استكمال بناء الكتلة التاريخية للأمّة لتحقيق الحرية والوحدة وتحرير الأراضي المحتلة
أعلن المؤتمر القومي الإسلامي استمرار العمل على بناء الكتلة التاريخية للأمّة، «لاستكمال تحقيق أهداف الأمة العربية في الحرية والوحدة والكرامة والعدالة الاجتماعية وتحرير فلسطين وباقي الأراضي العربية المحتلة»، مؤكداً أولوية قضية فلسطين باعتبارها القضية المركزية للأمّة وبوصلة نضالاتها، كما أكد التمسك بخيار المقاومة ودعمها باعتبارها حقاً مشروعاً وواجباً وطنياً وقومياً ودينياً وخياراً استراتيجياً قادراً على تحقيق الانتصارات.
جاء ذلك في البيان الختامي للمؤتمر الذي انعقد في بيروت يومي السبت والأحد الماضيين بحضور عدد كبير من شخصيات وقادة التيارين القومي والإسلامي.
وسجّل الحاضرون «الأجواء الإيجابية التي سادت المؤتمر والتي كانت في جوهرها متطلعة لتجاوز مآزق الأمّة المختلفة، مستشعرين أهمية النقد الذاتي والمقاربة الموضوعية للقضايا المختلف بصددها والعمل على توسيع دائرة المشترك ومداخله، قضايا كثيرة ومتنوعة تبتدئ بالتصدي لمحاولات الالتفاف على أولوية تحرير فلسطين وكافة الأراضي العربية المحتلة، ومواجهة المشروع الصهيوني والتدخل الخارجي بما في ذلك القواعد العسكرية الأجنبية، والعمل على الانخراط في مسيرة تجسيد معالم المشروع النهضوي العربي القائم على الوحدة والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان والاستقلال الوطني والقومي والتنمية المستقلة والتجدد الحضاري».
وأشار البيان إلى تأكيد الحاضرين»أهمية مبادئ الحوار والتواصل والتكامل والتشارك والتوافق والتداول السلمي على السلطة، والتعاون بين الجميع والإنطلاق من المشتركات والعمل على توسيعها وتحديد الأولويات وترتيبها. مع الدعوة لمواجهة المشاكل والقضايا العالقة في أكثر من بلد بالحوار والحلول السلمية بين أبناء الوطن الواحد بعيداً من الإقصاء والعنف والتدخل العسكري».
وأكد المؤتمر «استمرار العمل على بناء الكتلة التاريخية للأمّة، وهي الكتلة التي يشكل التياران نواتها الصلبة، لاستكمال تحقيق أهداف الأمة العربية في الحرية والوحدة والكرامة والعدالة الاجتماعية وتحرير فلسطين وباقي الأراضي العربية المحتلة، مشرقاً ومغرباً».
كما أكد «أولوية قضية فلسطين باعتبارها القضية المركزية للأمّة وبوصلة نضالاتها»، مشدداً على «العمل على تكامل الجهود بما يخدم مشروع التحرير، مع تجاوز التناقضات الصغيرة والتفرغ لمواجهة التناقض الأكبر مع المشروع العنصري الصهيوني».
ودعا الأمة «إلى الدفاع عن القدس وحماية مقدساتها الإسلامية والمسيحية، ومواجهة خطر التهويد، والعمل على الإفراج عن كل الأسرى والمعتقلين في السجون الصهيونية، مشدداً على «ضرورة الرفع الفوري للحصار الظالم على أهلنا في قطاع غزّة والتسريع بالإعمار».
وشدد المؤتمر على «ضرورة مواجهة التطبيع، بأشكاله كافة، مع كيان الاحتلال الصهيوني»، مؤكداً في الوقت عينه، «خيار المقاومة ودعمها، مقاومة الاحتلال الصهيوني ومقاومة التدخل العسكري الأجنبي، باعتبارها حقاً مشروعاً وواجباً وطنياً وقومياً ودينياً وخياراً استراتيجياً قادراً على تحقيق الانتصارات … في مقابل فشل خيار التسوية الذي كان مدخلاً لاستشراء الاستيطان والتهويد، كما للإذلال وضياع الحقوق».
وفي «مواجهة مخاطر التفتيت والتجزئة الطائفية والمذهبية التي يسعى أعداء الأمّة إلى إذكائها وتكريسها كتناقضات استراتيجية بين أطراف الأمّة الواحدة»، أكد المؤتمر «ضرورة التكامل العربي والإسلامي الذي يحصن أمّتنا وقضاياها، ويحمي تنوعها الخلاق ويضمن كرامة الجميع على أساس من المواطنة والاحترام المتبادل».
وأكد «العمل على بناء أسس متينة للعلاقة بين الوطن العربي ودوائر جواره الحضاري الإيراني والتركي والأفريقي بحكم الانتماء إلى الدائرة الحضارية نفسها».
وإذ اعتبر المؤتمرون «أن الاختلاف والتعدد سمة جوهرية من سمات أمّتنا، ما يجعل من التطابق في الأفكار والرؤى عملية متعذرة التحقيق سواء داخل التيار الواحد قومياً عربياً كان أو إسلامياً أو بين التيارين»، رأوا ان المطلوب «تأكيد مدخل الفهم المشترك للقضايا والإنطلاق مما هو متفق عليه وتوسيع دائرته، مع التحلي بأخلاق الحوار».
وأعلن البيان انتخاب خالد السفياني المغرب بالإجماع منسقاً عاماً للمؤتمر. كما تمّ انتخاب لجنة متابعة من ستة وعشرين عضواً من مختلف الأقطار العربية.
وأوكل المؤتمر إلى المنسق العام ولجنة المتابعة المنتخبين وضع آلية لإنجاز مهمات المؤتمر في المرحلة المقبلة.
كلمة صالح
وكان الأمين العام لمؤتمر الأحزاب العربية عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي قاسم صالح ألقى كلمة استهلّها بشكر «منسق عام المؤتمر القومي ـ الإسلامي الأخ والصديق منير شفيق لدعوتي إلى المشاركة باسم المؤتمر العام للأحزاب العربية في افتتاح الدورة التاسعة للمؤتمر التي تعقد في رحاب بيروت عاصمة المقاومة والانتصار، في ظل تطورات وتحديات مصيرية تواجه أمتنا».
وقال: «لقد تمكن مؤتمركم منذ تأسيسه أن يشكّل إطاراً جامعاً لمجمل تيارات الأمة القومية الإسلامية، وأن يرسّخ مفهوم التعاون والتنسيق بين هذه الاتجاهات، رغم تفشّي النعرات والعصبيات الطائفية والمذهبية، والعرقية والجهوية التي تعمل على تقسيم وتفتيت كيانات الأمة، استجابة لمشاريع الغرب وتنفيذاً لها، والتي تستهدف في المحصلة إنتاج سايكس بيكو جديدة، تحقق حلم أعداء الأمة لفرض مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يفضي إلى قيام كانتونات هجينة، مستلبة الإدارة، فاقدة القدرة والقوة. فيسود حينها العدو الصهيوني ويتحقق مشروع الهيمنة الغربية على الأمة وثرواتها».
وأضاف: «لقد سعى مؤتمركم كما المؤتمرات الأخرى إلى مواجهة مشاريع التبعية أيضاً التي عملت لها العديد من القوى المرتبطة بالخارج عبر استجداء التدخّل من الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها بشن عمليات عسكرية ضد دول المنطقة وشعوبها بهدف فرض معادلات جديدة، توهن جسم الأمة، وتحافظ على أمن الكيان الصهيوني وتفوقه».
وتابع صالح «إن ما تتعرض له سورية من حرب كونية تستهدفها منذ أربعة أعوام ولا تزال وما يتعرض له اليمن اليوم من عدوان خارجي يستهدف تدمير جيشه وإركاع شعبه، وما تعيشه ليبيا من صراع دموي داخلي، وما عصف بالسودان من حروب أهلية وتقسيمه إلى شمال وجنوب كما يواجه شعب البحرين للقمع والتنكيل وما يشتهده لبنان وتونس ومصر من عمليات إرهابية. وما يتعرض له العراق مؤخراً من احتلال الأجزاء من أراضيه على يد تنظيم «داعش» والعصابات التكفيرية. وما تتعرض له القضية الفلسطينية من مؤامرات تستهدف تصفيتها وإسقاطها، كل ذلك يضعنا أمام تحدٍ مصيري يوجب علينا تحديد رؤية مستقبلية تعيّن الأولويات التي يمكنها أن تشكل نقاط التقاء جامعة لتوحيد الجهود والقوى لتتمكن من مواجهة هذه المخاطر ورفع راية مصلحة الأمة على ما عداها من مصالح فئوية.
فالأرض تهيد من تحتنا، لذا فإن علينا تجاوز المسائل الخلافية والإنقسامية، عبر حوار معمّق ومسؤول، يؤدي إلى تغليب المشترك والخروج من دائرة الاصطفافات الفئوية».
وأوضح أن من أهم العناوين المشتركة:
أولاً: المقاومة التي شكلت منذ انطلاقتها أملاً لقوى التحرّر في الأمة ومحوراً أساسياً يدور في فلكه المجاهدون والمناضلون في أرجاء المعمورة. وما حققته من انتصارات في العراق ولبنان وفلسطين جعلها قبلة الأنظار وتجسيداً لعزة الأمة وفلاحها.
لذا فإن إعادة الاعتبار لخيار المقاومة هو من الأهداف الرئيسة التي يجب علينا جميعاً أن نضع إمكاناتنا للحفاظ عليها، ودعمها، وتعميم ثقافتها كونها الطريق الوحيد لاستعادة حقوق الأمة وكرامتها.
ثانياً: لقد بات واضحاً وجلياً، أن قوى الإرهاب والتطرّف الصهيونية والتكفيرية وجهان لعملة واحدة وتشكلان خطراً وجودياً يهدد استقرار الأمة وأمنها ومستقبل شعوبها. لذا فإن من واجب أحزابنا وقوانا العمل بجدية لتشكيل جبهة شعبية عربية ـ إسلامية لمكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف والتكفير ومخاطر التقسيم والتفتيت والفوضى وكذلك المشروع الصهيوني.
وإذ أكد صالح أن القضية الفلسطينية هي قضية تجمع ولا تفرق وهي القضية المركزية للأمة، طالب القوى والفصائل الفلسطينية «بمغادرة منطق الانقسام والتوجه إلى مزيد من الوحدة على قاعدة خيار المقاومة والانتفاضة»، كما طالب الأحزاب والقوى والهيئات «بأن تبقي فلسطين على رأس سلم أولوياتها، وإلى تفعيل هيئات مقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني وداعميه».
كما اعتبر «أن الديموقراطية والإصلاح والتنمية أهداف يجب العمل على تحقيقها، عبر إرادة الشعوب التي لها وحدها الحق في اختيار أنظمتها».
ورأى صالح انه «على رغم كل المصاعب التي نتعرض لها … ، وفي ظل المتغيرات وموازين القوى الدولي الجديدة، فإن محور المقاومة سوف ينتصر بفضل إرادة الشعوب وتضحياتها، والمشروع النهضوي العربي والإسلامي سوف يصل إلى مبتغاه ويحقق أهدافه».
وختم بالقول: «لقد تمكّنا طيلة السنوات الماضية من التعاون والتنسيق كمؤتمر قومي إسلامي ومؤتمر قومي عربي والمؤتمر العام للأحزاب العربية في إطار المؤتمر العربي العام وأقمنا سلسلة من النشاطات والفعاليات المشتركة»، آملاً «بأن يستمر هذا التعاون لما فيه مصلحة مؤتمراتنا وشعوبنا».