أخيرة

أفعى

لطالما تساءلت عن العلّة خلف رفض مجموعة من الأطفال، أو لنقل جلّهم، ثمانية من عشرة، لاقتناء الأفعى كحيوان بيتي، ولقد اخترت الأطفال لأنهم يمثّلون الفطرة المتدفقة بدون تعقيدات عقلية أو غيرها، الفطرة العارية بلا مداورة…؟

الأفعى نوعان، السامة، والقابضة، رفض السامة كان مطلقاً وبدون استثناء، أما القابضة فكان الرفض بالأغلبية الساحقة. تستطيع أفعى الباثون أو البوا أو الأناكوندا أن تبتلع في وجبة واحدة ما يوازي ثلث وزنها، بمعنى آخر، تستطيع أفعىً وزنها مئتي كيلوغرام ان تبتلع الى جوفها في وجبة واحدة ستون كيلوغراماً، خروف كبير أو عجل صغير، لهذه الدرجة قوة الجذب المركزي في مركز هذا الحيوان الشيطاني…

ألا يذكرنا هذا بالثقوب السوداء، ثم ألا يذكرنا أيضاً بإنسان يشاطرنا صفة الإنسانية ويعيش معنا على ظهر هذا الكوكب وبين ظهرانينا، المخلوق الأنجلوساكسوني الأبيض، 5% من سكان الأرض، ويستحوذ على 70% من خيراتها، و 35% من اليابسة، ويتفنن في تكنولوجيا القتل الفردي ثم الجماعي حتى لا ينازعه أحد في رغبته في المراكمة والاكتناز!

ستستمرّ محاولات الجنوب المنهوب التدفق شمالاً في محاولة لا إرادية نحو تعديل هذا الخلل الفادح، البارحة 42 إنساناً جلّهم من النساء والأطفال حاولوا الانبعاث شمالاً من المكسيك الى أمّ المراكمة أميركا، وُجدوا موتى في إحدى الشاحنات بسبب الحرارة الفائقة وانعدام الماء، وسيستمرّ تدفق الجنوب من أفريقيا الى أوروبا المكتنزة، سيغرق من يغرق، وسيحط على شواطئ أوروبا من يحطّ، ولن تتوقف الطبيعة عن محاولة إعادة التوازن، لأنّ الكون توازن وعدالة، وحينما ينتفي ذلك يترتب الانهيار الجذبي للمادة، الموت الزؤام.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى