الحوثيون يمتصّون الضربة الأولى بمواصلة التوسع براً ويسقطون طائرة حربية نصرالله للسعودية: فلسطين أحرى… ونفوذ إيران لأنكم كسالى… وستُهزمون
كتب المحرر السياسي
انتهت الساعات الثماني والأربعين التي تمنح عادة للجيوش النظامية المتفوّقة تقنياً، والتي تقرّر حرباً خاطفة، وتمتلك عنصر المبادرة، ليظهر حجم الإنجاز الذي حققته ومدى قدرته على تشكيل تحوّل في الموازين يمكن التأسيس عليه لحسم نتيجة الحرب. فالحصيلة في الحرب التي خاضتها السعودية متزعّمة عشر دول إقليمية وعربية، أن لا تغيير يُعتدّ به قد أحدثته الحرب. فلم ينجح الجيش السعودي في تحقيق ما حققه الجيش الأميركي في حربي العراق وأفغانستان، وحرب يوغوسلافيا من قبلهما، أو ما فعله الجيش «الإسرائيلي» في أيام كان يُحسب جيشاً متفوّقاً في حرب العام 1967. وبدت القيادة العسكرية السعودية، تلميذاً كسولاً للجيش الأميركي في كيفية شنّ الحروب، كما بدا أنّ بنك الأهداف المحدّد للضربات الجوية، لا يوفر شرط إحداث تغيير يُحسب له حساب، فوصف أحد قادة الثوار في صنعاء الوضع بقوله، تبدو الحرب على قناتي «العربية» و«الجزيرة» أشدّ ضراوة منها في الواقع.
مع نهاية اليوم الأول للعدوان السعودي، نجح الحوثيون بحشد شعبي لم تشهد صنعاء مثله حتى في ذروة تظاهرات الاحتجاج على الحكم السابق، وخرج قائد التيار الحوثي السيد عبد الملك الحوثي بخطاب الواثق والمستعدّ لكلّ الاحتمالات التي أبقاها مفتوحة. وكانت محافظات اليمن تشهد مواصلة لحالة التعبئة والتجنيد التي دعا إليها الحوثيون، وينضمّ الآلاف طلباً للقتال على الجبهات المواجهة للسعودية، ويتجهون نحو محافظة صعدة تحديداً، بينما تواصل الوحدات المكلفة بحسم جيوب مؤيدة للسعودية تقدّمها في شكل مضطرد في محافظات الجنوب، خصوصاً لحج والضالع ويافع وعدن وصولاً إلى شبوة التي بلغتها وحدات الجيش المؤيدة للحوثيين مساء أمس.
ثبت أنّ الغارات الجوية، لم تنجح في استنهاض تمرّد على الحوثيين، أو تغيير في موقف وحدات من الجيش، تغيّر الخريطة العسكرية، وبدأت الحرب تصير عداً بطيئاً للأيام والوقت يصبح روتينياً. ويحسب للسعوديين كلّ طالع شمس، بسؤال لا يملكون جواباً عليه وقد وضعوا هدفاً لهم اسمه، إنهاء التمرّد الحوثي وإعادة فرض سلطة الرئيس منصور هادي في اليمن.
منصور هادي يشبه الرئيس الأوكراني السابق الذي كان مؤيداً لموسكو، لكن الروس لم يشنوا لتثبيته حرباً على رغم الطلب الذي وجهه لهم من منفاه على أرض إحدى المزارع في جنوب روسيا، بعد هروبه من قصره الرئاسي. وقال الرئيس بوتين عنه أمام مؤتمر سفراء الاتحاد الروسي، لو كان قائداً يستحق ثقة شعبه لما فرّ واختبأ وبقي ضائعاً لأيام، وروسيا تفضل أن تدعم من يريدون حماية شعبهم من الأوكرانيين على التمسك بشرعية زائفة. وها هو منصور هادي يتسكع في فنادق شرم الشيخ بعد هروبه الثاني، من دون أن يجد في اليمن من يحمل بندقية ليقاتل لحسابه أو من يجده أهلاً ليبذل الدم لأجل بقائه رئيساً.
الثوار أعادوا توزيع قواتهم ونشر وحداتهم، وتموضع أسلحتهم كما أفادت قيادات ميدانية ليل أمس، لـ«البناء»، وأكدت نجاح وحدات الدفاع الجوي بإسقاط طائرة استطلاع صباحاً في صعدة، وطائرة حربية للائتلاف مساء فوق حي بني الحارث في شمال صنعاء وإلقاء القبض على طيارها السوداني.
على إيقاع الحدث اليمني، الذي يحبس الأنفاس في كلّ الملفات، تحدّث الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله مفنّداً الموقف السعودي، مجدّداً التمسك بالحوار على رغم الخلاف مع تيار المستقبل، متسائلاً عن سرّ الحزم العربي هنا والتراخي هناك، ولا نسمة انتظرناها من حزمكم وصلتنا في حرب تموز، و«هناك» تستصرخكم ولها اسم وهو فلسطين، وتناول بالتفصيل شرح الاتهامات السعودية لما يسمونه بالنفوذ الإيراني، فشرح الفرق بين سلوك الحكومات العربية وإيران، سواء في الاهتمام بفلسطين التي أهملوها وتخلوا عنها، أو في معاملة المقاومين وأصحاب الحقوق كحلفاء وأصدقاء ودعمهم بلا مقابل، مقابل إصرار الحكام العرب على اختيار من يرتضي العمالة والتبعية وتلقي الأوامر، قائلاً: «أنتم كسالى وتنابل»، وعرض نصرالله لمعادلات الحرب وظروفها، حاسماً ثقته بنصر الشعب اليمني، موجهاً اللوم والعتب إلى رئيس السلطة الفلسطينية لموقفه من هذه الحرب، مفضلاً له الذهاب إلى بيته.
الرئيس سعد الحريري ردّ فوراً على كلام السيّد نصرالله، فوصفه بعاصفة الكراهية ضدّ السعودية ودول الخليج، طالباً تسامح السعودية مع هذا الكلام الذي وصفه أنه لا يعبّر عن رأي اللبنانيين الذين يحفظون للسعودية مكرماتها وجميلها.
في الميدان اللبناني كان الجيش يعزز وحداته المتمركزة في الجرود، بينما يستعدّ الشارع لتحركات جديدة لهيئة التنسيق النقابية.لا تزال أجواء عدوان السعودية وحلفائها على اليمن تخيّم على الساحة اللبنانية على رغم عدم تأثيرها المباشر في العلاقات بين الأطراف وإن تباينت المواقف من العدوان. وفي مقابل تأييد تيار المستقبل القوي لما يسمى «عاصفة الحزم» العسكرية التي تقودها السعودية ضد اليمن، وجه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله انتقادات غير مسبوقة في نوعها وحدتها، مؤكداً أن العدوان سينتهي بهزيمة مذلّة.
وسأل السيد نصرالله في كلمة بثت عبر قناة «المنار» مساء أمس:
«ما الذي جرى حتى هبت عاصفة الحزم وبدأنا نشاهد إرادة عربية وحزماً عربياً، في حين أننا على مدى عقود وفلسطين وشعبها يكابد مصائب الكيان الصهيوني»؟
وأضاف: «كنا نحلم بهبة أو نسمة حزم عربية، سواء تجاه فلسطين أو تجاه اجتياح لبنان، أو في الحرب الأخيرة على غزة … ولهذا نتفاجأ ونتألم».
وتطرق إلى لغة الود التي تحدث بها «أنصار الله» تجاه السعودية متسائلاً عما الذي جرى كي يقال إنهم باتوا يهددون أمن باب المندب؟
وإذ تمنى وضع العصبيات المناطقية والحزبية جانباً لأن كل من يؤيد هذه الحرب هو شريك فيها»، وصف القول بأن اليمن بات محتلاً من إيران ويجب استعادته، بأنها «أكبر الأكاذيب». وسأل أين هم الإيرانيون في اليمن؟ وهل هناك جيوش إيرانية في اليمن؟ وهل هناك قواعد عسكرية في اليمن؟ قد يقولون إن هناك هيمنة إيرانية ولكن هذه نقطة تحتاج إلى نقاش».
وكشف أن «داعش هو آخر اختراعات السعودية بتمويل من بندر بن سلطان ، لكن السحر انقلب على الساحر وخرج داعش عن سيطرتكم كما فعلت القاعدة من قبل».
وتوجه السيد نصرالله إلى الشعوب العربية مؤكداً أن السبب الحقيقي للعدوان
«هو أن السعودية فشلت في اليمن وشعرت انه بات ملك شعبه وطنياً ولا يخضع لسيطرة أحد، لذلك كان التحرك السعودي ضد اليمن». كما أكد أنه «من أجل استعادة أمراء آل سعود سيطرتهم يريدون ذبح الشعبين السعودي واليمني». ودعا إلى وقف هذا العدوان واستعادة مبادرات الحل السياسي وهو أمر ممكن، وكذلك أن تراجع شعوب هذه الدول العربية المشاركة في العدوان ضميرها تجاه الشعب اليمني الفقير الطيب.
وأعرب عن مفاجأته من موقف السلطة الفلسطينية، وخاطب الرئيس محمود عباس «كيف تؤيد حرباً على شعب؟ هذا سيفقدك منطقك عندما ستشن إسرائيل حرباً عليك. وعليك أن تذهب إلى بيتك».
وأكد أن»من حق الشعب اليمني أن يدافع ويقاوم ويتصدى وهو يفعل ذلك وسينتصر لأن هذه هي سنن الله والتاريخ»، لافتاً إلى «مصير الجيش الأميركي والإسرائيلي في البلدان التي احتلوها»، وقال: «لا يزال أمام الحكام في السعودية فرصة كي لا تلحق بهم هزيمة وعليهم الذهاب إلى الحوار».
وخاطبهم قائلاً: «القصف الجوي لا يصنع نصراً»، مطالباً الشعوب العربية بوقفة ضمير أمام حكوماتهم ومنعها من المشاركة في العدوان على اليمن، كما دعا إلى مبادرة عربية وإسلامية لوقف العدوان على اليمن وإلا فمصير هذا العدوان الهزيمة».
وتمنى السيد نصرالله «ألا يؤدي هذا التطور في الخليج إلى التوتر في لبنان».
وتطرق إلى الشأن الداخلي، مشدداً على أننا «اخترنا الحوار لأنه من مصلحة البلد، وكان الهدف منع انهيار البلد وتخفيف الاحتقان المذهبي»، لافتاً إلى «وجود قوى سياسية داخل تيار المستقبل وخارجه تعمل على تخريب هذا الحوار، ومنها ما يدلي به البعض من شهادات في المحكمة الدولية».
وأكد انه «لا يعير هذه الأصوات أي أهمية، وأننا نحتمل كل هذه الاستفزازات»، داعياً «جمهور المقاومة إلى عدم الاهتمام بهذه الأصوات التي لا مكان لها إلا في الفتنة، ونحن لا نريد لهم تحقيق أهدافهم، وما علينا سوى الصبر».
وأكد «أن إيران لم ولن تتدخل في الانتخابات الرئاسية، وقد سبق لفرنسا أن تدخلت لدى إيران وكان الجواب هذا شأن لبناني»، معلناً أن «المسؤول عن التعطيل هو وضع السعودية فيتو على شخصية ذات ثقل على الساحة»، كاشفاً أن وزير الخارجية سعود الفيصل شخصياً يضع هذه الفيتو مميزاً موقف الرئيس سعد الحريري في هذا الشأن، مشيراً إلى أن الأخير لا يمانع من انتخاب هذه الشخصية ويقصد العماد ميشال عون.
الحريري يتسامح من السعودية ويهاجم نصرالله
جاء ردّ الحريري على خطاب السيد نصرالله سريعاً، ففي تغريدات له على «تويتر»، تقارب طلب السماح من السعودية، اعتبر الحريري أنّ خطاب السيد نصرالله كان بمثابة «عاصفة من الكراهيات ضدّ السعودية ودول الخليج رداً على عاصفة الحزم ضدّ التغلغل الإيراني في اليمن»، مؤكداً أنّ «عاصفة الكراهية لا تستحق سوى الإهمال، لأنها وليدة الغضب والإحباط والتوتر».
الجيش يضيق الخناق على إرهابيي الجرود
في غضون ذلك واصل الجيش اللبناني إجراءاته العسكرية للتضييق على حركة المسلحين في جرود عرسال ورأس بعلبك. وفي هذا الإطار نفذت وحدات من الجيش عملية عسكرية سريعة وخاطفة في منطقة جرود عرسال، تمكنت بنتيجتها من السيطرة التامة على بعض المواقع التي كانت تستخدمها التنظيمات الإرهابية بين الحين والآخر للتسلّل والاعتداء على مواقع الجيش.
وأكدت مصادر عسكرية لـ«البناء» «أن الجيش يتصرف وفقاً لمتطلبات المرحلة ضمن السياق الطبيعي للأمور، ويعمل على سد الثغرات في جهازه الدفاعي وتدعيمه وتحصينه في شكل يقطع الطريق فيه على أي محاولة من قبل الجماعات المسلحة لإحداث خرق أو تسلل وتحذوه في ذلك، القاعدة العسكرية القتالية الأساسية، لا سيما أن رفع مستوى الجاهزية وإظهار القوة تمنع المسلحين من المغامرة».
وتوقفت مصادر مطلعة عند عملية تسلل مجموعة مؤلفة من 7 أشخاص إلى الأراضي اللبنانية عبر معبر غير شرعي، مشيرة إلى أن «هذا التسلل يأتي بعدما لمس المسلحون أن الجيش في الجبهة التقليدية في رأس بعلبك وعرسال يتقدم باتجاه غير مناسب لهم، فحاولوا إيجاد محاور تسلل جديدة لهم تؤمن لهم المفاجأة والمباغتة باتجاه الأراضي اللبنانية، وقد ارتأوا أن المنطقة الممتدة من كامد اللوز إلى الصويري مناسبة لهم». وأكدت المصادر لـ«البناء»: «أن حظوظ نجاح عملية التسلل متدنية جداً، لأن جغرافية المنطقة لا تمكنهم من القيام بالعمليات الخاصة، على عكس الجيش اللبناني الذي يمكنه المناورة بسهولة أكثر من عرسال».
التيار يسلم القوات تعديلاته على النيات
سياسياً، سلم رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون رئيس جهاز الإعلام والتواصل في القوات اللبنانية ملحم رياشي تعديلات طفيفة على ورقة إعلان النيات بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر في اجتماع شارك فيه النائب إبراهيم كنعان واستمر لأكثر من ساعة.
ووقع كنعان ورياشي بالأحرف الأولى وفي حضور محامين من الطرفين اتفاقاً على إسقاط الدعاوى المتبادلة على أن تنتهي هذه العملية الأسبوع المقبل.
هيئة التنسيق إلى الشارع مجدداً
مطلبياً، تعود هيئة التنسيق النقابية إلى تحركها في الشارع الأسبوع المقبل. وأعلنت الهيئة في بيان، أنها التزمت خلال الفترة السابقة «وقف كلّ تحركاتها، حرصاً منها على عام دراسي مستقر وإفساحاً في المجال أمام المسؤولين لإقرار السلسلة من دون ضغوطات الهيئة، وقد التقت لهذه الغاية الرئيسين نبيه بري وتمام وسلام، وتلقت وعوداً بإعادة طرح مشروع سلسلة الرتب والرواتب من جديد، إلا أنّ الإيجابيات التي بادرت إليها الهيئة ولمستها عند الرئيسين بقيت منقوصة في اجتماع اللجان النيابية المشتركة لمرة واحدة من دون الوصول إلى أي نتيجة».
ودعت إلى إقفال المدارس الرسمية والخاصة والإدارات العامة بدءاً من الساعة الثانية عشرة من ظهر يوم الثلاثاء المقبل والمشاركة في الاعتصام عند الساعة الواحدة من بعد ظهر اليوم عينه أمام وزارة التربية والتعليم العالي في بيروت، وأمام المناطق التربوية في مراكز المحافظات والأقضية. كما دعا المجلس التنفيذي لنقابة المعلمين في لبنان مجالس المندوبين في بيروت والمحافظات للانعقاد يوم الاثنين المقبل في مراكز فروع النقابة «للتحضير لإنجاح الإعتصامات أمام وزارة التربية والمناطق التربوية في المحافظات وتأمين أكبر مشاركة من المعلمين».