الإعلام… سلاح وعي وثورة
عبد معروف
يتخذ الإعلام مكانة بارزة في حياة الشعوب وتطوّرها وتقدّمها، ولا يعرف أهمية الإعلام إلا أولئك النخب الواعية والمثقفة التي ما زالت أمينة على تاريخها وتاريخ شعبها ودم شهدائها.
ودور الإعلام لا يختلف عن دور المقاتل في جبهات القتال، ولا عن دور العمل التنظيمي والشعبي والطبي والخدمات المعيشية، ومثلما هو الطب والغذاء ضرورة والقتال ضرورة، أيضاً للإعلام ضرورة لا يتجاوزها إلا القطاعات المتخلفة والجاهلة من فئات معينة في صفوف الشعب والقوى السياسية.
كما أنّ اختيار العدو لاغتيال الشهداء الإعلاميين المفكرين: كمال ناصر وغسان كنفاني وماجد أبو شرار وغيرهم، ومحاولة اغتيال المفكر الدكتور أنيس صايغ وغيره كان ليؤكد أهمية دور الإعلام في مسار الثورة والدفاع عن القضية وحقوق الشعب، كما كان تماماً اغتيال القيادات السياسية والعسكرية الفلسطينية، لأنّ العدو يعلم دور هذه القيادات الفكرية والإعلامية ودور الإعلام وأهمية الكلمة والمجلات والنشرات التحليلية والتوثيقية في تكون رأي عام لنصرة الثورة وحقوق الشعب.
ولا تختلف أهمية ميدان عن ميدان آخر، فمن يقف في ميدان العمل الإعلامي المهني والوطني هو في ميدان العطاء وأبرز مكانة له في ميدان الانتصار والدعم للشعب، فالإعلام الذي يساهم في بلورة وعي وطني ويكشف زيف الإعلام المعادي، في في قمة الفعل والعمل وليس غائباً عن ميدان العطاء للشعب، ومن لا يعرف أهمية الإعلام (مقال، خبر، تحليل إخباري…) هو حتماً إنسان سطحي وضجيجي وقصير النظر ومتنكر لدماء الشهداء.
ولكن أي إعلام؟
طبعاً الإعلام الذي يحتاجه الشعب في مرحلة التخبّط واشتداد الأزمات، والإعلام الضروري في مرحلة التحرر الوطني أو الإنمائي الحر العادل، هو إعلام حر، يدافع عن الوطن وقضايا الشعب، لا يعتمد على مجاملة المسؤولين، ولا يعتمد على طنين الشعارات والخطابات وتسليط الضوء على فتات الإنجازات، إنه إعلام هادف، إعلام نقدي تحريضي يكشف مكامن الخلل والفساد، ويكشف زيف إعلام العدو «الإسرائيلي».
وهو إعلام هادف أيضاً، لأنّ هدفه تكون وعي وطني، وتكوين رأي عام مساند، وتعميم الثقافة الوطنية وحشد الطاقات بعيداً عن حالات اليأس والإحباط، إعلام يكشف للشعب ما يجري ولماذا يجري، إعلام وعي حركة الواقع ومساره وصيرورته، من أجل تحديد السياسات الضرورية للمعالجات والمواجهات، فالشعارات العامة والتقاط الصور لا تكفي، والإعلام السطحي لا يكفي، بل المطلوب إعلام على مستوى المرحلة، فكلّ قطاعات العمل وكلّ السياسيين والقيادات الشعبية جميعها تحتاج للوعي، والإعلام هو منبع ومصدر الوعي وبالتالي فالجميع يحتاج للإعلام وكلّ مسؤول يحدّد الإعلام الذي يريده على قياسه وعلى مستواه.
للإعلام دور تحريضي كاشف للواقع ولا يستر خللاً وعيوباً ولا يبرّر الانتكاسات والأزمات والتراجعات، بل مهمته أن يسلط الضوء عليها لمعالجتها وتجاوزها، إنه إعلام الوعي والكشف والتوضيح، هو إعلام النقد وتفكيك الوعي الزائف وهذا ميدان صراع لا يقلّ أهمية عن الميادين الأخرى العاملة بصدق دفاعاً عن الوطن وقضايا الشعب.