ملتقى الفنانين التشكيليّين في قصر الأونيسكو بعنوان «بيروت تجمعنا» المرتضى: أحوج ما نحتاج إليه في هذه الظروف هو الإحساس بروح الجماعة
أقيم في قصر الأونيسكو وبدعوة من مركز لبنان للعمل التطوعيّ معرض ملتقى الفنانين التشكيليين الأول وذلك برعاية وزير الثقافة محمد وسام المرتضى ممثلاً بالمحامي سليمان علوش.
المعرض الذي حمل عنوان “بيروت تجمعنا” شارك 78 رساماً تشكيلياً من مختلف الدول وهي: الأردن، تونس، روسيا، السودان، سورية، العراق، فرنسا، فلسطين، مصر، المغرب، بالإضافة إلى البلد المضيف لبنان، وحضر الافتتاح ممثلون عن الإعلام والمهتمين بالعمل الثقافي في عالمنا العربيّ.
وقال علوش في كلمته: “كلفني معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى فشرفني أن انقل إليكم خالص تحاياه، كما كلفني أن القي هذه الكلمة بالنيابة عنه. يقول الأمام علي: العطاء ما كان ابتداء وأما ما كان عن مسألة فحياء وتذمّم. ويبدو أن جبران خليل جبران تأثر بهذا القول فقال في كتابه النبي: حسنا أن تعطوا إذا شئتم، والأحسن أن تعطوا بوحي من أنفسكم فتعطوا من غير أن تسألوا”.
وتابع: «فأحسن العطاء وأنبله هو العطاء الذي يندفع فيه الإنسان للبذل من تلقاء نفسه لا يريد من ورائه جزاء ولا شكورا.. العطاء التطوعيّ الذي يتطلع فيه الفرد الى إغناء المجتمع والمساهمة في إسعاد الآخرين ويسعى من خلاله لترك بصمة قد تحثّ الآخرين على أن يسلكوا سبيله وتلك هي علامة النجاح الأولى في أي عمل تطوعيّ عندما تكون الحافزية فيه على هذا المستوى الذي تتسابق فيه الأيادي لخدمة الآخرين ورفع مستوى أهلهم وناسهم وبلدهم.. وكم نحن بحاجة لذلك في بلدنا وفي هذه المراحل بالذات التي يشعر فيها الناس بأنهم بأمسّ الحاجة لمن يساعدهم ويقف بجنبهم ويضيف لمسة حانية الى واقعهم ، وليس بالضرورة أن تكون لمسة مادية أو مالية.. فلمسةُ الكلمة لها وقعها ولمسة الفن لها تردداتها وآثارها وليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.»..
وأضاف: “إن أحوج ما نحتاج اليه في هذه الظروف هو الإحساس بروح الجماعة ولن يكون لهذا الإحساس أثره الا من خلال الشعور بعمق المسؤولية التي يشعر فيها الفرد بأنه جزء من الآخرين وأن استمرارية الحياة تكون من خلال هذا التفاعل معهم وأن الإنسان للإنسان كالبنيان يشد بعضه بعضاً وان الإنسان للإنسان يتحسس آلامه وجراحاته ومعاناته وعذاباته مما يدفعه بفعل ثقافة التطوّع هذه الى تبني صفة الإيثار التي نادراً ما نجدها في مواسم الشح وأوقات العصبيات. فصفة الإيثار ترتقي الى حدود الملائكية وهي التي تبني الكيانات الجبارة التي تنهض بالأوطان وترفعها من تحت ركام الخوف والقلق والجهل والفقر.. ولذلك فإن بنيانكم التطوعيّ هذا هو أُسُ الخير والقاعدة التي سنشيدُ عليها صرح الأجيال”.
وأردف: «إن بيروت تجمعنا وكيف لا تجمعنا عاصمة الحرف.. وبيروت تأخذ بنا الى اللحمة وكيف لا يكون ذلك وهي أمنا الحانية علماً وثقافة وفناً.. وبيروت توحدنا وتشد أزرنا وتضمنا الى صدرها «كأغمار حنطة» تماماً كالمحبة الحانية التي تغنى بها جبران خليل جبران في كتابه «النبي».. وما أروع هذه الوحدة تحت خيمة بيروت وتحت ظلال الفن .. إن أروع ما في هذا الفن أنه» يتشكل» في هذا الجمع المتنوع الذي يعيش هم الوطن والذي تمثل بيروت خيمته الوارفة ويمثل الوطن الجامع مظلته ومظنته كما يمثل تطلعه الى جمع أجزاء الوطن المتناثرة والسير بها نحو الحياة والى القمة».
وختم علوش: «لذلك أقول لكم إن هذا الاندفاع الفني الذي يمثل فنكم التشكيلي عنواناً له هو المبادرة الحقيقية التي نتطلع أن تنضم اليها مبادرات أخرى في عملية تكافل فني يضيء على تكافل إنساني وتكاتف مجتمعي يعيدُ الينا شيئاً من البسمة في زمن النحيب ويُذكرنا بمواسم الفرح التي كانت تُبدعها بيروت فتمشي في ركابها عواصم العرب وتسير في قوافلها عواصم الدنيا.. وإنني في الوقت الذي أحيي فيكم هذه الروح التي تسمو بالفن وترتقي بالوحدة أشعر بأنكم تقرعون جرس البداية للانطلاق في مضمار الخير، هنيئاً لكم فنانين متطوعين متضامنين متآلفين.. وهنيئا للبنان بكم.. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون».
الى كلمة الدكتور محمد علي الجنون، رئيس مركز لبنان للعمل التطوعيّ، رئيس الملتقى. حيث شكر السيد وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى على رعايته، وأشاد بنشاطه وعزمه اللافت لدعم الأنشطة والملتقيات الثقافية في لبنان، ومد جسور التواصل مع الخارج، وأثنى على جهود لجنة الثقافة لدى المركز، مرحباً بالحضور الكريم، شاكراً الفنانين التشكيليين المشاركين في الملتقيات المنظمة من قبل المركز، قائلاً إن نجاح الملتقى هو نجاح مشترك خصوصاً بوجود قامات فنية مرهفة الإحساس كالفنانين المشاركين. واعداً بالمزيد من البرامج والملتقيات الهادفة إلى إعادة الحياة لست الدنيا بيروت ولبلد الأرز لبنان.
تلته كلمة للدكتور نزار ضاهر، نقيب الفنانين التشكيليين في لبنان، حيث شكر القيمين على الملتقى، وراعي الحفل، والفنانين التشكيليين في لبنان، وألقى تعابير فخر واعتزاز بالأعمال الفنية وبالمبادرات الفردية بإقامة المعارض التشكيلية.
ثم كلمة تعريفية عن لجنة الثقافة لدى مركز لبنان للعمل التطوعي، من مستشارها الفنان برنارد رنو، تحدّث عن الصعوبات والمعوقات التي واجهتها اللجنة، وعن تخطيها هذه الأمور حتى الوصول إلى تنفيذها بمستوى يحتذى به. هذا بتصميم من إدارة المركز، إلى وصولنا اليوم لعقد ملتقى الفنانين العرب الأول، بهذا المستوى المشرف.
ثم قدم الدكتور محمد علي الجنون الدروع لكل من راعي الحفل، ونقيب الفنانين التشكيليين في لبنان، وللشخصية المكرمة الفنان الدولي الراحل البروفسور أسعد رنو، وتسلمت الدرع أسرة الراحل ممثلة بنجله القنصل العام لدولة لاتفيا الأستاذ جيرار رنو، بدوره قدم الأخير للدكتور الجنون شهادة شكر وتقدير للفتته الكريمة بتكريم والده. كما قدّم الفنان خالد الخباز لوحة بورتريه لشخص الدكتور الجنون للجهود الجبارة التي يقدّمها لإحياء الفن التشكيلي في لبنان والعالم.
وبمبادرة لافتة قدم رئيس الملتقى دروعاً تكريمية لكل من أعضاء لجنة الثقافة لدى المركز وهم الفنان برنارد رنو، الفنانة مروه مصري، والفنان خالد الخباز. بالإضافة إلى الأستاذ خالد الشيخ.
ثم افتتح معرض اللوحات في القاعة الجانبية بحضور الجميع وقدّمت شهادات الشكر والتقدير للفنانين المشاركين، في جو ساده رقي الألوان، ورفعة التعابير، وقيمة الحضور.