل» من الناحية العسكرية ومن الناحية الأمنية وتقدير الموقف. ناهيك عن ان البيان الرسمي «ثلاثي الأبعاد» (الخارجية والحرب والطاقة) جاء ليعكس مشكلة داخلية وخارجية تضاف لأزمات الكيان…