أولى

«أربعون ربيعاً» على انطلاقتها والمقاومة تزداد قوة وشبابا

} حسن حردان

أربعة عقود مرّت على نشأة المقاومة الجديدة بقيادة حزب الله، مقاومة انطلقت من بين الركام والمجازر التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني خلال اجتياحه لبنان سنة 1982، مقاومة عربية استندت إلى عقيدة دينية أسلامية، أعطت للدين الإسلامي جوهره الحقيقي الثوري الجهادي، مسقطة بذلك إسلام أميركا والرجعية العربية، مقاومة استرشدت بتجارب الشعوب التي قاومت الاستعمار وانتصرت عليه، وتلوّنت بلون بيئتها اللبنانية، ولهذا شكلت نشأة هذه المقاومة نقلة نوعية في نضال المقاومة العربية ضدّ الاحتلال الصهيوني، استفادت من تجاربها الناجحة والفاشلة في آن، ولهذا نجحت في شقّ طريق جديد بسِمات جديدة وبقيادة ثورية تعلّمت كيف تنهل من العلم والتجارب الثورية وحروب العصابات ضدّ المحتلين والمستعمرين، وتضيف إليها نهكتها الخاصة والتطور الحاصل في علم الثورات الشعبية المسلحة…

لذلك فإنّ هذه المقاومة لم تضعف بل تكلل نضالها الطويل والشاق في مواجهة أشرس احتلال وعدو يتميّز بممارسة كلّ أنواع الإرهاب والمجازر والعدوان والتوحش والعداء لكلّ ما هو إنساني… تكلل نضالها بتحقيق الانتصار تلو الانتصار ودحر جيش الاحتلال عام 2000 عن معظم الأراضي اللبنانية في الجنوب والبقاع الغربي من دون قيد ولا شرط للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي ـ الصهيوني، وكذلك تحقيق الانتصار في مواجهة العدوان الصهيوني في تموز من العام 2006 وإلحاق الهزيمة التاريخية والاستراتيجية بجيش الاحتلال.. ومن ثم الانتصار على قوى الإرهاب وتحرير الجرود اللبنانية…

انّ مثل هذه المقاومة لا تعرف الشيخوخة بل تزداد شباباً، فهي كشجرة الحياة تتجدّد باستمرار بالدماء الجديدة التي تدخل إليها من أجيال الشباب الذين وجدوا في هذه المقاومة مشروعاً ثورياً رائداً يعبّر عن تطلعاتهم في التحرر والتحرير، مشروعاً نجح في إسقاط مفاهيم الاستسلام والانهزام وكرّس بديلاً منها مفاهيم الانتصار والثبات والعزة والكرامة… فباتت مقاومة صنعت الانتصارات وأسّست لعصر جديد أنهت معه عصر الهزائم، مقاومة تجمع بين خبرة رجالها الأوائل والأجيال الجديدة الشابة التي تربّت وتعلّمت من هذه الخبرة وأضافت إليها روحها الثورية وعلمها، فأضحت العقود الأربعة «أربعين ربيعاً»…

انّ مقاومة بهذه الصفات والسمات، وبهذه الروح الثورية، والأهمّ بهذه القيادة التي تمتلك الرؤية الثورية الواضحة وبعد النظر والجرأة والشجاعة على مواجهة العدو الصهيوني ومن ورائه إدارة الشر والعدوان في العالم الإدارة الأميركية، انّ مقاومة من هذا النوع لا تشيخ ولا تضعف بل تزداد شباباً وقوة وعزماً على مواصلة النضال الشعبي والمسلح حتى تحرير كامل الأرض المحتلة واستعادة الحقوق السليبة، وحماية السيادة الوطنية من العدوانية والأطماع الصهيونية…

إنّ من أهمّ النعم التي بات ينعم بها لبنان هذه الأيام وجود هذه المقاومة التي تؤمّن له الحماية والأمان والاستقرار وتردع العدو الصهيوني وتشلّ قدرته على تنفيذ اعتداءاته، وتقف له بالمرصاد إذا ما تطاول على سيادة لبنان وثرواته في البحر والبر.

ولهذا لا يجب أن نستغرب لماذا يقلق العدو الصهيوني من وجود هذه المقاومة ومن تطوّر قدراتها الردعية وخبراتها القتالية، فهو يخاف منها على مستقبل وجوده الاحتلالي في فلسطين المحتلة، ويخاف منها لأنها تبقى الشاهد الدائم على هزيمة قوته الأسطورية، الأمر الذي يدفعه إلى زيادة التنسيق مع الإدارة الأميركية لتصعيد حروبها الناعمة لشيطنة المقاومة ومحاولة النيل من صورتها الناصعة وسمعتها الطيبة، وبالتالي العمل على محاولة محاصرتها وعزلها شعبياً، وصولاً إلى نزع سلاحها وتصفيتها.. لكن مقاومة تملك كلّ هذا الإرث الثوري المستمدّ من كفاحها وتضحياتها وانتصاراتها والتأييد الشعبي الواسع النطاق (الذي أكدته نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة) كان من الطبيعي أن تنجح في إسقاط أهداف الحروب الناعمة الأميركية، وتبرهن من جديد بأنها أقوى وأصلب من كلّ مؤامرات الأعداء وأدواتهم الرجعية المحلية والإقليمية.

فتحية كلّ التحية للمقاومة قيادة وكوادر في عيدها الأربعين، لتبقى المقاومة الربيع الحقيقي للبنان والأمة جمعاء…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى