لماذا دعمت واشنطن خيار الحرب على اليمن؟
حميدي العبدالله
ما كان للسعودية وشركائها في العدوان على اليمن أن يشنوا هجومهم الغاشم على هذا البلد الذي كان على مرّ التاريخ عصياً على الغزوات الخارجية لو لم تشجع الولايات المتحدة على ذلك، وتعطي الضوء الأخضر للقيام بهذا العدوان. فما هي الحسابات التي دفعت الولايات المتحدة إلى تأييد هذه المغامرة العسكرية رغم علمها في ضوء تجاربها أنها سترتدّ على منفذيها، آجلاً أم آجلاً؟
هناك أربعة عوامل دفعت واشنطن إلى تشجيع ودعم هذه المغامرة العسكرية:
العامل الأول، قلق الولايات المتحدة والحكومات الغربية من سقوط مضيق باب المندب، بيد حكومة مستقلة حليفة لإيران، وهذا المضيق يشكل ممراً حيوياً للتجارة الدولية، حيث تعبر منه حوالي 38 في المئة من التجارة العالمية، وتنقل عبره حاملات النفط حوالي 4 ملايين برميل يومياً، وهو الممرّ الضروري لتحركات الأساطيل البحرية بين المحيط الهادي والمحيط الأطلسي، عبر البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، ناهيك عن أنّ اليمن له حدود طويلة مع أكبر دولة منتجة للنفط ومؤثرة في تحديد أسعاره، أيّ المملكة العربية السعودية.
العامل الثاني، توفير غطاء إعلامي وسياسي كثيف لتمرير الاتفاق النووي بين إيران والحكومات الغربية، لأنه من المعروف أنّ احتمال التوصل إلى هذا الاتفاق جوبِهَ بمعارضة من السعودية والعدو الصهيوني، ومن تيارات داخل الولايات المتحدة، ومن شأن حرب بحجم الحرب على اليمن أن تحتلّ مرتبة متقدمة على الاهتمام بتوقيع اتفاق حول النووي الإيراني، وهذا يسهّل على الحكومات الغربية، وتحديداً الإدارة الأميركية، تمرير هذا الاتفاق، ولعلّ تصويت مجلس الشيوخ الأميركي بالإجماع على قرار يؤكد الموافقة على الاتفاق يمثل الثمرة الأولى لهذا العدوان.
العامل الثالث، احتواء مزايدات المملكة العربية السعودية على السياسة الأميركية، سواء في الشأنين السوري والعراقي، أو الملف النووي الإيراني، إذ أنه بعد هذا العدوان باتت السعودية بحاجة ماسة إلى الدعم الأميركي، ولم يعد هناك ما يؤهّلها لتوجيه أيّ انتقاد للسياسة الأميركية أو مشاغبة عليها في أيّ قضية، لأنّ تخلي الولايات المتحدة عن السعودية، أو تخفيف الدعم المقدم لها، يلحق بها هزائم عسكرية وسياسية لا تتحمّل تداعياتها جراء عدوانها، ومغامرتها العسكرية في اليمن.
العامل الرابع، مقايضة واشنطن الموافقة على دعم خيار تحرير تكريت وتقديم الإسناد الجوي إلى الجيش العراقي، وضرب عمق تكريت والدخول إليها، بالعدوان على اليمن.
هذه هي الحسابات التي دفعت واشنطن إلى الموافقة على شنّ المغامرة العسكرية ضدّ اليمن، وهي جميعها حسابات تصبّ في المصلحة الأميركية دون أيّ مصلحة أخرى، ناهيك عن أنّ الحرب وما تقود إليه من استنزاف للقدرات العسكرية السعودية وحلفائها، سيجري تعويضها من الصناعات الحربية الأميركية وبتمويل من عائدات النفط السعودي والخليجي، وهذا من شأنه أن ينعش الصناعات العسكرية في الولايات المتحدة، وينعكس ذلك إيجاباً على مجمل الاقتصاد الأميركي.