أولى

نابلس… جبل نار لا تنطفئ

 سماح مهدي

يبدو أنّ جيش عصابات الاحتلال مُصِرّ على اختبار جهوزية أبناء شعبنا المقاوم في سورية الجنوبية ـ فلسطين، لا سيما المرابطين منهم في مدينة نابلس. لكنه البارحة اختار أسوأ أوقاته ليقتحم حيّ الياسمينة في البلدة القديمة، وأقول أسوأ أوقاته لأنه جاء متطابقاً من الذكرى الثانية بعد المئة لوقفة العز القوميّة في ميسلون.

فلمن لا يعلم، أنّ أحد أسماء نابلس هي «دمشق الصغرى» التي أرادت الليلة الماضية أن تثبّت هذا الاسم بفعل المقاومة. فكمنت مجموعة من المجاهدين لفرقة العدو المقتحمة. ودار اشتباك استمر أربع ساعات بين أهل الحق كله من جهة وبين أهل الباطل كله من جهة أخرى.

انهال رصاص العز على المعتدين من كلّ حدب وصوب. استبسل المقاومون في الدفاع عن «جبل النار» حتى ارتقى منهم الشهيدان البطلان محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح.

اندحرت قوة الاحتلال المهاجمة دون أن تنال من نابلس التي انطلق أهلها كالسيل الجارف، يزفون الشهيدين البطلين في عرس عوّدنا شعبنا أن يقيمه لكلّ شهيد.

المشهد الأعظم كان عندما أُدخل جثمان كلّ شهيد إلى منزله لتلقي عليه أمه النظرة الأخيرة. هنا يكمن الاختبار الحقيقي، وتتجلى عظمة الإيمان. هنا توقفت عقارب الساعة، لأنّ الزمن لم يعد يتقدّم. فبدلاً من أن تُسمع أصوات النحيب والبكاء، ملأت الجو زغاريد النصر أطلقتها ماجدات فلسطين.

فمن ميسلون الشهيد يوسف العظمة والماجدة النقيب نازك العابد إلى نابلس الشهيدين محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح، التاريخ يعيد نفسه في الرابع والعشرين من شهر تموز الفداء، وإنْ كانت بين وقفتي العز مئة عام ازدادت اثنين.

نابلس الشهداء الرفيق حسين البنا وأدهم مبروك ومحمد الدخيل وأشرف مبسلط، هي جبل نارلا تنطفئ ولا تخبو، وفي الوقت ذاته تملأ الدنيا برائحة الياسمين الدمشقيّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*ناموس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى