الانتخابات الرئاسيّة في موعدها
يكاد يكون النص السائد حول الانتخابات الرئاسية، تسليماً بالفراغ الرئاسيّ أسوة بما حصل بعد انتهاء ولايتي كل من الرئيسين اميل لحود وميشال سليمان، وتنطلق المخاوف الرائجة من عدم حصول الانتخابات الرئاسية في المهلة الدستورية، خلال الشهرين الأخيرين من ولاية الرئيس الحالي العماد ميشال عون، من اعتبار صعوبة الاتفاق على اسم مرشح توافقي سبباً كافياً للتسليم بوقوع الفراغ.
بالعودة إلى الفراغ الرئاسي الواقع بعد ولايتي الرئيسين لحود وسليمان، لا يمكن القول إن عدم التوافق كان سبباً كافياً لوقوع الفراغ، فقد انتهت ولاية الرئيس لحود بينما رئيس مجلس النواب نبيه بري يرفض دعوة مجلس النواب للانعقاد بسبب الخلاف على بقاء حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، قبل نهاية الولاية واستمرّ بعد نهايتها، حتى تمت تسوية الدوحة، التي انتخب بموجبها الرئيس سليمان، وعند نهاية ولايته كان حزب الله قد أعلن دعمه ترشيح العماد ميشال عون ورفع الأمر الى مستوى القضية الوطنية التي تستحق بفعل موقع العماد عون وتاريخه وحجم زعامته، تحمل مسؤولية تعطيل النصاب بالتعاون مع عدد كافٍ من النواب الحلفاء.
هذه المرّة سيكون رئيس مجلس النواب، خصوصاً مع مجلس منتخب حديثاً، وربما خشيته من مفاجأة تمديد أمر واقع للرئيس ميشال عون بفعل عدم انتخاب رئيس جديد، حريصاً على الدعوة لجلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية مع بدء المهلة الدستورية، وتكرار الدعوة حتى يتمّ الانتخاب، وبالتوازي لا تبدو أية كتلة نيابية سواء حزب الله أو خصومه، في وضعيّة تتيح المجاهرة بتعطيل النصاب، ولا هناك زعامة بحجم العماد عون يمكن لترشيحها أن يوفر الغطاء لتعطيل النصاب، لذلك سيحرص الجميع على تظهير حرصه على المشاركة في الجلسات المخصّصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
الوضع الدولي والإقليمي القلق من انهيار الوضع في لبنان، والذي يربط المساعدة للخروج من الأزمة بانتظام المؤسسات والاستحقاقات الدستورية سيحرص أيضاً على التشجيع على إجراء الانتخابات الرئاسية ضمن المهلة الدستورية.
لذلك سنشهد نشاطاً سياسياً داخلياً وخارجياً على خط التسميات والترشيحات بمجرد أن ينجلي غبار تسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، بمعزل عن نجاحه في تأليف حكومة جديدة أم لا، للبدء ببلورة الخيارات الرئاسية انطلاقاً من إدراك جدية الاستحقاق في موعده، كما كان الحال مع الانتخابات النيابية التي قال الكثيرون إنها لن تتم في موعدها، لكنها تمّت.